اثر نسبة المشاركة الضعيفة نسبيا التي سجلت في الانتخابات البلدية الجزئية ببلدية سوق الجديد كانت المفاجأة أو الصدمة يوم الأحد في باردو حيث سجلت مشاركة 11.66 بالمائة من الناخبين. تونس- الشروق: سجلت الانتخابات البلدية في بلدية باردو أمس الأول أضعف نسبة مشاركة منذ سنة 2011 حيث بلغت نسبة المشاركين 11.66 بالمائة من إجمالي الناخبين فقد شارك 5202 ناخب فقط من 44626 ناخبا في حين سجلت نسبة مشاركة الأمنيين والعسكريين 3.64 بالمائة. طرحت الانتخابات الجزئية في بلدية باردو الكثير من الأسئلة وكان أبرزها حول نسبة المشاركة غير المسبوقة خاصة ونحن على أبواب انتخابات تشريعية ورئاسية بعد أيام قليلة وقد تضعها تلك النتيجة في خطر كبير يهم نسبة المشاركة. تقوم الديمقراطية بشكل عام على عنصر أساسي لا يمكن ان تصح او تستمر من دونه ألا وهو صوت الناخب فلا يمكن ان تطلق تلك الصفة على بلد لا يختار فيه الناخب من يحكمه بكل شفافية ووضوح وفي كنف الحرية فهي تقوم على ذلك الصوت المنفرد الذي يوضع في الصندوق الى جانب اصوات باقي المواطنين «الناخبين». ومن هنا لا يمكن ان نقول ان الديمقراطية نظام هجين في تونس او مسقط فمطلب الانتخابات الحرة والنزيهة كان المطلب الاساسي للتونسي من عقود وقد تحقق في جانفي 2011 لكن الوعي به قديم لدى التونسي وتطور في نضالاته المستمرة منذ ما قبل الاستقلال الى يوم سقوط بن علي. وكانت انتخابات المجلس الوطني التأسيسي أكبر دليل على ان المواطن التونسي ينزع الى الديمقراطية ويسعى الى المشاركة في تسيير بلاده من خلال الوسائل التي توفرها له الديمقراطية وعلى راسها طبعا حق الانتخاب. وفي هذا الإطار فقد شهدت تلك الانتخابات مشاركة 4308888 ناخبا لكن بدأ ذلك العدد يتناقص منذ تلك الانتخابات بالرغم من ان عدد المسجلين في السجل الانتخابي يرتفع قبل كل محطة انتخابية حيث انه وفي انتخابات 2014 التشريعية شارك 3579257 ناخبا وتراجع اكثر في الانتخابات البلدية سنة 2018 حيث بلغ عدد المصوتين 1914239 ناخبا. كان من المفترض ان تساهم السنوات الماضية في تدعيم ركائز الديمقراطية وثقافتها في المجتمع ويصبح حق الانتخاب حقا مقدسا في المجتمع التونسي لكن شهدنا العكس فقد تراجعت الرغبة في المشاركة في ادارة الشان العام وخسرنا أكثر من نصف الناخبين بين 2011 و2018 . وفي الأثناء كانت هناك نقطة مضيئة في هذا المسار حيث ان عدد المسجلين الجدد للانتخابات التشريعية يناهز المليون ونصف المليون ناخب جديد وهو رقم قياسي لم يسجل منذ سنة 2011 كما انه يعكس رغبة في عودة نسبة هامة من التونسيين الى ممارسة حقهم وربما قد تجعل من نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية أكبر مما تم تسجيله في الانتخابات البلدية السابقة كما انه يجب ان نشير الى ان المسجلين الجدد لم يشاركوا في الانتخابات البلدية في باردو فهم مسجلون للانتخابات التشريعية والرئاسية. مفهوم الديمقراطية الديمقراطية هي أحد أشكال الحكم التي يشارك فيها كل المواطنين المؤهلين على قدم المساواة في الحكم عبر ممثلين يختارونهم بشكل حر ومباشر. وكما ان الديمقراطية تعد نظاما مجتمعيا متكاملا يتبناه المجتمع ويسير به لخلق سياسات وثقافة تفضي الى تكريس التداول السلمي على السلطة بالعودة دائما الى الناخبين. وبعيدا عن نشأتها في اليونان القديم وتطورها عبر التاريخ فان الديمقراطية هي من ابرز النظم في الوقت الراهن والتي وان وجدت صعوبات كبيرة في العالم العربي الا انها مازالت تقاوم وتمكنت من الدخول الى اذهان المواطنين لتصبح مطلبا شعبيا في أغلب البلدان العربية على الاقل. وبالنسبة لتونس فان تكريس الديمقراطية كان مطلبا شعبيا فرضته مسيرة عقود من التجارب منذ الاستقلال وكذلك فرضته الوضعية الاقتصادية حيث ان الديمقراطية تعني الشفافية والعدالة الاجتماعية وتتعارض مع الفساد وكل الظواهر المرتبطة به لكن هل تحولت الى عقلية مجتمعية او ثقافة راسخة لدى المواطن التونسي؟