عاجل/ هذا ما تقرر بخصوص الإضراب بمعهد صالح عزيز..    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية تحجز كميات من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك بولاية الكاف    القصرين: مشروع نموذجي للتحكم في مياه السيلان لمجابهة تحديات التغيرات المناخية والشح المائي    20 مؤسسة تونسية تشارك في بعثة الأعمال إلى المملكة العربية السعودية..    أولمبيك سيدي بوزيد يتعاقد مع الحارس وسيم الغزّي واللاعب علي المشراوي    جندوبة الرياضية تتعاقد مع اللاعب بلال العوني    29 إصابة خفيفة إثر انقلاب حافلة لنقل عمال بمدينة ماطر    قابس: تخرج الدفعة الأولى من المهندسين بالمعهد العالي للاعلامية والملتيميديا    عاجل/ الجامعة التونسية لكرة القدم تحذر وتتوعد بتتبع هؤلاء..    الرابطة الأولى: إياد بالوافي يمدد عقده مع النادي الصفاقسي    عاجل/ الاحتلال يصعد ويقصف 150 هدفا في قطاع غزة..    رابطة العالم الإسلامي تحذر من "التداعيات الكارثية" لإجتياح الإحتلال الصهيوني لغزة.. #خبر_عاجل    عاجل..انقطاع الإنترنت والاتصالات وتحذير من توقف الخدمة الصحية في غزة..    ارتفاع الحرارة ليس السبب...النفزاوي يكشف أسرار نقص الدواجن في الأسواق    وزارة التربية: زيادة عدد المدارس الابتدائية الخاصة    كلية الطب بتونس: إحداث اختصاص جديد للعلاج بالأوكسجين المضغوط    سفينة "لايف سابورت" الإيطالية تنضم لأسطول الصمود نحو غزة كمراقب وداعم طبي    عاجل: الإدارة الوطنية للتحكيم تجمّد حسام بولعراس مرة أخرى...علاش؟    الرابطة الأولى: تشكيلة مستقبل قابس في مواجهة النادي البنزرتي    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة مستقبل قابس    اختفاء سباح روسي في مضيق : تفاصيل مؤلمة    المقرونة: أصلها عربي و لا إيطالي؟ اكتشف الحكاية    مكتبات الشاذلي القليبي ومحمد مزالي وآخرين تنضم إلى رصيد دار الكتب الوطنية    الدينار التونسي يتراجع أمام الأورو إلى مستوى 3.4    المريض هو اللي باش يطلب استرجاع المصاريف من الكنام.. تفاصيل جديدة    وزير التجهيز والإسكان يؤكد على تفعيل الدور الرقابي للتفقدية العامة بالوزارة    الحماية المدنية: 597 تدخلا منها 105 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    مقارنة بالسنة الفارطة: زيادة ب 37 مدرسة خاصة في تونس    عاجل: الصوناد تدعو التونسيين للتبليغ عن الإخلالات والإشكاليات    الكورة اليوم ما تفلتهاش... هذا برنامج المقابلات للرابطة الأولى    عاجل: تعرف على نسب الفائدة الفعلية والمشطّة لكل نوع من المساعدات    ابحار 12 سفينة ضمن أسطول الصمود المغاربي لكسر الحصار عن غزة    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    عاجل: طلبة بكالوريا 2025 ادخلوا على تطبيق ''مساري'' لتأكيد التسجيل الجامعي..وهذا رابط التطبيقة    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    القيروان: النيابة العمومية تأذن بتشريح جثة العرّاف ''سحتوت'' بعد وفاته الغامضة    11 جريحا في حادث مرور بين سيارتين.. #خبر_عاجل    الإحتلال يقصف مستشفى الرنتيسي للأطفال بغزة    أسباب غير متوقعة وراء نقص حالات الزواج عند التونسيين    أمل جديد لمرضى القلب.. تشخيص مبكر ينقذ الحياة في دقائق    عاجل: الكشف عن إصابة نجم الأهلي المصري ''بفيروس خطير''... هل انتقلت العدوى إلى باقي اللاعبين؟ نتائج التحاليل تكشف المفاجأة    جريدة الزمن التونسي    جريدة الزمن التونسي    مرصد الفلاحة: تراجع صادرات تونس من التمور ب6%..    مولود ثقافي جديد .. «صالون الطاهر شريعة للثقافة والفنون» ملتقى المثقفين والمبدعين    طقس الليلة    فيلمان تونسيان ضمن مسابقات مهرجان الجونة السينمائي    وفاة روبرت ريدفورد: رحيل أيقونة السينما الأميركية عن 89 عامًا    مشاركة تونسية لافتة في الدورة 13 من المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة    لأوّل مرة: هند صبري تتحدّث عن والدتها    راغب علامة عن زوجته: لم تحسن اختياري    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    "غراء عظمي".. ابتكار جديد لعلاج الكسور في 3 دقائق..    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى الثانية والستين لإعلان الجمهورية التونسيّة ..الماضي... والحاضر... والمستقبل
نشر في الشروق يوم 23 - 07 - 2019

بقلم : المنصف بن فرج (برلماني وقنصل عام سابق مؤلف كتاب ملحمة النضال التونسي)
كانت تونس منذ القدم تواقة إلى أحكام دواليب الحياة عبر مختلف حلقاتها السياسية والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وهو ما جعلها سباقة في هذا الصّدد باعتمادها لعهد الأمان الذي أعده العلامة ابن أبي الضياف في عهد محمد باي حيث انبهرت أوروبا بتوجهاته الحضاريّة.
وإحقاقا للحق لا بدّ من الاعتراف بأن هناك من ملوك تونس من برزت عندهم مواقف مشرفة يوشك أن يكون فيها تحقيق لمطامح الشعب كاستقبال وفد الأربعين – محمد الناصر باي، أو من ضحوا بالعرش في سبيل الوقوف إلى جانب الشعب – محمد المنصف باي – ولكن أيضا لا بدّ من الاعتراف أيضا بأن أمثال هؤلاء كانوا بين ملوك تونس قلة قليلة نادرة بل تكاد تكون تنحصر في فرع معين من فروع شجرة الحكم الملكي بتونس. كما أن هناك الكثير من الملوك في تونس من لم يثبتوا على مواقفهم ومن باعوا تونس وقضيتها بالثمن الزهيد وكانوا فيها من الزاهدين، وعاش الشعب تحت هيمنة الاستعمار ثلاثة أرباع القرن... ولكن إرادة هذا الشعب كانت هي الأقوى... وإرادة الشعب قيل من إرادة الله... وإرادة الله لا تقهر ولا تغلب، وبفضل النضال والاستماتة وحكمة القيادة التحريرية كان له ما تمناه وعمل من أجله إلى أن أخرج المستعمر الفرنسي من البلاد وتحصل على الاستقلال التام وانجاز ما نادى به الشعب في مظاهرات 9 أفريل 1938 «برلمان تونسي»، وما إن نالت تونس استقلالها في 20 مارس 1956 حتى بادرت بعد 125 يوما فقط من تأسيس دستور قائم الذات وذلك يوم 25 جويلية 1957 انتقلت بمقتضاه صبغة البلاد من الملوكية إلى الجمهوريّة.
كيف نقرأ عيد الجمهورية قراءة معاصرة ؟
في الذكرى الثانية والستين لإعلان الجمهوريّة، كيف يمكن أن نقرأ هذا الحدث الخالد قراءة ديناميكية معاصرة وحديثة بعيدا عن النهج المعتاد القائم على سرد الوقائع التاريخية سردا مجرّدا أفاضت الكتب في ذكرها؟
كيف يمكن أن نقرأ هذا المنعرج الحاسم في تاريخ تونس قراءة منزّهة عن الأهواء والنوازع الشخصيّة من خلال قراءة موضوعيّة تنهل من الفهم الخلدوني للتاريخ ومنهجه العقلاني العلمي في قراءته ؟
ومن موقعي ككاتب ومؤرخ أرى أنّ قراءة ذكرى عيد الجمهورية تقتضي استخلاص العبر والدروس الصالحة لأجيال اليوم والكاشفة لقيمة هذا المكسب التاريخي الذي زايد عليه الكثير من الشعبويين طيلة السنوات التسع الماضية في نطاق رؤية عدمية ضيقة تفوح بنكران الجميل والتنكر لتضحيات الآباء المؤسسين للنظام الجمهوري ومحاولة طمس تضحياتهم.
