اثار قرار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس بإصدار بطاقتي إيداع بالسجن ضد الأخوين القروي جدلا واسعا بين رجال القانون حول مدى صحتها من الناحية القانونية وحول كيفية قراءة الفصل 117 من مجلة الاجراءات الجزائية. تونس (الشروق) وتباينت الآراء بين مؤيد ومعارض لدائرة الإتهام واعتباره «فضيحة قانونية «. تمسكت الوكالة العامة بمحكمة الاستئناف بتونس بقانونية قرار دائرة الاتهام وفي هذا الإطار اوضح الناطق الرسمي باسم محكمة الاستئناف بتونس صابر الحرشاني ل « الشروق « ان دائرة الاتهام مارست صلاحياتها طبق القانون ملاحظا أن دائرة الاتهام يمكن لها أن تصدر بطاقة ايداع في حق المتهم في كل وقت وفي كل حال من الأحوال طبق ما نصت عليه مجلة الاجراءات الجزائية وتنفذ البطاقات القضائية من قبل القوة العامة (من الفصل 112 إلى الفصل 117 ) فضلا عن أن دائرة الاتهام وبوصفها تحقيق درجة ثانية تنظر في الملف المعروض عليها برمته ومن جديد. قرار سياسي أم قانوني ؟ ومن جهة أخرى أفاد الحرشاني أن النيابة العمومية لم تستأنف قرار قاضي التحقيق القاضي بالابقاء على الأخوين القروي بحالة سراح مشيرا إلى أن الأحكام القضائية لا تناقش إلا في إطار الطعون المخولة قانونا. وهنا اوضح مصدر قانوني ل»الشروق « ان النيابة العمومية خول لها المشرع صلب الفصل 80 الطعن في قرار ابقاء المتهم بحالة سراح في اجل 4 أيام من تاريخ الاطلاع ومر الأجل ولم تطعن النيابة و وافقت قاضي التحقيق في قراره القاضي بعدم إصدار بطاقة ايداع. في المقابل تباينت الآراء في صفوف المحامين حول قانونية تفعيل الفصل 117 في ملف الأخوين القروي وبين اعتبار قرار دائرة الاتهام «قرارا سياسيا « الغاية منه التنكيل بنبيل القروي باعتبار وان الفصل 116 والفصل 117 يهمان نظر دائرة الاتهام في الأصل اي عند ورود قرار ختم البحث عليها. والنصوص القانونية تؤخذ في سياقها علاوة على ان موضوع الأخوين القروي هواستئناف لقرار احترازي ( تحجير السفر وتجميد الاموال ) وبالتالي فان دائرة الاتهام لا يمكنها في هذه الوضعية ان تنظر الا فيما تسلط عليه الطعن وهناك من المحامين من راى أن قرار دائرة الاتهام سيتم الطعن فيه بالتعقيب، إلا أن السؤال المطروح يتعلق بمدى قبول مطلب التعقيب من الناحية الشكلية ، على اعتبار أن موقف محكمة التعقيب ا غير مستقر في هذا المجال. فعادة ما ترفض المحكمة مطلب التعقيب شكلا وتعتبر أن القرار الصادر عن دائرة الإتهام لم يكن في الأصل، وأنه تطبيقا لأحكام الفصل 258 وما بعده من م إج فإن هذه الفصول تحصر إمكانية التعقيب في القرارات والأحكام الصادرة في هذا الشأن. ومن جهة ثانية فإن بطاقة الإيداع وفي جميع الحالات يجب أن تكون معللة ومن هنا يأتي دور محكمة التعقيب في إعمال رقابتها على مدى صحة إجراءات وقانونية بطاقة الإيداع بما يضمن الحماية الكاملة من كل تعسف. وفي جانب آخر أفاد مصدر قانوني «الشروق « بخصوص مطلب الإفراج ان هناك حالتين فقط يجوز فيها تقديم مطلب الإفراج لدائرة الاتهام الحالة الاولى هي عندما تتعهد بأصل الملف بعد صدور قرار ختم البحث والحالة الثانية عندما يقدم مطلب الإفراج لقاضي التحقيق ويقع رفضه ضمنيا. وتساءل :»ما هي الحالة التي ستتطبق في ملف نبيل القروي؟ وهل يجوز لقاضي التحقيق ان يفرج على مظنون فيه أودع بالسجن بموجب قرار من دائرة الاتهام ؟ جمعية القضاة على الخط من جانبه دعا المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس إلى إصدار توضيح ضاف للرأي العام بالتنسيق مع الناطق الرسمي للقطب القضائي الاقتصادي والمالي بالمحكمة الابتدائية بتونس بخصوص المسار الإجرائي للقضية وآخر التطورات الحاصلة به، وعدم الاكتفاء بالتصريحات المقتضبة، باعتبار شفافية الإجراءات من الضمانات الأساسية للحقوق والحريات حفاظا على الثقة العامة في القضاء . و اوضح المكتب التنفيذي للجمعية انه وحرصا منه على سلامة المناخ والسياق الانتخابي في هذا التوقيت الحساس الذي تمر به البلاد وعلى إثر الإجراءات القضائية التي اتخذت ضد رجلي الأعمال نبيل وغازي القروي بتاريخ 21 أوت 2019 في نطاق القضية المتعهد بها القطب القضائي الاقتصادي والمالي وما أثارته تلك الإجراءات من ردود فعل مختلفة فإنه يدعوأيضا في هذا الظرف شديد الحساسية إلى الموازنة بين الحق في الحوار العمومي عبر وسائل الإعلام والنأي بالقضاء عن التجاذبات والتوظيفات السياسية. واكد على الدور الأساسي للقضاء في احترام الحقوق والحريات لكل مواطن داعيا عموم القضاة إلى العمل على ضمان تلك الحقوق والحريات باستقلالية وتجرد وأمانة. كما دعا المجلس الأعلى للقضاء إلى تحمل مسؤولياته طبق صلاحياته الدستورية في ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله واتخاذ كل الإجراءات المتربة عن ذلك في هذه الظرفية الحساسة والبلاد مقبلة على الاستحقاقين الانتخابيين الرئاسي والتشريعي . واكد المكتب التنفيذي للجمعية مواصلته متابعة المسألة وتطوراتها. التفقدية العامة أكد مصدر مطلع بوزارة العدل «للشروق « أن وزير العدل محمد كريم الجموسي أذن بتعهيد التفقدية العامة للبحث في ملابسات إصدار بطاقتي الإيداع في حق الأخوين القروي والتثبت من سلامة الإجراءات القانونية المتبعة.