مع الصافرة النهائية للحكم الكاميروني و إعلان تأهل المنتخب الوطني الى المربع الذهبي عقب فوزه على نظيره الملغاشي بثلاثية نظيفة، ازدحمت شوارع وساحات البلاد في كل ولاية وكل مدينة وكل قرية بالجماهير التونسية من مختلف الاعمار والاجناس للتعبير عن فرحة كبرى ترقبها الجميع منذ 15 سنة لم يحقق خلالها منتخبنا الوطني الوصول الى المربع الذهبي. ازدحمت الشوارع بكل شرائح المجتمع وتعالت الزغاريد من كل حي وارتفعت منبهات الصوت للسيارات ورفعت الاعلام واطلقت الشماريخ والالعاب النارية احتفالا بإنجاز "النسور" . فرحة التونسيين من الشمال الى الجنوب كانت تلقائية خاصة انهم انتظروها طويلا لتجمعهم كرة القدم حول راية البلاد بعد ان فرقتهم الاحزاب والصراعات السياسية وليبقى المنتخب الوطني الحلم الوحيد الذي يزرع البسمة في قلب كل تونسي مهما قست عليه الحياة. المنتخب أكبر حزب في البلاد أمواج من الفرح اجتاحت تونس من الشمال العَالي إلى الجنوب الغَالي والفضل في ذلك لأكبر "حِزب" في البلاد وهو المنتخب المُتأهل إلى المُربّع الذّهبي لكأس افريقيا بثلاثية رائعة في شِباك مدغشقر الطّموحة. وكانت فرحة الجماهير التونسية أكبر وأعظم وهي تُشاهد الملغاشي أحمد أحمد يجلس في المنصّة الشرفية وقد احمّر وجهه خَجلا بعد سُقوط منتخب بلاده بالضربة القاضية على يد الدولة التي شكّك في مناعتها الأمنية وأساء إلى سيادتها الوطنية على هامش "فِينال" "الشُومبيانزليغ" بين الترجي والوداد في راس. أحمد أحمد وجد نفسه في موقف "بَايخ" وهو يتفرّج على الانتصار الباهر لتونس التي تسبّبت له في حالة من "الإرتجاف" في حَضرة رئيس بلاده الشاب "أندري راجولينا" (وهو في عُمر يوسف الشّاهد تقريبا). الكرة توحّد التونسيين و الجزائريين سَعادة التونسيين تضاعفت لتزامن الفوز الرائع على مدغشقر بترشّح جارتنا الجزائر في مشهد تشعرُّ له الأبدان بعد أن اختلطت الدُموع التونسية - الجزائرية فرحا بهذا الإنجاز الذي "بَيّض" وجوه العَرب وأيقظ وحدتهم الضَّائعة ولاشك في أن تلك الصُّورة القادمة إلينا من غزّة الأبية وهي تحتفل بهذا النّصر العربي يُغنينا عن كلّ الكلام. طوفان من الفرح وأكد المنتخب الوطني بما لا يدع مجالا للشك أنه أكبر قوّة في البلاد مع شديد الاحترام والتَقدير للمُنظّمات الشُغلية والأحزاب السّياسية التي تُناهز 219 "فِرقة" دون التمكّن من جمع النّاس وصُنع الفرح وهو من اختصاص الفريق الوطني من أيام طارق والعقربي والكعبي وغميض وذويب في مُونديال 1978 مُرورا ب"كَان" 1996 و2004 وُصولا إلى عهد "الكِيراتين" الذي صَنع "مُستعملوه" العَجب في ملاعب مصر مُؤكدين أنه لكلّ زَمان رجاله وأبطاله. لقد أضاء المنتخب ليلنا المُظلم وأغرقنا في بحر من الفَرح في بلد يَنهشه الإحباط حتّى أنه وقع تصنيفنا في المركز 124 في مؤشّر السعادة العالمي ليقف التونسي بذلك في صفّ الدُول الأكثر تَعاسة بفعل خيباته السياسية وتدهور أوضاعه المَعيشية. لقد أدخل المنتخب البَهجة على قلوب "الكِبار" وال"صِّغار" والفقراء والأغنياء والنّساء اللّواتي أطلقن العنان للزغاريد إحتفاءً بهذا النّصر الذي أثلج صُدورنا ورفع رؤوسنا بين الأمم. وهذه الشّعبية الواسعة للمنتخب تحسده عليها الأحزاب "المُتغوّلة" وال"صّغيرة" لفشلها في كسب قلوب التونسيين الذين يُشجّعون فريقهم الوطني (أوالقومي كما يقول الآباء والأجداد) بصدق ودون نِفاق مِثلما يحصل داخل "دَكاكين" السياسة التي يُوزّع أصحابها الوعود الكَاذبة ومعها "التَعويضات" و"كرادن" الإعانات بحثا عن الأصوات تحت غطاء فِعل الخير. محبّة المنتخب لا تُباع ولا تُشترى على مرّ العصور والدهور. وقد يخذلنا الفريق ويحرق أعصابنا في بعض الأحيان ويُمتعنا ويُسعدنا أحيانا أخرى لكن المَودّة ثابتة ولا أحد منّا يتوب عن عشق منتخب البلاد وكَبير "الأحزاب". المنتخب هو "البَديل" الذي يَضمن للتونسي الفرح والتَوافق ولو لمدّة 90 دقيقة يَلتقي فيها الناس تحت النجمة والهلال ويغيب عنها ضجيج السياسيين و"شَغب" السّادة النوّاب الذين قد ينتدبون مستقبلا الفرجاني لمُجابهة أزمة الكراسي الفارغة. المنتخب هو "الحزب البَديل" الذي يلمّ شمل الملايين من التونسيين في الداخل والخارج هذا في الوقت الذي قد يضع فيه المُواطن ثقته في الأحزاب لمدّة 8 سنوات دون أن تفتح له الآفاق وتُوفّر له الخُبز والماء والدّواء وتمنعه من الموت يأسا أو"انتحارا" أوغَرقا في تخوم "لامبيدوزا" الإيطالية. عاش عاش المنتخب أكبر "حزب" في البلاد.