احتضنت قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة، مساء أمس الخميس 05 سبتمبر 2019، موكب أربعينية الرئيس الراحل محمد الباجي قايد السبسي. تونس (الشروق) كما كشف الديبلوماسي أحمد ونيس، الرئيس الشرفي للجمعية التونسيّة للأمم المتحدة، الجهة المنظمة للأربعينية، بالتعاون مع وزارة الشؤون الثقافية، كانت هذه المناسبة وطنية وعائلية، حيث لم يتمّ توجيه الدعوة إلى ضيوف من الخارج أو أعضاء السلك الدبلوماسي لحضور موكب الأربعينية، بينما حضر هذا الموكب، إلى جانب عائلة الفقيد، أعضاء الحكومة ومجلس نواب الشعب وقيادات الأحزاب والمنظّمات الوطنية والجمعيات وثلة من الضيوف المقرّبين من الرئيس الراحل. وتضمن موكب الأربعينية عدة فقرات تتناول بالخصوص عرض أفلام وثائقيّة عن مسيرة الفقيد والتذكير بمناقبه وبمختلف المسؤوليات السياسية التي تقلدها من خلال شهادات لشخصيات وطنيّة، عايشته على غرار الرئيس الأسبق فؤاد المبزع والوزير الأسبق العميد الأزهر القروي الشابي، ورئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي. بداية موكب الأربعينية كانت مع قراءة آيات من ذكر الله الحكيم وقراءة الفاتحة، ليفسح المجال للرئيس السابق فؤاد المبزع الذي عدد مناقب الفقيد الباجي قائد السبسي، ومقدما لمحة عن مسيرته النضالية من تخرجه إلى غاية ترجله إلى مثواه الأخير وهو رئيسا للجمهورية، وأكد في ختام كلمته أن السبسي «عاش رجل دولة بامتياز ومات زعيما». «سي الباجي» الكلمة أو الشهادة الثالثة في موكب الأربعينية كانت للسيدة وداد بوشماوي، التي اختارت أن تتحدث عن الفقيد بعبارة «سي الباجي» معتبرة أنه بعد الجنازة المهيبة وبعد ذلك الحب الذي عبر عنه التونسيون تحت الشمس الحارقة، يصعب الحديث عن رجل استثنائي، هو رجل الوفاق والتوافق ورجل التحديات، الذي قاد السفينة باقتدار في مرحلة صعبة جدا، وكان رجل دولة استثنائي، ستبقى ذكراه خالدة في ذكرى يوم عيد الجمهورية. واستحضرت بوشماوي، كيف طلب منها الفقيد أن تتولى رئاسة الحكومة، وأمهلها أقل من 24 ساعة للتفكير، لكنه كان متفهما لعدم قبولها اقتراحه، ومقدرا لاختيارها، كما لم تفوت فرصة الحديث عن دوره الكبير في حصول الرباعي الراعي للحوار الوطني على جائزة نوبل للسلام، خاصة وأنه من قام بترشيح الرباعي الراعي للحوار، وهو ما اعتبره الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل «نبذ الذات واختيار مكانة تونس، لأن السبسي كان هو المرشح لنيل جائزة نوبل للسلام». «البجبوج» الطبوبي في مستهل كلمته، ترحم على الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، معتبرا أنه ليس فقيد تونس فحسب بل هو فقيد الساحة السياسية والدولية، ورجل دولة ورجل وفاق متشبع بقيم الدولة والنظام الجمهوري، رجل عاشر قامات وزعماء كبارا، رجل لا يمكن أن تفيه الكلمات حق قدره ومكانته. الأمين العام للاتحاد اختار، أن يتحدث عن الفقيد كما يناديه أغلب التونسيين، أي «البجبوج»، واستعرض عديد المواقف النضالية للفقيد من تجميد عضويته والتحاقه لاحقا بحركة الديمقراطيين الاشتراكيين، وتقديمه استقالته من مجلس النواب واعطائه الثقة للرباعي الراعي للحوار...، وروى اللقاء الذي جمع النقابي أحمد التليلي بالسبسي لما كان محاميا شابا في بداية مسيرته، وتكليفه بالدفاع عنه فأنقذ الباجي قائد السبسي أحمد التليلي من الإعدام... وأضاف الطبوبي: «في أزمة 78 دافع السبسي عن النقابيين وعن الإتحاد.. اليوم الوفاء ليس في الخطابات، بل في الممارسة، فيوم جنازته، هو رسالة وعبرة إلى السياسيين، رسالة في أن الشعب التونسي يرى البجبوج رجل الدولة الذي يحافظ على النمط المجتمعي للتونسيين... ومن لا يفهم الرسالة فتلك مشكلته...». وتابع الطبوبي في ذات السياق: «نحن اليوم في حاجة إلى قامة سياسية تدافع عن سيادة الدولة، وأن نكون أوفياء للباجي قائد السبسي، علينا أولا أن نحافظ على عائلته وأن نصون كرامة عائلة الباجي قائد السبسي.. لا للظلم لا للإستبداد..» كان هذا الكلام آخر ماجاء على لسان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، وقد قاطعه التصفيق الحار في ردهات كلمته المرتجلة، التي تلتها قصيدة رثائية رائعة للشاعر الجليدي العويني.