سجلت تونس خلال الشهرين الاخيرين 442 حالة غرق تسببت في وفاة 31 ضحية والملفت للانتباه ان هذه الحالات توزعت على كامل الشواطئ التونسية دون استثناء... ارقام تدعوالى طرح اكثر من سؤال في علاقة بتعامل الاجهزة المختلفة مع شروط السلامة في الشواطئ التونسية. تونس (الشروق) كيف لك ان تستوعب الموقف وانت بصدد تثبيت المظلة الشمسية لتفاجا بان اطفالك الثلاثة ابتلعهم البحر. هذه عيّنة من الماسي التي عاشتها تونس خلال هذه الصائفة... عائلة اصيلة ولاية زغوان قدمت الى مدينة المنستير لقضاء اليوم على شاطئ البحر لتصطدم بغرق اطفالها الثلاثو قبل حتى ان يثبّت الاب المظلة الشمسية. ومثل هذه الماسي هي 142 حالة غرق تم تسجيلها خلال هذه الصائفة ادت الى وفاة 31 شخصا من بينهم 8 اناث وذلك الى حدود 20 جويلية الفارط وربما يرتفع الرقم قبل نهاية موسم الصيف. ومن المنطقي ان تثير هذه الارقام اسئلة عديدة في علاقة بشروط السلامة في الشواطئ التونسية. وامام ارتفاع حالات الغرق في شواطئ بنزرت، اتخذ مثلا والي الجهة محمد قويدر قرارا بمنع السباحة بشاطئ «القطعاية» والمعروف باسم « البوغاز» في معتمدية غار الملح وأيضا بالشاطئ الصخري المعروف باسم « البونته» في منطقة سيدي علي المكي. وفي ولاية نابل، تدخل المقدم زياد شقرون عن الادارة الجهوية للحماية المدنية في نهاية شهر جويلية الفارط لدعوة الأولياء الى الانتباه وتكثيف المراقبة لأطفالهم اثناء السباحة داعيا « المصطافين إلى السباحة بحذر وعدم المجازفة نظرا لاضطراب البحر ووجود دواوير وتيارات مائية مما يشكل خطرا على حياتهم». الى ذلك، استنادا لمصدر في الحماية المدنية ، فإن أخطر الشواطئ التي عادة ما تتدخل فيها الحماية المدنية هي شواطئ كاب سيراط وكف عباد والكازمة من ولاية بنزرت وشواطئ المنشية وبوجعفر الكازينووهرقلة من ولاية سوسة و شاطئ القراعية من ولاية المنستير وشاطئي سليمان وعين عتروس من ولاية نابل. النجدة المفقودة تقوم منظومة النجدة على الشواطئ التونسية اساسا على الوحدات التي تنشرها الحماية المدنية كل صائفة بمختلف المناطق الساحلية اضافة الى الاستعانة بمنقذين من الشباب يحسنون السباحة وعادة ما يتلقون تكوينا يؤمنه الديوان الوطني للحماية المدنية في الاسعافات الاولية وغيرها من التدخلات السريعة التي تتطلبها حالات الغرق. وامام ما تعيشه البلاد من اوضاع امنية خاصة، تشتت مجهود الحماية المدنية التونسية بين مكافحة الحرائق التي تندلع خاصة في فصل الصيف بالمناطق الغابية والفلاحية. وامام تواضع الامكانيات اللوجستية والبشرية للديوان الوطني للحماية المدنية التونسية، بات من الصعب على هذا السلك القيام بالمهام المنوطة بعهدته على الوجه الاكمل. واعترف في شهر افريل 2017 المدير العام للديوان العميد معز الدشراوي بضعف الامكانيات والنقص في العنصر البشري اذ تعد الحماية المدنية التونسية 6300 عون وضابط لتعداد سكان يبلغ 11 مليون نسمة اي ان تونس تحتكم على 0.05 بالمائة عون حماية وطنية لكل مواطن في حين ان المعدل العالمي يبلغ 5 بالمائة عون لكل مواطن. ومع ذلك توفر الحماية المدنية كل صائفة 227 نقطة حراسة على الشواطئ التونسية يسهر عليها 200 عون