كان سباقا في احياء موشحات وأزجال غنائية كادت تندثر، ونذر حياته لإعادة نبض الحياة لأنماط غنائية أصيلة تجسّد حياة العرب القدامى في البادية والصحراء وتصوّر أسفارهم وحلّهم وترحالهم. وقف على أطلال الحب والأشواق والحنين عبر الرياح والمطر والجمال الزاجل في اطار منظومة ابداعية طبيعية بسيطة التي عمل على اعادة صياغتها في حلّة لحنية طربية عربية أصيلة. إنه صباح فخري أحد الرواد في انماء ذوق فني راق في الوطن العربي ومن خلال ما قدّمه من قوالب غنائية تراثية راوحت بين الموشحات والقصائد والأغاني الفلكلورية والقدود الحلبية والمواويل والابتهالات الدينية والأدوار والأناشيد أدّاها ووثقها دعما منه لجهود المحافظة على التراث الغنائي العربي ولتبقى شاهدا على عطاء فني متميز وتجربة ابداع رائدة ستتناقلها الأجيال على مدى التاريخ. ساعة ونصف للتلفزة التونسية مثلت صائفة 1973 حدثا فنيا منفردا في مسيرة التلفزة التونسية التي لها من العمر 7 سنوات في تلك الفترة... فقد حلّ الصوت الطربي صباح فخري لأول مرة بتونس... لينشد بأحلى القدود الحلبية والمواويل والموشحات الأندلسية... كانت زيارة عابقة بأريج الابداع الطربي العربي الاصيل... في تونس على امتداد ساعة ونصف سجل صباح فخري روائع وقصائد لأبي الطيب المتنبي والحمداني وابن الفارض وابن زيدون ولسان الدين الخطيب وغيرهم كثير. كان لقاء ابداعيا استثنائيا وفي الذاكرة الرقم القياسي الذي حققه هذا المبدع الكبير سنة 1968 في كاراكاس العاصمة الفينزويلية عندما غنى أمام الجمهور على امتداد عشر ساعات دون انقطاع. مثلت زيارة صباح فخري الى تونس سنة 1973 (الأولى) نقطة البداية لزيارات فنية لصاحب الطاقة الصوتية النادرة. فقد تجدد اللقاء في صائفة 1975 من خلال أول صعود لهذا المبدع على ركح مهرجان قرطاج الدولي. صعود توّج بتكريمه من طرف الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة الذي منح وسام الاستحقاق الثقافي في تلك السنة.