كراس وشمسيات تمتد على مساحات لا يمكن الدخول إليها إلا بمعلوم ، وحبال، وحواجز، وخيمات... مظاهر تعترض كل مصطاف يريد التمتع بأحد شواطئ سوسة. الشروق - مكتب الساحل: هذه الوضعية باتت تبعث الحيرة لدى المواطن الذي ليس له متنفس غير البحر. يقصده بحثا عن الراحة وهروبا من ضغوطات حياته. ولكنه يصطدم بضغوطات أخرى. وهي الإنفاق من أجل الانتفاع بمساحة في البحر أو العناء من أجل إيجاد مكان يحقّق فيه ولو جزءا من المتعة. تذمر واستياء من عدة مواطنين أدت إلى حالة احتقان وصلت الى درجة القيام بوقفة احتجاجية أمام شاطئ بوجعفر منذ مدة. وطالب فيها بعض المواطنين والناشطين في المجتمع المدني ومنهم مستشارون بلديون بأدنى حقوقهم ليس شاطئا نظيفا بل مكان في الشاطئ يستريح فيه مع عائلته أو مع نفسه بعد أن ضيّق عليه محتكرو الشواطئ لغايات تجارية صرفة مما خلق اكتظاظا كبيرا في المساحات المسموح بها للعموم بالجلوس. مسؤولية من؟ حبيب الساحلي قال ل»الشروق» : «أنا متقاعد. أغتنم الصيف للتمتع بالبحر. وأتمنى أن يكون نظيفا ولا يقف عند حملات النظافة الموسمية مثلما نرجو من السلط الجهوية مراقبة الشاطئ وتخصيص أماكن للمصطافين». ودعمت عائشة خلف الله كلامه قائلة : «النظافة يجب أن تكون مسؤولية الجميع. فعلى المواطن بصفة رئيسية أن يحافظ على نظافة المكان الذي يجلس فيه. وربما حالة الاكتظاظ هي التي تسببت في تراكم الأوساخ. فهناك ازدحام في الشاطئ لضيق المساحات المخصصة بسبب احتكار أصحاب النزل والخواص مساحات شاسعة من الشاطئ». وأضاف محمد شعبان وهو أستاذ علوم طبيعية «أعتبر استغلال النزل مساحات كبيرة من الشاطئ تجاوزت المساحة المسموح بها وعلى المواطن أن يختار أمكنة أخرى بعيدة عن النزل لتجنب الاكتظاظ والصدامات». أما بخصوص دور المجتمع المدني في المحافظة على نظافة الشاطئ وتأمين الراحة للمصطاف فقالت ريم السعيدي رئيسة جمعية بيئية «أكسيجين» بالمسعدين «كجمعية نحن نساهم في الحملات التي تنظمها البلدية. ودورنا يكمن خاصة على مستوى الوعي لدى المواطنين. وهو الأهم. ومن المفروض أن يساهم أصحاب النزل ومالكو المظلات الشمسية في نظافة الشاطئ وفي راحة المواطن لا العكس. ولكن للأسف أصبحوا مصدر إزعاج للمواطن،رغم أنّني لست ضد المساحات الخاصة في الشاطئ بمقابل. ولكن شريطة التنظيم والتخفيض من المعاليم والالتزام بما يسمح به القانون». وفي لقاء بوالي سوسة عادل الشليوي أكّد على البعد التحسيسي مضيفا أنه على المستوى الجهوي والمحلي هناك حملات بيئية بمختلف مظاهرها. ولكن تبقى رمزية ما لم يتفاعل معها المواطن ويحافظ على مجهودات مختلف الأطراف في الشاطئ. وهناك عدة مشاريع منها التي نفذت ومنها ما هو بصدد التنفيذ تخص الأودية القريبة من البحر والنظافة بصفة عامة وبالتنسيق مع مختلف الإدارات قصد حماية شواطئنا وجهتنا ككل». تكتم وتعتيم تُعتبر الوكالة الجهوية لحماية الشريط الساحلي بسوسة الإدارة الأكثر غموضا لحرص المسؤولين فيها على التكتم والاحتراز من كل إعلامي. وقد قال المدير الجهوي للوكالة بسوسة أيمن المجبري، (قبل أيام من مغادرة منصبه) « انطلقنا منذ شهر أفريل في عملية تنظيف الشواطئ ، وبالنسبة الى التجاوزات الحاصلة على الشاطئ فقد كثفنا المجهودات بالتعاون مع مختلف الأطراف من أجل القضاء على كل تجاوز قانوني سواء من طرف المتحصلين على تراخيص أو غير المرخص لهم. ونعتمد أكثر على شكايات المواطنين». وحول إمكانية توفير مساحات مهيأة في بعض الشواطئ المخصصة للمواطن بصفة مجانية أضاف المجبري :»كانت الوكالة سابقا قد أسندت بعض التراخيص الى البلديات قصد تهيئة بعض الشواطئ يستغلها المواطن بمعلوم رمزي. لكن ربما هذه البلديات لم تجد من ورائها مردودية مالية. ورأت أن يكون هناك تداول بين منطقة بتراخيص مسندة الى القطاع الخاص ومنطقة مفتوحة للعموم مع تأكيدي على أن كل الشواطئ هي مفتوحة للعموم. وليست حكرا على فئة دون أخرى. ومن جانبه قال ممثل عن الوكالة الوطنية لحماية المحيط فرع الوسط الشرقي فوزي يونس «نقوم بالمجهودات اللازمة في مجال تنظيف الشاطئ في حدود مسؤوليتنا وبالمراقبة الدورية على طول الشريط الساحلي بالتنسيق مع الإدارات الأخرى. وكلما طرحت إشكالية نرسل خبراءنا للمساعدة على حلها. وتبقى النظافة مسألة عقلية مع أهمية دور التوعية والتحسيس». مياه البحر ومياه الصرف الصحي ... تعاني أكبر الشواطئ في سوسة مثل بوجعفر، والمنشية، وشط مريم وغيرها من اكتساح مياه الصرف الصحي مما خلق حالة من الاستنفار لدى المصطافين خاصة أبناء تلك المناطق الذين لهم دراية بالموضوع. وللاطلاع على أسباب هذه الوضعية التقت «الشروق» بالمدير الجهوي للتطهير لسعد عربود فأكّد أنّ «تعهدات ديوان التطهير في الموسم الصيفي تتمثل في شفط مياه المائدة المائية. ومنذ شهر ماي وضعنا المضخات والمكلف بذلك قام بدوره، وبالنسبة الى منطقة شط مريم مبدئيا لا يتكفل بها ديوان التطهير. وهناك مشروع قائم الذات يخصها. ولكن هناك إشكال يخص توفير أراض من طرف البلدية لتركيز محطات الضخ وبمجرد حل المشكل العقاري سننطلق في طلب العروض». وكان شاطئ «سيدي عبد الحميد» واحدا من أنظف الشواطئ وأجملها إلا أنه في السنوات الأخيرة تمّ منع السباحة فيه جراء التلوث حسب جهات صحية.