تناقلت كل وسائل الإعلام في العالم أمس صورة تونس الموحدة حول رئيسها الفقيد وهي تشيعه الى مثواه الأخير وسط الرايات الوطنية وقواتنا العسكرية والأمنية والقيادات السياسية وضيوفنا من العالم اجمع. تونس الشروق: قدمت تونس يوم أمس صورة جديدة عن وزنها الحضاري والديمقراطي أيضا وكذلك صورة عن تماسكها وتضامنها في المصاب الجلل الذي أصابها بفقدان اول رئيس منتخب ديمقراطيا ومباشرة من الشعب الأستاذ الباجي قائد السبسي. صورة تونس الحضارة عكست الجنازة الوطنية تضامنا كبيرا بين مختلف مكونات المجتمع التونسي ومؤسساته الوطنية من جيش وامن وحكومة وبرلمان وشعب وانطلقت الجنازة من اقامة الرئيس في قصر قرطاج وصولا الى قاعة القصر حيث تم تابينه من الرئيس المكلف محمد الناصر ومن ضيوف تونس من رؤساء وملوك ثم تقديم التعازي لعائلته على عين المكان قبل ان ينطلق الموكب في اتجاه مقبرة الجلاز . كانت عملية التنظيم محكمة للغاية وكانت اختبارا حقيقيا لمختلف الوحدات الامنية والعسكرية التي أمنت كامل المسار الذي سلكته الجنازة يساندها في ذلك شعب مثقف يعرف كيف يودع زعيمه مع احترام الإجراءات الامنية يقابله احترام من مختلف الوحدات الأمنية والعسكرية التي رافقت الجثمان . انضباط رغم الألم كانت الصورة الاولى التي ابهرت الناس هي حسن التنظيم والانضباط الكبير ودقة التعامل مع كل مراحل الجنازة وهو ما بين ان تونس دولة لها تقاليدها ومؤسساتها القادرة على التعامل والنجاح في كل الظروف حتى ان بعض الصور تعكس عظمة ما قام به جنودنا وامنيونا الابطال فالكثيرون منهم قضوا ساعات تحت الشمس وكثيرون منهم كانوا يبكون الرئيس الراحل لكن باستثناء ما ظهر في عيونهم من دموع وحزن كانت اجسامهم مثل مجسمات رخامية لم تتاثر وحافظت على صلابة محيرة. على امتداد الطريق الصورة الثانية التي رافقتنا على امتداد مسار الجنازة هي سلسلة من المواطنين الذين تجمعوا في كل مكان يتسع للوقوف فيه من اجل توديع الرئيس وكانت الاعلام ترفرف في أيديهم الى جانب صورة الباجي قائد السبسي وفي بعض الاحيان لاحظنا وجود العلم الجزائري الى جانب العلم التونسي. في قرطاج احتشد عدد من السائحين أيضا لمتابعة مراسم الجنازة لكن الكثيرين منهم لوحوا بايديهم للرئيس في حين كانت تشكيلات عديدة تتناوب على مقدمة الركب ففي البداية رافقته تشكيلة من الجيوش الثلاثة ثم تشكيلة من الفرسان وبعدها الدراجات النارية ثم عادت تشكيلة من الفرسان مع الوصول الى محمد الخامس لتنسحب في نهاية شارع المنصف باي وتحل مكانها تشكيلة من الجيوش الثلاثة رافقته حتى مقام أبي الحسن الشاذلي حيث صلي عليه. جيش الطيران ولم يتخلف جيش الطيران حيث كانت المروحيات تتابع الجنازة منذ خروجها وقامت طائرات حربية لدى وصول الجثمان الى محمد الخامس بتحية الرئيس من الجو عبر دخان أحمر وأبيض بلون العلم التونسي. وفي الجلاز كان المواطنون بالآلاف في انتظار الموكب رفعوا ايضا صور الرئيس الراحل والعلم التونسي كما رفعت لافتات كتبت عليها شعارات تعترف بجميله وخدمته لتونس مثل «عاش عظيما ومات عظيما ... الباجي أب التوانسة رحمه الله». قضينا اكثر الوقت امام قصر قرطاج وامام مقبرة الجلاز ومن بين المظاهر التي شدت انتباهنا كغيرنا هي ان الكثير من الناس كانوا يبكون بلوعة كبيرة . في النهاية يمكن ان نقول ان الرئيس الباجي قائد السبسي حظي بجنازة وطنية مهيبة رافقتها طيلة الرحلة هبة شعبية صادقة كانت في حجم تضحياته وعظمته كرجل خدم الدولة التونسية بصدق حتى ان الكثير من المواطنين واصلوا التواجد في المقبرة رغم انتهاء المراسم.