إلى وقت قريب، كان من الصعب جدا وعيد الأضحى على الأبواب ان لا تسمع غثاء الخروف وانت تلج الى أي حي او تجمع سكني في الحاضرة كما في البادية. ومع اقتراب العيد، تتغير ملامح الانهج والازقة حتى ان «روث» الأغنام على نفور الناس منه في باقي أيام السنة، يتحول الى مشهد عادي بل ومحبذ وكذلك رائحة الصوف. ومع تطور الحياة بتعقيداتها المختلفة وتواتر المناسبات وعدم قدرة البعض على تحمل نفقات المعيش اليومي، بدا عيد الضحى يفقد شيئا فشيئا بريقه ليس بسبب ضعف ايمان الناس وتراجع الواعز الديني- فالتونسيون مؤمنون حتى وان كان بعضهم لا يقوم بأداء الفرائض- بل بسبب تدهور القدرة الشرائية والبطالة والتشغيل الهش والحيف الاجتماعي وعجز الدولة عن توفير مداخيل محترمة لمواطنيها. ان المؤكد ان التونسي لم يعد فقط عاجزا عن شراء أضحية العيد بل وكذلك لم يعد باستطاعته استهلاك اللحوم بمختلف أنواعها بشكل دوري ومنتظم بالنظر الى الارتفاع المذهل الذي شهدته أسعار لحوم الأغنام والأبقار والدواجن. الى ذلك تطور مثلا سعر الكيلوغرام من لحم « العلوش» من 14.3 دينار سنة 2010 الى 22 دينار سنة 2017 ثم 28 دينار في سنة 2019. في المقابل، تراجع معدل استهلاك لحم العلوش من 8 كغ سنة 2010 إلى 7.1 كلغ سنة 2015. ويعتبر مستوى استهلاك التونسي من اللحوم الحمراء ضعيفا حيث بلغ 11 كلغ سنة 2015 ،في حين يبلغ في فرنسا 28 كلغ للفرد الواحد في السنة منها 24 كلغ من لحم البقري، ويبلغ في المغرب استهلاك الفرد الواحد 16 كلغ في السنة.