مثّلت أغنية «لا تكذبي» علامة فارقة في المشوار الفني للمطربة نجاة الصغيرة. وهي أغنية ارتبطت بمرارة الخيانة ووجع الحب،... اغنية لا تزال إلى اليوم تستهوي الأصوات الجديدة بعد اكثر من نصف قرن على ولادتها. انه قدر الإبداع الحقيقي الصادق القوي وقدرته على تجاوز الزمن وتحقيق الخلود. تروي أغنية «لا تكذبي» المشاعر الحقيقية لكاتبها كامل الشناوي الذي كان يهيم حبا بالمطربة نجاة الصغيرة، ولم تكن تبادله نفس المشاعر. وعبّر عن صدمته ان وضع يوم لم يتوقعه امام حقيقة مرة , وهو يشاهد حبيبته في انسجام تام مع اديب هو حبيبها الذي احبته .. موقف صادم ومشهد هز وجدان كامل الشناوي وهو يرى بعينيه حبيبته التي احبها بجنون في لحظة فرح مع حبيبها.. ضاقت به الدنيا واطلق زفرة حرى ... هذه التي عشقها واحبها وهام بها غير مبالية ولا مهتمة به .. تحدث الكاتب الراحل مصطفى أمين عن هذه الأغنية في كتابه «شخصيات لا تُنسى» قائلا: «لقد كتبت هذه السطور داخل حجرة مكتبي بمنزلي بالزمالك، وهي قصيدة ليس فيها مبالغة أو خيال. وكان كامل ينظمها وهو يبكي، وكانت دموعه تختلط بالكلمات فتطمسها، ودخل ذات مرة علينا أنا والموجي البيت مسرعاً إلى غرفة المكتب، وسمعناه يتحدث للمطربة التي عشقها بصوت منتحب خافت، تتخلله الزفرات والعبرات والتنهدات والآهات، مما كان يقطع القلوب. وحكى لنا بنفسه أن المطربة كانت صامتة أثناء سماعها الكلمات لا تقول شيئاً، ولا تعلق ولا تقاطع ولا تعترض. وبعد أن انتهى كامل من إلقاء القصيدة قالت له: «كويسة أوي، تنفع أغنية، لازم أغنيها،»... وحباً فيها وللوقوف بجانبها ودعماً لمسيرتها الفنية، وافق على أن تكون هذه المشاعر الصادقة أغنية لها». أدّت نجاة أغنية «لا تكذبي» أول مرة في فيلم «الشموع السوداء» وشاركت بطولته مع صالح سليم وفؤاد المهندس وأمينة رزق سنة. بعد هذا طُلب من محمد عبد الوهاب في حوار إذاعي أن يؤدّيها باعتباره ملحنها، فأُعجب الشاعر كامل الشناوي بأدائه لها على العود وشجّعه على تسجيلها ففعل. ثم غناها عبد الحليم حافظ سنة 1963 في إحدى حفلاته بطلب من الجمهور وقرّر فيما بعد تسجيلها على أسطوانة وأثار هذا الأمر حفيظة نجاة وتردّد صدى غضبها في الصحف وقاطعته. كانت أغنية «لا تكذبي» ولا تزال شاهدة على قصة كان بطلها يعلم مسبقا أنها لن ترى النور، لكنه تشبث بها لما تعطيه من طاقة إبداعية وخيال مزهر رغم الألم. لا تكذبي تأليف كامل الشناوي الحان محمد عبد الوهاب غناء نجاة الصغيرة لا تكذبي إني رأيتكما معا ودع البكاء فلقد كرهت الأدمع ما أهون الدمع الجسور إذا جرى من عين كاذبة فأنكر وأدعى إني رأيتكما.. إني سمعتكما.. عيناك فى عينيه.. فى شفتيه.. فى كفيه.. فى قدميه ويداك ضارعتان.. ترتعشان من لهف عليه تتحديان الشوق بالقبلات تلذعني بسوط من لهيب بالهمس، بالآهات، بالنظرات، باللفتات، بالصمت الرهيب ويشب فى قلبي حريق ويضيع من قدمي الطريق وتطل من رأسي الظنون تلومني وتشد أذني فلطالما باركت كذبك كله ولعنت ظني ماذا أقول لأدمع سفحتها أشواقي إليك ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفا عليك أأقول هانت. أأقول خانت أأقولها؟.. لو قلتها أشفي غليلي.. يا ويلتي.. لا، لن أقول أنا، فقولي.. لا تخجلي.. لا تفزعي مني.. فلست بثائر أنقذتني.. من زيف أحلامي وغدر مشاعري فرأيت أنك كنت لي قيدا حرصت العمر الا أكسره فكسرته ورأيت أنك كنت لي ذنبا سألت الله الا يغفره فغفرته كوني كما تبغين لكن لن تكوني فأنا صنعتك من هواي، ومن جنوني ولقد برئت من الهوى ومن الجنون