تمر، في 13 أوت الجاري، سنة على مبادرة قايد السبسي التشريعية للمساواة في الإرث بين الجنسين. ويأتي مرور هذه الذكرى بعد أيام قليلة من وفاة الرئيس قايد السبسي الامر الذي يطرح السؤال حول وريث السبسي في التقاط هذه المبادرة سياسيا؟ تونس الشروق: خلال السنتين الأخيرتين حاول الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي الالتحام مجددا بقضايا النساء وهو الذي وصل الى قصر قرطاج بمليون صوت لنساء تونس فكانت مبادرته في 13 اوت 2017 لتشكيل لجنة للحريات الفردية والمساواة تراستها النائبة النسوية بشرى بالحاج حميدة لجرد كافة النصوص القانونية التي لا تتلاءم مع روح المساواة التامة التي اقرها دستور 2014 في فصله 21 " المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء امام القانو من غير تمييز. تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم". انهت هذه اللجنة تقريرها في جوان 2018 فكانت حملات التشويه سياسية بامتياز لقطع الطريق ضد أي تأسيس للحريات الفردية والمساواة. قضية مصيرية كانت هناك قناعة بين الناشطات النسوية بانّ تبنّي رئيس الجمهورية لمسالة المساواة في الإرث هو امتياز لابدّ ان يمنح للنساء باعتبارها قضية مصيرية. وهو ما حصل في 13 اوت 2018 حيث اعلن الرئيس عن مبادرته التشريعية في احداث قانون ينص على المساواة في الإرث وتمريره للبرلمان للمصادقة عليه وذلك في وقت تسيطر فيه حركة النهضة على اغلبية المقاعد في البرلمان ويعلن قاداتها رفضهم التام لهذه المبادرة. وكان الرئيس مدفوعا بقناعة ضرورة إتمام المساواة بين الجنسين وتفعيل ما اتى به دستور الثورة وهو الذي توجد ناشطة نسوية شرسة ضمن الفريق العامل معه في قصر الرئاسة وهي المستشارة سعيدة قراش. وكانت الناشطات في المجال النسوي تؤكدن بان افضل ما قد يقدّمه قايد السبسي للنساء هو التقاط مقترح المساواة في الإرث خاصة في ظلّ فترة سياسية تتواجد فيها قوى ثيوقراطية تتهدد مكتسبات النساء. وكانت سعيدة قراش، الناطقة الرسمية باسم الرئاسة، قد اكدت في البرلمان ان المساواة في الإرث هي مسالة اقتصادية بالأساس وليست مسالة دينية وانها "تنزيل للدستور الذي جاء بالعديد من الحقوق والحريات ووضع الدولة امام ضرورة حمايتها وتطويرها وهو جانب قانوني بحت وكل طرف يدافع عن موقفه سواء بالدعم او بالرفض وعليه يجب عدم خذلان المراة التونسية". كما قالت قراش إنّ "مسالة المساواة في الإرث اقتصادية قبل ان تكون دينية باعتبار ان المراة تساهم في تكوين الثروة العائلية والمراة التونسية بصفة عامة لها دور فعال في البلاد" منددة بوجود "تلاعب بالحقائق القانونية والسياسية من اجل التمترس وراء فكرة حرمان النساء من حقهنّ" وهو امر مرفوض حسب تعبيرها. وواجهت سعيدة قراش والنائبة بشرى بالحاج حميدة حملة تشويه واسعة من قبل رافضين للمساواة في الإرث وبلغ الامر حدّ تهديد بالحاج حميدة بالقتل وتكفيرها. موقف حركة النهضة لم تنته المسألة بعدُ هكذا تقول الناشطات النسويات "فنحن اقتلعنا حقوق من المتسربلين بالظلام" كما تقول يسرى فراوس رئيس الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات. وتعتزم الناشطات النسوية وهنّ صاحبات المبادرة في المساواة في الإرث منذ نهاية التسعينات الى العودة مجددا للتعبئة والتنظّم لاطلاق حملة مناصرة جديدة لمسالة المساواة في الإرث باعتبارها "قضية مصيرية" على حد تعبير الرئيسة السابقة للنساء الديمقراطيات سناء بن عاشور. وهكذا لم تنته المبادرة التشريعية للرئيس الراحل عند رفّ معطّل في البرلمان وحتّى لا تكون هذه القضيّة ضحيّة التوافقات السياسية خاصة في فترة انتخابية يصعب