منذ أكثر من 70 عامًا على بدء الصراع بين الهندوباكستان، يعود الاضطراب مرة أخرى، الى الواجهة من بوابة اقليم كشمير المتنازع عليه، وهو ما جعل اجراس الحرب الرابعة تدق بين هاذين البلدين النوويين. أزمة اقليم كشمير ليست وليدة اللحظة، فمنذ أكثر من سبعين عاماً تتنازع هاتان القوتان النوويتان تبعية هذا الإقليم، كما ظل مصدر توترات عسكرية ودبلوماسية قوية بين البلدين منذ رحيل الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية عن الهند عام 1947. حتى ان هاذين البلدين خاضا سابقا ثلاثة حروب سنوات 1948 و1965 و1971، خلفت قرابة 70 ألف قتيل وعشرات آلاف المفقودين وملايين من النازحين. ما أفاض الكأس هذه المرة هو إلغاء نيودلهي للحكم الذاتي في الجزء الخاضع لإدارتها من كشمير ذات الاغلبية المسلمة، وهو ما جعل اسلام آباد ترد بطرد السفير الهندي وتعليق التجارة الثنائية. كشمير الهندية، هي المنطقة الوحيدة ذات الغالبية المسلمة في الهند، وهو واقع يزعج القوميين الهندوس في حزب " بهاراتيا جاناتا"الحاكم والمتطرف، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي . وكان فوز حزب مودي في الانتخابات ، التي أجريت الربيع الماضي، حافزا كبيرا للقوميين الهندوس لرفع صوتهم أعلى، والدفع باتجاه فرض السيطرة الهندية الكلية على هذا الجزء من كشمير. باكستان التي سارعت الى رد الفعل بقوة وقال جيشها انه سيذهب في هذه الازمة الى استعمال جميع الخيارات، تتخوّف من أن يفتح هذا الإجراء الهندي أبواب الولاية أمام استقرار القادمين من خارجها بصورة، ربما تؤدي إلى تغيير الوضع الديموغرافي. كما تخشى اسلام آباد من احتمال تدفق كبير للهندوس على كشمير الهندية، حيث أن تغيّر ديموغرافية المنطقة سيؤدي إلى ترجيح الكفة الجيوسياسية في تلك المنطقة، لصالح الهند. بينما تبني نيودلهي قراراها هذا على أن باكستان تمول متشددين مسلحين وجماعات انفصالية في الجزء الخاضع للهند من كشمير، وهو أمر تنفيه اسلام آباد بشدة. هاذين البلدين الجارين والعدوين اللدودين يقفان تماما على فوهة بركان خامل قد لا يمكن السيطرة عليه مع اندلاع اول شرارة للمواجهة وهو ما سيجعل منطقة جنوب شرق آسيا امام نار ستحرق الجميع. اندلاع حرب بين الهندوباكستان سيعني كابوسا عالميا كبيرا فالطرفان يمتلكان اسلحة نووية تقدّر بنحو 130 رأسا نوويا لكل منهما ولن يترددا ابدا في استعمالها وهو ما سيعني دمارا هائلا وضحايا لا يمكن تخيّل اعدادهم. العالم وخاصة الدول الكبرى والمجاورة لهاذين البلدين، تدرك جيدا اثار هذه الحرب ان اندلعت لذلك بدأت الاصوات تتعالى وتنادي بالتهدئة لأن النار ستطال الجميع وقد تتدحرج الامور الى حرب عالمية. لذلك فإنه من المهم جدا ان تسارع المنظمات الدولية الى الأخذ بزمام الامور وإعادتها الى نصابها إما بالوساطة أو بجمع الطرفين من أجل حوار مباشر يجنب المنطقة ويلات الحرب.