رئيس الجمهورية ينتخب مباشرة من قبل الشعب ومطالب بالإنصات لتطلعاته في الجهات، غير أنه عمليا يمارس صلاحيات عامة واستشرافية في الغالب في ظل طبيعة النظام السياسي الموجود، هذه المفارقة تدفع بأغلب المترشحين الى اطلاق وعود موجهة أساسا لكسب الاصوات. تونس-الشروق وبمقتضى الفصل 74 من الدستور فإن رئيس الجمهورية ينتخب مباشرة من الشعب في كل الدوائر الانتخابية، وهذا الامر يدفع المترشحين الى ضرورة التوجه نحو الجهات خلال الانتخابية للإنصات الى المشاغل والتفاعل معها أملا في كسب الاصوات، في المقابل تبدو صلاحيات الرئيس المبينة في الفصول من 77 الى 84 من الدستور متصلة بعموميات تحديد بعض السياسات والاتجاهات الكبرى. ولمحاولة التوفيق في هذه المعادلة التي تبدو مختلة يجد عدد من المترشحين المخرج في إطلاق وعود تتجاوز الصلاحيات حينا وتمتد الى مخاطبة الوجدان احيانا والهدف من ذلك كسب أكبر عدد ممكن من الاصوات عبر التعلل في غالب الاحيان بأن صلاحيات الأمن القومي قد تمتد الى كل الملفات تقريبا. وعود خارج السياق وأقفل الاسبوع الاول من الحملة الانتخابية على اطلاق العديد من الوعود الوهمية قياسا بالصلاحيات الحقيقية لرئيس الجمهورية والتي تنحصر في ضبط السياسات العامة للدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي وبعض التعيينات في مستويات محددة مرتبطة في الغالب باستشارة رئيس الحكومة أو باقتراح منه. وفي هذا السياق تعهد المترشح عبيد البريكي خلال زياراته الجهوية بالحط من ميزانية رئيس الجمهورية، وقال المترشح عبد الكريم الزبيدي أنه سيتصدى للمضاربين ويحارب غلاء الاسعار، وركز المترشح يوسف الشاهد على الدفع في سياق التمييز الايجابي بين الجهات،وتحدث مهدي جمعة عن بعث وكالة للتنمية الجهوية، وشدد المترشح عبد الفتاح مورو على فتح آفاق لتشغيل الشباب، وتحدث المترشح المنجي الرحوي عن أولويات اجتماعية،فيما قال المترشح لطفي المرايحي ان اولياته القضاء على البطالة، واكد المترشح حمادي الجبالي على تحويل وجهة القيروان الى قطب عربي وافريقي وتعهد فريق حملة نبيل القروي بعقد اجتماعي ضد الفقر. كل هذه الوعود وغيرها هي وعود وهمية وفق تصريح رجل القانون و المحامي أكرم الزريبي ل»لشروق» حيث انها في المجمل تتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية وهو عاجز على تنفيذها في حال وصوله الى قصر قرطاج. أصل الداء في الدستور وعن أسباب إطلاق هذه الوعود الوهمية على الرغم من إدراك المترشحين بعدم تحقق اغلبها يبين الاستاذ أكرم الزريبي أن اصل الخلل كامن في الدستور، واعتبر المتحدث ان القائمين على كتابة الدستور ذهبوا في اعطاء رئيس الجمهورية منصبا شرفيا على غرار الانظمة البرلمانية ثم تراجعوا عن ذلك نسبيا من خلال مقاسمته لبعض الصلاحيات في ادارة السلطة التنفيذية مع رئيس الحكومة على المنوال الفرنسي تقريبا. وعلى هذه الشاكلة يرى الزريبي أن الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية هي صلاحيات يمكن اعتبارها جامعة ومتفق عليها بين كل التونسيين، وبشكل موضوعي فان مجالاتها تنحصر في النقاش الاكاديمي الذي يهم النخبة من حيث ضبط السياسة الخارجية وغيرها من الملفات التي لا تفرض تمايزا بين المترشحين. ونظرا لان هذه الصلاحيات تبدو في طابعها العام لا تهم كثيرا الناخب خاصة في الجهات المحرومة وعموم المواطنين المتطلعين الى حلول اقتصادية واجتماعية فانها وفق المتحدث لا تعنيهم بشكل مباشر والحال أنهم هم من سينتخبون رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن كل مترشح وفق اكرم الزريبي مدفوع الى التمايز في خطابه السياسي عبر الوعود الكاذبة والتي تناشد تحقيق مطالب هي في الحقيقة لا يمكن لرئيس الجمهورية تحقيقها اطلاقا. وخلص الزريبي الى أنه كان من المفترض ان يتم انتخاب رئيس الجمهورية الفاقد للصلاحيات الاجتماعية والاقتصادية من قبل البرلمان طالما ان النظام السياسي هو برلماني بما يجنب المترشحين مواصلة الضحك على الذقون واطلاق وعود وهمية متعددة في الجهات. التكالب على الأصوات دافع للعزوف هذه الوعود الوهمية والتي يتم اطلاقها من قبل جل المترشحين طمعا في كسب اصواتهم يمكن ان تؤدي الى نتائج عكسية نحو الترفيع من نسب العزوف كما يبين ذلك المدير التنفيذي لمرصد شاهد لمراقبة الانتخابات الناصر الهرابي. وبيّن الناصر الهرابي في تصريح ل››الشروق» أنّ مهام رئيس الجمهورية بحسب دستور2014 تختلف عما يسوقه معظم المترشحين للانتخابات الرئاسية، لافتا الى ان رئيس الجمهورية يمثل رمز وحدة الدولة ويضمن استقلالها واستمراريتها ويسهر على احترام الدستور، كما يمثل الدولة ويضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والامن القومي وغير ذلك من الاختصاصات الحصرية. ولاحظ المتحدث ان أغلبية المترشحين تناولوا اختصاصات الحكومة سواء عن سوء فهم أو عن دراية بهدف استمالة الناخبين، لايهامهم بإمكانية تحقيق مطالب مؤجلة منذ الثورة وهو مايفسر تنقلهم في الجهات وتقديم الوعود بشأن مشاريع حيوية تبقى حكرا على الحكومة. ويخلص الهرابي الى ان غاية كل مرشح كانت وماتزال كسب الأصوات عبر استعطاف الجماهير بخطب وجدانية اقرب الى القلوب من التصديق، لافتا الى ان ذلك له نتائج سلبية قد تؤدي الى اتساع رقعة العازفين. مهام رئيس الجمهورية وصلاحياته -رمز وحدة الدولة والضامن لاستقلالها واستمراريتها -تمثيل الدولة -ضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والامن القومي بعد استشارة رئيس الحكومة -حل البرلمان في حالات معينة -ترؤس مجلس الامن القومي واعلان الحرب وابرام السلم بموافقة ثلاثة اخماس البرلمان -تعيين مفتي الجمهورية والتعيين في الوظائف العليا لرئاسة الجمهورية -تعيين محافظ البنك المركزي باقتراح من رئيس الحكومة -ختم القوانين والاذن بنشرها -تقديم مبادرات تشريعية الى البرلمان -عرض مشاريع القوانين على الاستفتاء