فيها التقاط أي طرف سياسي للمبادرة باعتبار عدم التكافؤ في التوازنات السياسية فإنّ قضية المساواة في الإرث ستكون قضية حاسمة خلال السنوات القادمة وفقا لما تؤكده كل المؤشرات. وفي الذكرى الثلاثون لتأسيسها هتفت ناشطات النساء الديمقراطيات مساء الثلاثاء في متحف قرطاج الاثري للمساواة واعدات بالعودة مجددا للضغط من اجل التزام كل الفاعلين السياسين بتطبيق ما نصّ عليه الفصل 21 من الدستور وفي مقدمتها المساواة التامة بين الجنسين. احتفالية غابت عنها رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة بشرى بالحاج حميدة لاسباب قد تكون امنية باعتبار وان المراة ما تزال مهددة من قبل قوى الردّة والتكفير بسبب ما جاء في تقرير الحريات الفردية والمساواة كما غابت عنه سعيدة قراش. وتأمل الناشطات النسويات في اطلاق حملة مناصرة قوية لمسالة المساواة في الإرث خاصة مع وجود ائتلاف مجتمع مدني مؤمن بهذه القضية وقادر على تحقيق الضغط المطلوب للدفع بمبادرة الرئيس الراحل نحو المرور السليم للتصويت لها تحت قبة البرلمان القادم خاصة وان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي سبق وان اعلن انه تسلّم شخصيا رسالة من رئيس حركة النهضة الباجي قايد السبسي حول موقف الحركة من تقرير الحريات الفردية والمساواة والتي حملت إيجابيات واحترازات تاركا مسالة نشر هذه الرسالة للراي العام للاطلاع عليه لحركة النهضة. يسرى فراوس (رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات) «على هذه الأرض ما يستحق المساواة تونس الشروق (استماع): أسماء سحبون توجهت يسرى فراوس رئيس الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في كلمتها خلال الاحتفال بالذكرى 30 لتاسيس الجمعية مساء الثلاثء 6 اوت الجاري بأربع رسائل أساسية حول مسالة المساواة في الإرث. وقالت فراوس ان الجمعية كانت نقطة ضوء يلتقي فيها المعنفون والمعنفات وان العالم شهد للجمعية رغم حملات التشويه ضدها منذ 2011 بالصمود و"قدّمنا البرهان بالوقوف في وجه الردّة". واعتبرت انه كلما تقلبت الأوضاع كانت حقوق النساء في خطر. كما قالت تنه فيما يتعلق بحقوق النساء ومنها التناصف في الترشحات في الانتخابات "لم نعد أسماء منظمات بل صرنا إئتلاف صامد نجح في اقتلاع مكاسب". واعتبرت ان الحملة ضد مسالة المساواة في الإرث كانت الغاية منها "الخوف من إعطاء الرئيس الراحل شوف هذه المبادرة" مضيفا "سالونا هل فقدنا نصيرا وهل ستواصلون؟". وفي رسالة أولى توجهت بها الى الرئيس بالنيابة محمد الناصر بان يلتقط المبادرة "وهو الذي وصل الى قرطاج بطريقة سلسلة ديمقراطية في زمن يكافح فيه الشعب من اجل حقوقه الاقتصادية والاجتماعية ويكافح فيه من اجل الكرامة وحتى لا تتراجع حقوق الانساء وحتى لا تموت العاملات في مؤخرات السيارات الفلاحية" داعية إياه للسهر على تطبيق الدستور والمضي في اطار المساواة في الإرث مضيفة "حتى المتسربلون بالظلام اقتلعنا منهم حقوق". وفي رسالة ثانية موجهة للفاعلين السياسيين تقول فراوس "نحن مصدومات اين النساء في قائماتكم الانتخابية. هن رقم صعب في المعادلة الانتخابية فامضوا الى التناصف ولبرنامج يعطي النساء حقوقهنّ كاملة. وفي رسالة ثالثة موجهة للبرمان تقول فراوس "بيننا وبينكم المحكمة الدستورية نريد محكمة ليست بالتوافق وكل الهيئات الدستورية التي لم تجددوها هي دين في ارقابكم". وفي رسالتها الرابعة والأخيرة تقول فراوس للتونسيات "اخترن الاصلح للبلاد وامضين لمن يزين الحياة الدنيا وليس لمن يزين لكنّ الجنة فالجنّة قد تكون أغلقت أبوابها فنحن تعلمّنا من التونسيات انه على هذه الأرض ما يستحق المساواة".