تونس (الشروق) أحدث عبد الكريم الزبيدي المرشح للانتخابات الرئاسية منعرجا جديدا في الحملة الانتخابية، فقد مثّل تصريحه ب»أنّ الجيش كان على وشك التدخل في ما سمي بالخميس الأسود لمنع البرلمان من الانعقاد اذا ما نجح في ما وصفه بالانقلاب على الشرعية»، امرا مفاجئا، وحمل معطيات خطيرة من شأنها تهديد المناخ الانتخابي العام. وأثارت تصريحات الزبيدي حول وجود نوايا لانقلاب يوم الخميس الأسود، جدلا واسعا داخل مختلف الأوساط السياسية، ورجّحت بعض المصادر المطلعة أن تكون تلك التصريحات في باب المزايدات الانتخابية لا غير، خاصة أنّ حملة الزبيدي باتت هي الاخرى منجرّة الى استخدام مختلف الأسلحة الدعائيّة والانتخابيّة في ظل ما يتعرّض له مرشحهم من حملات تشويه وشيطنة. والسجال حول حقيقة الخميس الأسود والحديث عن وجود سيناريوهات للانقلاب على الشرعية يحيطه جدل واسع بين من يرى في الثقافة الديمقراطية وجوب انارة الرأي العام بكل الحقائق ومن ينادي بالترفق بالمسار الديمقراطي الذي لا يحتمل خروج رجل الدولة عن واجب التحفظ وشحن الأجواء والدفع بالصراع الانتخابي إلى المساس بالخطوط الحمراء التي يجب ان تبقى في منأى عن المزايدات والتجاذبات السياسية والانتخابية، والتساؤل هنا هل كان من الواجب إثارة المسألة اليوم؟ في هذا الصدد يؤيد البعض صواب تصريحات الزبيدي في اتجاه كشف حقيقة أحداث شابها الكثير من الضبابيّة والغموض لأنّ الديمقراطية تقتضي ذلك. في حين يرى آخرون أنّه كان من المستحسن عدم التطرق لمثل هذه المواضيع باعتبار دقّة المرحلة وتواصل السباق الانتخابي الرئاسي ونظرًا أيضا الى طبيعة الجيش التونسي الذي عُرف بحياده ومدنيته. وجب التذكير بأن الجيش التونسي جيش وطني شعبي ومنضبط. وما فتئ منذ تأسيس نواته الاولى يحمي البلاد من الاخطار الخارجية ويساهم في المجال التنموي. وقد حدد الفصل 18 من الدستور مهامه في الاضطلاع بواجب الدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة ترابه ودعم السلطات المدنية وفق ما يضبطه القانون ولا شيء غير ذلك. والثابت والأكيد أن تاريخ تونس وحاضرها ومستقبلها أيضا محكومة بطابعها المدني خلافا لدول أخرى تلعب فيها المؤسسة العسكرية دورا في الحكم او في الانقلاب عليه. بل ابعد من ذلك إن الجيش التونسي بشهادة العالم كان ولا يزال يسهم بغزارة في انجاح الانتقال الديمقراطي، وذلك عبر اسهامات متعددة منها تأمين الانتخابات وحماية الشريط الحدودي من كل خطر داهم. لقد أثبتت التجربة الديمقراطية التونسية في أحلك المحطات التي مرت بها قدرا عاليا من احترام المؤسسات وأحكام الدستور المنظمة لتدخل مختلف السلط، وحدّا بالغا من الحكمة والاحتكام الى المؤسسات السياسية في إدارة الاختلافات والخلافات، فلا خوف إذن على ديمقراطيتنا الناشئة. ولعلّ مثل هذه التصريحات التي فاجأ بها عبد الكريم الزبيدي الرأي العام لا تعدو أن تكون سوى مسايرة وانسياق في المجادلات الانتخابوية والصراعات المشحونة. فدونما شك فقد أربكت تلك التصريحات خصومه وأحدثت منعرجا في الحملة الانتخابية الرئاسية التي تجري وقائعها هذه الأيّام. وبالعودة الى سياقات الاحداث في بلادنا، فانه من المهم التأكيد على أنّ مثل هذا الجدل حول المؤسسة العسكرية التي هي محل إجماع وطني قد تواتر في الكثير من المناسبات بسبب عدم وجود المحكمة الدستوريّة التي يُساهم تواصل غيابها في ترك فراغات ومجالات واسعة للتكهّن أو التفكير في سيناريوهات أو مخططات قد يكون البعض منها ضارا بالمسار الديمقراطي واستقرار البلاد. عبد الفتاح مورو تصريحات تمس بالأمن الوطني قال المرشح عن حركة النهضة عبد الفتاح مورو ان ما ادلى به الزبيدي يندرج في سياق حملته الانتخابية، واستغرب مورو صمت الزبيدي كل هذه الفترة وعدم إدلائه بهاته المعلومات مشددا على أن هذه القضية تمس بالأمن الوطني التونسي ومن غير المعقول السكوت عنها مدة طويلة ثم طرحها وقت الانتخابات.