اشراف و2000 سباح منقذ. ثقافة البحر تشير كل الارقام والتقارير التي توردها دوريا الحماية المدنية التونسية ان اغلب الذين يتعرضون الى حالات غرق هم من سكان المناطق الداخلية. ومن الطبيعي ان يتصدر سكان المناطق الداخلية قائمة ضحايا البحر نظرا لعدم توفر المسابح في غالبية الولايات الداخلية واستحالة تعليم السباحة للناشئة ومن ثمة تمكينهم من ثقافة بحرية تقي من الغرق في المياه المفتوحة. وقد يجهل البعض ان الاطفال هم اكثر عرضة للغرق لذلك ينصح الموقع المتخصص الوقاية التابع لمنظمة الصحة العالمية بضرورة مرافقة ومراقبة الاطفال متى كانوا في علاقة مباشرة بالماء. ويذكّر الموقع بان « الغرق يمثل ثالث أهمّ أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمّدة في جميع أنحاء العالم، حيث يقف وراء حدوث 7% من مجموع تلك الوفيات المتعلقة بالحوادث. ويعد السن من الاسباب الرئيسية المرتبطة بالغرق. وغالبا ما يتم الربط بين هذا العامل وبين هفوات المراقبة. في حين تقع أعلى معدلات الغرق في العالم بين صفوف الأطفال من الفئة العمرية التي تتراوح بين عام واحد و4 أعوام، تليها فئة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 أعوام. وان كانت السباحة امرا ممتعا فذلك لا يعني عدم التقيد بمعايير السلامة ومنها ان تعي معاني ألوان أعلام الشواطئ، واحترمها، فلا تسبح أبدا في حالة العلم الاحمر وضرورة السباحة في الأماكن الآمنة التي يوصي بها المنقذون ويوجدون بها مع عدم السباحة بعد تناول الطعام مباشرة، حتى لا يحدث شدٌّ عضلي مفاجئ. عدم ترك الطفل يسبح وحده حتى لوكان ماهراً بالسباحة. ويوصي الخبراء بضرورة فهم معنى ألوان الأعلام على الشاطئ، فالعلم الأبيض يعني مسموح بالسباحة والبحر هادئ، والأحمر يعني مسموح السباحة، لكن البحر خطر ويجب عدم الدخول في عمق البحر والانتباه لنداء المنقذين، والأسود يعني غير مسموح بالسباحة إطلاقاً. والانتباه لأهميَّة الجلوس في الظل لعدم التعرُّض لضربة شمس، تجنباً للدوار داخل البحر وعدم النزول للبحر في أوقات الذروة ما بين العاشرة صباحاً وحتى الثالثة أوالرابعة عصراً اضافة الى الانتباه لقناديل البحر لأنَّ لسعتها مؤلمة وأحياناً سامة مع مراقبة حركة الطفل أثناء السباحة لتجنب ابتلاع الماء ومواصلة مراقبة الطفل بعد السباحة والانتباه لحالة الغرق الجاف ومعرفة أعراضه. وقد لا يفهم الجمهور العريض معنى الغرق الجاف وهو حالة من حالات الغرق تحدث بعد الخروج من الماء بساعة إلى 24 ساعة، وذلك نتيجة دخول كمية كبيرة من الماء إلى الرئتين عن طريق الخطأ. والخطير في الأمر أن الطفل يمكن أن ينهض ويعود إلى حالته الطبيعية بعد دخول الماء إلى الرئتين، ويتصور الأهل أنه أصبح بخير، ولكن تظهر بعض الأعراض في ما بعد وقد تؤدي إلى الوفاة. ومن اعراضه، الإصابة بالسعال وذلك نتيجة حدوث تهيج في الرئتين، وتقوم بإفراز سوائل تؤدي إلى صعوبة التنفس وتقيؤ الطفل. اضافة الى الخمول وكثرة النوم فيشعر الطفل بالنعاس وعدم القدرة على مقاومة النوم لفترة طويلة والهزال العام في الجسم مع الام في الصدر نتيجة نقص الأكسجين في الدم فيتعرق الجسم بصورة مبالغة وقد يتغير لون البشرة إلى الأزرق.