«الشروق» مكتب الساحل: عاش جمهور مهرجان سوسة الدولي الذي حضر بكثافة في مسرح الهواء الطلق «سيدي الظاهر» ليلة فنية طربية بامتياز جمعت بين الجمل الشعرية العميقة والألحان المدروسة والأداء المقنع بطلتها الفنانة السورية فايا يونان، بعيدا عن موجة إجترار أغاني الغير وعن ظواهر الإبتذال التي طغت على المشهد الموسيقي التونسي والعربي. أدت فايا ثماني عشرة أغنية على مدى ساعة ونصف أحكم تنفيذها فرقة موسيقية من تونس بقيادة السوري ريان الهبر ،جمعت في هذه الأغاني بين القصائد واللهجة الشامية وبين المعاصر والمستوحى من التراث وأبدع في توزيعها ريان الهبر في جولة بين الإيقاعات «الرومنسية» والتراثية والمعاصرة ،وكتب كلماتها شعراء مختلفون منهم المبدع مهدي منصور وكلمات لأحد الشعراء العباسيين كلّ وضع بصمته الإبداعية من خلال صور شعرية عميقة مؤثرة صورت الحنين و العشق وحب الوطن في مختلف تجلياته ودعت رسائلها إلى الحياة والتفاؤل والتعمق في جمال الروح من دعوات ضمنتها أغاني: «حب الأقوياء»، «كيفنا تنيناتنا»،»بيتنا في بحر»، «يا ليته يعلم» مرورا ب»غنّي»، فليتك تحلو»،»يمكن نسي»، «أحب يديك»، «خلخالها»،»في الطريق إليك»، صدى موالنا» إنتاجات خاصة فنّدت مقولة ان تقديم الجديد مغامرة. أغان جمعت بين القصائد واللهجة السورية المهذبة الحُبلى بالمعاني والإستعارات والأوصاف الأدبية والمعنوية والظاهرية أخذت الحاضرين إلى تجليات فكرية وروحية عكست تعطشهم لمثل هذه النوعية من الأغاني ونظفت آذانهم مما علق من كلمات مبتذلة ، ورقصت وأرقصت فايا الجمهور بكل ما في الفن من عمق وغنت حتى بلهجة من شرق سوريا من خلال أغنية بعنوان « زمرينا ورقدينا» أي نرقص ونغني . كما أدت ثلاث أغان تونسية» الفن للفن» لمحمد الجموسي، «ريتك ما نعرف وين» للطفي بوشناق و»أحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد « للمرحوم الصغير أولاد حمد. وخاطبت الجمهور باللهجة التونسية قائلة لهم «شنوة أحوالكم يا سواحلية آني فرحانة برشة علخر محلاكم... قالولي سوسة جوهرة الساحل القيتها حقا جوهرة». كما تميزت فايا بتلقائية كبيرة على الركح سوى في حركاتها أو في تواصلها مع الجمهور مبرزة ثقة كبيرة في النفس ورهافة حس عالية . وتفاجأت بحفظ الجمهور لأغانيها فأفضى التواصل التفاعلي إلى انسجام كبير زاد في نجاح الحفل. وأرادت فايا إنهاء السهرة بأغنية «أحب البلاد» ولكن الجمهور طلب منها أغنية «موطني» والتي ما إن بدأت في غنائها حتى تجمعت الدموع في عينيها مرسخة الإحساس الكبير الذي تميز بها أداؤها لمختلف الأغاني مثلما رسخت حقيقة مفادها أن المبدع إذا كان ثابتا على توجه فني صادق يجمع بين الكلمة الهادفة العميقة واللحن المدروس الشجي لن يخذله الجمهور فاستحقت فايا هذه القاعدة الجماهيرية والشهرة الفنية رغم عمرها الفني الذي لم يتعد خمس سنوات.