يمنع القانون الانتخابي خلال الفترة الحالية الإشهار السياسي والدعاية الانتخابية ونشر عمليات سبر الآراء والتعليق عليها. إلا أن بعض الأطراف استغلت عدم وضوح القانون بالشكل الكافي لتخرقه. تونس (الشروق) ينص القانون الانتخابي في الفصل 172 أنه يحجر خلال الفترة الانتخابية- وهي المدة التي تضم مرحلة ما قبل الحملة الانتخابية وفترة الحملة الانتخابية وفترة الصمت - بثّ ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والاستفتاء والدراسات والتعاليق الصحفيّة المتعلقة بها عبر مختلف وسائل الإعلام. كما ينص في الفصل 57 أنه يحجّر الإشهار السياسي في جميع الحالات خلال الفترة الانتخابية. والإشهار السياسي وفق الفصل 3 هو كلّ عمليّة إشهار أو دعاية بمقابل مادي أو مجانا تعتمد أساليب وتقنيات التسويق التجاري، موجهة الى العموم وتهدف إلى الترويج لشخص أو لموقف أو لبرنامج أو لحزب سياسي، بغرض حثّ الناخبين أو التأثير في سلوكهم واختياراتهم عبر وسائل الاعلام السمعية أو البصريّة أو المكتوبة أو الإلكترونيّة، أو عبر وسائط إشهاريّة ثابتة أو متنقلة، مركزة بالأماكن أو الوسائل العمومية أو الخاصة. خرق داخلي وقع خرق هذا المنع بطريقة غير مباشرة من قبل بعض شركات سبر الآراء التونسية مستغلة في ذلك غموض القانون. فالفصل 172 من القانون الانتخابي لا يمنع القيام بعمليات سبر الآراء بل يمنع فقط «بثّ ونشر نتائج سبر الآراء والدراسات والتعاليق الصحفيّة المتعلقة بها عبر مختلف وسائل الإعلام». وهو ما جعل بعض شركات سبر الآراء تنجز عمليات استطلاعات راي في المدة الاخيرة وتُعول على تسريب النتائج على مواقع التواصل الاجتماعي وليس عبر وسائل الاعلام. وفي المدة الاخيرة ذكر مواطنون أنهم تلقوا مكالمات من هذه الشركات تطلب منهم الادلاء باسم المترشح الذي سيصوتون لفائدته. كما تحدث البعض عن تسريب بعض النتائج على موقع فايسبوك. خرق «أجنبي» هذا المنع وقع خرقه أيضا من بعض الأطراف الأجنبية مستغلة في ذلك عدم وضوح القانون بالشكل الكافي من حيث سريانه على وسائل الاعلام وشركات سبر الآراء الاجنبية. وهو ما فسح المجال أمام شركات أجنبية للقيام بعمليات سبر آراء ويقع نشرها على وسائل اعلام اجنبية على غرار ما قامت به مؤخرا شركة سبر آراء قيل انها سويسرية ونشرت نتائجها وسائل اعلام عربية. وفي هذا السياق أورد تطبيق «KPEIZ» المختص في التحاليل أن 17 من جملة 26 مترشحا للانتخابات الرئاسية التونسية تُدار صفحاتهم من مشرفين ببلدان بالخارج وهو ما يعني ان هؤلاء المترشحين يُعولون على «الخارج» للقام بالاشهار السياسي وللوقوف وراء بعض عمليات سبر الآراء في دول اجنبية ويقع نشرها في وسائل اعلام اجنبية ولا ينطبق عليها القانون. فايسبوك يفسح عدم وضوح القانون المجال ايضا امام الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة موقع فايسبوك للقيام بالاشهار السياسي لفائدة المترشحين واحيانا للقيام بعمليات سبر آراء ونشر نتائجها، وهو ما من شأنه ان يؤثر على إرادة الناخبين ويُشوه العملية الانتخابية.. وفي المدة الأخيرة قام تطبيق KPEIZ بعمليات رصد للصفحات الرسمية للمترشحين لرئاسة الجمهورية ثم وقع نشر النتائج التي تضمنت ترتيب المترشحين حسب عدد التفاعلات من قبل المتابعين وحسب أكبر قاعدة متابعين، وهو ما اعتبره بعض المراقبين نوعا من أنواع الدعاية والاشهار وخرقا للقانون الانتخابي. غير أن المشرفين على تطبيق KPEIZ اعتبروا أنه وقع رصد المعطيات الرقمية المتاحة للعموم التي يوفرها موقع فايسبوك في إشارة الى ان ذلك لا يدخل تحت طائلة المنع الوارد بالقانون الانتخابي. تحرّك الهيئة في المدة الاخيرة، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنها شرعت في توجيه التنابيه للصفحات المُموّْلة على الفايسبوك ضمانا لشفافية العملية الانتخابية وقالت انها تعمل على توفير ظروف متساوية لكل المترشحين للاستحقاق الإنتخابي وترفض عمليات التشويه والسبّ التي تعتمدها عدة صفحات مُموَلة. غير أنّ ذلك يبقى غير كاف ما لم تتحرك الهيئة بشكل فعلي وصارم تجاه المترشحين الذين يخالفون موانع القانون الانتخابي. كما اتضح مع تقدم الأيام أنّ القانون الانتخابي بات في حاجة الى مراجعة جذرية ليكون أكثر وضوحا وصرامة مع كل أشكال تشويه العملية الانتخابية في المستقبل. عقوبات جاء في الفصل 154 من القانون الانتخابي أن كل مخالفة لأحكام الفصل 57 من هذا القانون يترتب عنها خطية مالية من 5 آلاف إلى 10 آلاف دينار. وينص الفصل 143 على ان الهيئة تتثبت من احترام الفائزين لأحكام الفترة الانتخابية وتمويلها. ويجب أن تقرّر إلغاء نتائج الفائزين بصفة كلية أو جزئية إذا تبيّن لها أن مخالفتهم لهذه الأحكام أثّرت على نتائج الانتخابات بصفة جوهرية وحاسمة وتكون قراراتها معللة. وفي هذه الحالة يقع إعادة احتساب النتائج دون الأخذ بعين الاعتبار الأصوات التي تمّ إلغاؤها.