بقلم الاستاذ مكّي العلوي (مناضل دستوري) تحتفل بلادنا بالذكرى الواحدة والستين لاعلان النظام الجمهوري، الجمهورية التي تمثل مكسبا وطنيا عظيما في تاريخ شعبنا المليء بالبطولات والأمجاد. لقد قرّر المجلس التأسيسي يوم 25 جويلية 1957 شكل نظام الحكم الممثل للسيادة الشعبية في تونس تلبية لمطالب الشعب وطموحاته. وجاء ذلك تتويجا لكفاحه وما قدمه من تضحيات جسام كللت بالنصر وتحقيق الاستقلال واسترجاع سيادته وحفظ كرامته، ومعركة 9 أفريل 1938 والمطالبة بالبرلمان والسيادة للشعب خير دليل على ذلك. لقد شكّل إعلان الجمهورية بعد سنة من كسب الاستقلال حدثا مفصليا ولحظة فارقة في تاريخ تونس المعاصر ومحطة سياسية مصيرية جاءت تتويجا لنضالات وتضحيات أجيال وزعماء وفي طليعتهم الزعيم الرمز المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة أوّل رئيس للجمهورية. اليوم وبلادنا تحيي هذه الذكرى حري بنا أن نقف وقفة المتأمل لاستخلاص الدروس والعبر من الماضي البعيد والقريب وتعمل على حماية الجمهورية لأننا نريدها جمهورية عتيدة منيعة وبيت كل التونسيين والخيمة التي تظلهم. وهم مدعوون الى الحفاظ على هذا المكسب الحضاري الذي يصب في خانة عزة الوطن ومناعته. وفي هذا ما يدعونا أكثر من أي وقت مضى الى تعزيز الشعور الوطني وأسباب الغيرة والالتفاف والانتماء لدى أجيال الشباب لهذا الوطن العزيز والحفاظ على مكاسبه وقيم الجمهورية والعمل على تطويرها والارتقاء بها الى الأفضل. لقد بات من المتأكد في هذا السياق العمل على تطوير النظام السياسي الحالي بتحوير الدستور وتعديل النظام الانتخابي خدمة للجمهورية وتعزيزا لدور المؤسسات الدستورية ونجاعة عملها ذلك أن البلاد تواجه تحديات كبرى واستحقاقات مصيرية وعلى الأطراف الفاعلة والمساهمة في قيادة مسيرة البلاد أن تضع تونس على درب الخلاص وذلك بضبط الخطط والبرامج والتصورات بما يفتح باب الأمل ويجعل التونسي يطمئن على مستقبله ويبعد عنه الخوف من المجهول وهذا ليس بالمستحيل، لأن المستحيل ليس تونسيا. ولن يتحقق ذلك إلا بالعمل والكد ونكران الذات والتفاني في سبيل المصلحة الوطنية في إطار وحدة وطنية صماء لا تزعزعها الأعاصير ولا غوائل الدهر. هذه الوحدة الوطنية التي كانت دائما مفتاح النجاح في كل معارك التحرير والاستقلال وبناء الدولة الوطنية الحديثة وتظل الضامنة لمستقبل البلاد.