التعاون على الحصاد ظاهرة اجتماعية تضامنية كانت منتشرة في القرى والأرياف بولاية الكاف في مثل هذا الوقت من كل موسم.فآلات الحصاد كانت غير متوفرة ولا نجدها إلا في الضيعات الكبيرة لذلك يلجأ صغار الفلاحين إلى الاستعانة بالأهل والجيران لحصد قطعة أرض وعادة ما تكون هي الأكبر من بين أراضيه. هذه العادة لا تقتصر على الرجال فحتى النساء مدعوات لهذه المهمة الشاقة إلا أنها ممتعة في حياة سكان الأرياف ففيها تتجلى كل مظاهر التعاون والمحبة بين العائلات.وتبدأ عملية الحصاد مع طلوع الفجر باستعمال مناجل تقليدية الصنع.فالجميع يقومون بعملهم في تناسق وبحرص على قطف السنابل بعناية تامة وعدم ضياع المحصول لأنه ثمرة جهد وتعب على طول الموسم الفلاحي.وهكذا يتواصل العمل مع انبعاث أغان من هنا وهناك وزغاريد توحي للفرحة وحكايات شيقة من الزمن الجميل إلى أن يحين موعد الغداء وعادة ما يكون كسكسا تحضره ربة البيت وفوقه قطعا من اللحم من الحجم الكبير متبوعا بكأس شاي أحمر.والاستراحة هذه لن تطول كثيرا وهي شبيهة باستراحة المحارب لأخذ نصيب من الراحة قبل استئناف العمل بأكثر عزيمة وبالسرعة المطلوبة لاستكمال قطعة الأرض في زمن قياسي تجنبا للهيب الشمس الساطع.لقد مرت الأزمنة وتغير الكثير اليوم لكن تظل مثل هذه الأعمال راسخة في الأذهان.