ارتبط اسم الطاهر الحداد بحركة تحرير المرأة في تونس ولعل ذلك يعود الى انه أول من ألف كتابا مستقلا يحمل لواء هذه الدعوة ثم ما ارتبط به عمله من ضجة فتحت أبواب الجدل والسجال والبحث في إبان حياته وبعد وفاته. والطاهر الحداد أحد المصلحين الخالدين في تاريخ تونس والوطن العربي حيث تصدى لأمر جديد جليل في فترة من فترات الظلام فترة سيطر فيها الجمود وتونس تقاسي مرحلة من أدق مراحل حياتها حيث امتحنت بالنفوذ الأجنبي في صورة الاحتلال الفرنسي في تونس والسيطرة الاقتصادية والاجتماعية والفكرية على العالم الاسلامي كله. في صيف 1930 كانت صيحة الطاهر الحداد من الصيحات القليلة المثيرة التي ارتبطت بأمر من أخطر الأمور للمجتمع وهو المرأة التي كانت تعيش في أغلال من الجهل والجمود والحجاب ولم يكن الرجل يراها إلا أداة متعة أو خادمة منزل وقد غطت ظلمات الجهل والرجعية والتقليد جميع حقوقها الاساسية التي أباحها لها الدين الاسلامي الحنيف وتقهقرت مكانتها في المجتمع حتى لم تعد شيئا مذكورا بعد ان كانت بارزة المكانة واضحة الأثر. من أجل هذا كانت الدعوة الى تحرير المرأة عند الطاهر الحداد تستند الى نصوص الدين ولا تخرج عن الحق الشرعي الذي منحها الاسلام إياه. كانت صائفة 1930 لحظة فارقة في حياة كل التونسيات بصدور مؤلف «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» ... مؤلف انتصر لحرية المرأة وحقها في الحياة الكريمة... مؤلف أثار حفيظة الرجعيين والمتزمتين وكان صاحبه عرضة للتشويه والتنديد والاضطهاد لكن التاريخ انصفه اليوم وانتصر لرأيه الحصيف والريادي والخالد. جاء كتاب «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» في مائة وأربعين صفحة من القطع المتوسط وقد طبع بالمطبعة الفنية بنهج الكنيسة (نهج جامع الزيتونة اليوم) ويشتمل الكتاب على قسمين: القسم التشريعي ويتضمن 5 أبواب: المرأة في الاسلام الاسلام يحارب الزنا الزواج في الاسلام قبل الطلاق الطلاق في الاسلام ويختم هذا القسم بأجوبة بعض علماء تونس عن أسئلة وجهت اليهم حول الموضوع. أما القسم الثاني فهو القسم الاجتماعي وفيه خمسة عشر فصلا ويظهر أن الطاهر الحدّاد قدم القسم التشريعي على القسم الاجتماعي تجنبا لإتهامه بالخروج عن أحكام الدين، فأراد أن يقيم الدليل على أن الاسلام لا يخالف مذهبه الاصلاحي.