تونس – الشروق: ضربت تونس أمس إثر وفاة الباجي قائد السبسي موعدا آخر مع التاريخ عندما تمكنت من تجاوز فاجعة الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية بسلاسة وبهدوء وانتقلت السلطة سلميا إلى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر. 6 ساعات فقط كانت كافية لأن تتجاوز تونس الفاجعة ولأن يقع الإعلان عن تواصل السير العادي لدواليب الدولة بعد تولي رئيس البرلمان محمد الناصر بصفة رسمية منصب رئيس الجمهورية اثر وفاة الباجي قائد السبسي. كل ذلك يؤكد أن قدر تونس على مر التاريخ هو الاستقرار والانتقال السلمي للسلطة دون إراقة دماء ودون تدخل من أي طرف كان.. وفقرة صغيرة من فصل دستوري (الفصل 84 – فقرة ثانية) كانت كفيلة بان تُحول وضعية البلاد في ظرف سويعات معدودات من حالة المخاوف والشكوك والارتباك إلى حالة اليقين وعودة الاستقرار على مستوى السلطة. تاريخ ليست المرة الاولى التي تنجح فيها تونس في تأمين الانتقال السلمي للسلطة وتجاوز ازمة شغور وقتي أو نهائي لمنصب رئيس الجمهورية. فقد كانت البداية إبان الاستقلال وتحديدا بعد إلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية في 25 جويلية 1957 عندما انتقلت السلطة بسلاسة من الملك الامين باي الى الزعيم الحبيب بورقيبة. ثم كان الموعد يوم 7 نوفمبر 1987 عندما انتقلت السلطة أيضا في ظروف آمنة ودون عنف من الحبيب بورقيبة الى زين العابدين بن علي بعد معاينة حالة العجز التام وفقا للدستور. ويوم 14 جانفي 2011 واثر مغادرة بن علي البلاد انتقلت السلطة بهدوء وسلاسة أيضا وفق الدستور إلى الرئيس فؤاد المبزع والذي سلم بدوره مشعل الرئاسة الى الرئيس المنصف المرزوقي الذي انتخبه المجلس الوطني التأسيسي رئيسا في أواخر 2011. وفي موفى 2014، تسلم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الحكم في الظروف نفسها من المنصف المرزوقي اثر فوزه في الانتخابات الرئاسية وذلك وفق ما نص عليه التنظيم المؤقت للسلطات العمومية آنذاك. 6 ساعات هذه التقاليد جعلت من انتقال السلطة أمس إلى رئيس البرلمان محمد الناصر اثر وفاة الباجي قائد السبسي لا يستغرق سوى 6 ساعات تقريبا. فاعلان وفاة الباجي كان في حدود الساعة العاشرة والنصف، وفي حدود الساعة الرابعة والنصف كان الناصر يستعد لأداء اليمين الدستورية. وكان البرلمان قبل ذلك (أي ساعتين تقريبا بعد اعلان الوفاة) سارع إلى الاجتماع وعاين حالة الشغور وكلف محمد الناصر بالمنصب تطبيقا للفصلين 84 و 85 من الدستور. تونس الاستثناء ما حصل أمس وقبله على امتداد تاريخ البلاد يصفه المتابعون والمختصون بالاستثنائي. ذلك أن وفاة اعلى هرم في السلطة (حسب النظام المعتمد) عادة ما لا تمر بسهولة وأحيانا تترتب عنها تبعات خطيرة على غرار الفوضى والانفلات الأمني وتدخل العسكر والتكالب على السلطة. لكن في تونس لم يحصل ذلك والسبب هو أن الجميع، من سياسيين ونخب وعامة الشعب والمؤسستين الأمنية والعسكرية وكبار مسؤولي الدولة على أتم الوعي بأنه لا مجال سوى للدستور والقانون والمؤسسات الرسمية لتأمين مثل هذه الفترات الصعبة التي تطرأ على الدول. التطور الكرونولوجي لأحداث يوم أمس س 10 و25 دق: وفاة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي... س 11: رئاسة الجمهورية التونسية تعلن رسميا خبر الوفاة.. س 12: مجلس النواب يعلن إلغاء الاحتفال بعيد الجمهورية س 13 : رئيس مجلس نواب الشعب يلتقي رئيس الحكومة ورئيس الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين وتتم معاينة حالة الشغور.- س13: رئيس البرلمان يعلن توليه منصب رئاسة الجمهورية وفق ما ينص عليه الدستور. س 16 و45 دق: محمد الناصر يؤدي اليمين الدستورية أمام البرلمان اثر توليه منصب رئيس الجمهورية.