تبعا للجدل المتواصل لشبهة تزوير تزكيات المترشحين، تحركت الهيئة في سياق نشر تزكيات النواب وطرحت منهجية جديدة تتلقى وفقها الطعون في مقراتها الفرعية، فهل تبدو هيئة الانتخابات اليوم قادرة على احكام صرامتها في الموضوع ؟ تونس (الشروق) وأثارت عملية نشر تزكية النواب للمترشحين للانتخابات الرئاسية انتقادات ضاعفت حجم المسؤولية المناطة بعهدة هيئة الانتخابات وذلك قياسا باللخبطة التي رافقت العملية. فبينما صرح عضو الهيئة عادل البرينصي يوم الخميس الماضي بأنهم راسلوا البرلمان وسيتم نشر تزكيات النواب يوم الجمعة، اعتبر العضو محمد التليلي المنصري ان الهيئة ليست ملزمة قانونا بنشر التزكيات، وذلك قبل تدخل رئيس الهيئة واعلانه نشر التزكيات البرلمانية يوم السبت وهو ماتم فعليا بعد ظهر أول أمس. ارتدادات نشر قائمة تزكيات النواب كانت لها اثار متعددة الجوانب، فأكدت الهيئة من خلال مانشرته أن النائب ماهر المذيوب زكى كل من الياس الفخفاخ وحاتم بولبيار، وأن النائب عبد الرؤوف الشابي قد زكى بدوره كلا من نبيل القروي وسليم الرياحي، واوضحت الناطقة الرسمية باسم الهيئة حسناء بن سليمان في تصريح للشروق أنه تم احتساب التزكية الاولى و عدم اعتماد الثانية. ونشر قائمة المزكين من النواب لم يقطع السجال الدائر منذ اسبوع بشأن ضرورة نشر القائمة، وذلك لان القائمة المنشورة كانت محل اعتراض من عدة اطراف، حيث اعلن ماهر مذيوب انه لم يزك سوى الياس الفخفاخ بطلب من رئيس الحزب راشد الغنوشي، كما اوضح عبد الرؤوف الشابي أنه لم يزك سوى مرشح وحيد، فيما شددت النائبة كريمة التقاز من حركة النهضة على انها لم تزك حاتم بولبيار وانها زكت عبد الفتاح مورو كما تتحدث مصادر من النهضة عن تزكية مفقودة من قبل النائب البشير اللزام لعبد الفتاح مورو. وكان بالامكان تفادي هذه اللخبطة لولا وقوع الهيئة في خطأ اداري يتعلق بنشر قائمة غير محينة وفق ما أكدته مصادر من الهيئة نفسها، وفي هذا السياق اعتبر العضو السابق للهيئة سامي بن سلامة ان جميع المترشحين تزكياتهم قانونية وان القائمة المنشورة يوم السبت لم تكن محينة ولم تتضمن تسوية جميع الوضعيات بعد تمكين المرشحين من التدارك. ويتعلق الاشكال الحاصل بالسلطة التقديرية التي تتمتع بها هيئة الانتخابات وفقا للفصل 126 من الدستور، فلئن ذهبت في اقرار احتساب التزكية الاولى و اسقاط الثانية للنائب الواحد بناء على توقيت الادلاء بالملفات فان وجهات نظر قانونية اخرى ترى انه من الممكن للهيئة الغاء جميع تزكيات المترشح عقابا له على عملية التزوير ويمكن للقضاء مراقبة هذه القرارات، فهل أن الهيئة قادرة على اتخاذ قرارات صارمة في هذا السياق؟ تفاعلا مع هذا التساؤل تبرز جملة من العقبات مختلفة المستويات، فأولا لابد من تبيان ما ان اصحاب التزكيتين قد اعتمدا فعلا تزكيتين لمترشحين مختلفين ام أنّهم تداركوا الخطأ في الاجال القانونية أم أن خطأ في الرقن قد تسرب ام ان الامر يتعلق بشبهة تدليس من قبل المترشح. هذا الحسم يتطلب قانونا مسارا قضائيا يبدأ بالطعن ويتواصل بمباشرة التحقيق للبت في المسألة وحسمها، ويبدو ان هيئة الانتخابات قد تصرفت وفق الاليات المتاحة وفتحت هيئاتها الفرعية لتلقي الطعون دون الذهاب الى الخيار الاقصى المتعلق باسقاط قائمة المترشح قبل التثبت في التزكيات موضوع الجدل. في المقابل احالت حالة التردد التي شقت مجلس هيئة الانتخابات قبل نشر قائمة النواب المزكين للمترشحين الى امكانية وجود ضغط سياسي حاول الحيلولة دون نشرها خشية من افتضاح امر بعض النواب، غير أن مضي الهيئة في نشر التزكيات النيابية على الرغم من اللخبطة التي رافقت العملية لاقت ايضا استحسانا واسعا من قبل جمعيات المجتمع المدني الناشطة في المجال. وكشفت مصادر مطلعة ان هيئة الانتخابات تبذل مساعي متقدمة في سياق اتخاذ قرارات صارمة في حال ثبوت وجود تلاعب بالتزكيات وذلك عبر ممارسة سلطتها التقديرية. في المحصلة، تحتاج هيئة الانتخابات الى سند قوي خاصة من قبل قوى المجتمع المدني للصلابة والتماسك في المسار الانتخابي، وهي مدعوة اكثر من اي وقت مضى الى الانسجام والوحدة والتواصل لضمان حسن ادارة المرحلة الانتخابية ‹›المفخخة›› بمطبات عدة تعكسها حالة التشرذم السياسي في المشهد. الرياحي يقاضي أكد المترشح للانتخابات الرئاسية سليم الرياحي أنّه سيتخذ الإجراءات القانونيّة ضدّ النائب عبد الرؤوف الشابي عن ولاية توزر، الذي قام بتزكيته بإعتباره نائبا سابقا عن الاتحاد الوطني الحر، وتزكية نبيل القروي. وأكّد أنّه سيقوم بالتثبت إن كانت التزكية الثانية التي انتفع بها نبيل القروي كانت في إطار صفقة أو عملية تحيل. وكان عبد الرؤوف الشابي قد أكد انه زكى مرشح وحيد ولا علم له باقحام اسمه في تزكية ثانية، كما اوضح مصدر من هيئة الانتخابات انه بعد تدارك المترشحين في الاجال القانونية تم تصحيح التزكيات حيث الت تزكية الشابي لنبيل القروي وليس لسليم الرياحي. الهيئة على الخط تبعا للجدل بشأن التزكيات أعلنت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، فتحها سجلا وطنيا، لقبول اعتراضات المواطنين، من خلال نص كتابيّ يتم إيداعه في مقرات الهيئة المختلفة، من أجل المتابعة القانونية والقضائية لمن سوّلت لهم أنفسهم التلاعب بالتزكيات.