من واجبنا اليوم أن نقارع هؤلاء بالحجة التاريخية من خلال تعميق إدراك الشباب لمعاني النظام الجمهوري وقيمه النبيلة التي من أجلها أفنى الأجداد والآباء زهرة أعمارهم لكسب معركة الحرّية والاستقلال ورهانات معركة البناء والتحديث والمناعة.
لقد خاب سعي الحاقدين، الشعبويين الذين عملوا جاهدين منذ تسع سنوات على تهميش أعيادنا الوطنية الأصلية وفي طليعتها عيدا الاستقلال والجمهوريّة، لكنّ الشعب التونسي مضى بعكس هذا التيار الحاقد وأثبت دائما وفاءه لإرثه النضالي ولمكاسب الدّولة التونسيّة الحديثة، وظل الحاقدون في غيّهم يعمهون.
اليوم وتونس تعيش في ظلّ أفدح أزماتها السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة يحق التطلع إلى عيد الجمهورية بعيون أكثر تبصّرا بتحديات المرحلة ومخاطرها من أجل حماية هذا المكسب من التصدّع ومن عبث السياسويين الذين أضعفوا مفهوم الدّولة ونالوا من هيبة الجمهورية بسبب نزاعاتهم وتجاذباتهم وحساباتهم الضيّقة وتكالبهم المحموم على السلطة والحكم ونحن على أبواب انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة مفصليّة دقيقة، ناهيك الأخطار الجسيمة التي لم تعهدها تونس من قبل مثل الإرهاب الذي ضرب منذ أسابيع في قلب العاصمة وسط حالة من الذهول الجماعيّ.
يجب أن يعي الشعب وخاصّة الشباب أنّ النظام الجمهوريّ ليس إرثا تاريخيا فقط بل هو لحظة متجدّدة في حياتنا تفيض معانيها باستمرار، لتحيي فينا ذلك الأمل بأنّ تونس لن تسقط مهما بدت المصاعب جمّة وضاربة، لأنّ شعبنا الأصيل فطن وذكيّ وبالمرصاد لمن تسوّل له نفسه العبث بمقاديره وبمكاسبه التاريخية، بدليل أنّ تونس ظلّت رغم صعوبة المرحلة استثناء في مشهد ما يعرف بالرّبيع العربي.
هذا العقد الاجتماعيّ والتاريخيّ الذي يشدّ المجتمع التونسي هو في تقديري الحصن المنيع للنظام الجمهوريّ الذي أرادت بعض الأطراف الراديكالية إضعافه من أجل إقامة بديل غير تونسي في هويته وطبيعته.
لكن الشعب التونسي فطن وأسقط هذه الحسابات في الماء، لأن النظام الجمهوريّ نشأ منذ بدايته على أرضيّة وطنيّة صلبة ظلت تنمو وتقوى باستمرار رغم الأزمات التي شهدتها تونس على مدار السّنوات.
إن تضحيات الزّعيم الخالد الحبيب بورقيبة ورفاقه من خيرة رموز النضال في تونس أمثال : جلول فارس والطاهر صفر ورشيد إدريس وعلي البلهوان والمنجي سليم والطيب المهيري ومن حولهم شعبنا الأصيل لن تذهب سدى في زمن تهيمن عليه الشعارات الشعبوية الحاقدة والأهواء السياسوية السيئة لأنها تضحيات ملء قلوبنا ووجداننا، حيّة باستمرار في عقولنا.
ولعلّ الواجب الأسمى اليوم هو إحياء وإذكاء جذور هذا التاريخ المجيد والمشرّف في عقول الناشئة والشباب في البيوت وفي المؤسّسات التربويّة وفي فضاءات الحياة العامّة والمجتمع المدنيّ. إنّه التواصل الحتمي والمطلوب باستمرار بين الأجيال لبناء ذلك السد المنيع في وجه المرتزقة والمتلاعبين وصائدي الفرص وأصحاب الأجندات الخاطئة.
ولا عاش في تونس من خانها وتحيا تونس الجمهوريّة دائما وأبدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.