مقبرة وتعرف أيضا بالجبّانة، ومعناها في اللغة الأرض القفراء، خارج المعمورة بالسكّان والمساكن. وإذا كان من خصائص المجتمع القديم اختلاط الأموات بالأحياء فإنّ الفصل بين هؤلاء وأولئك صار عادة عبر العصور فأصبحت المقابر خارج المدن والقرى، ووراء الأسوار – إن وجدت – مقابل أبواب المدينة شأن تونس العاصمة حتّى تسمّى بباب الجنائز باب الجامع المفتح على الجادّة المتّجهة صوب المقبرة، كما هو الحال في جامع الزيتونة بتونس والجامع الكبير بباجة وبتستور. وإذا خصّص للأشراف جانب من المقبرة – أو مقبرة خاصة بهم – كالجناح الأخضر بالقيروان ومقبرة الشرفيين بالكاف متّصلة بالحيّ المعروف بهم فإنّ المقابر قد أحاطت بتونس العاصمة من ثلاث جهات، وكانت أكثر عددا ممّا هي عليه اليوم. والمشهورة منها مقبرة الزلاّج ومقبرة سيدي يحيى السليماني بعد إزالة مقبرة القرجاني وتحويلها إلى حديقة عموميّة وإزالة مقابر أخرى لصالح التوسّع العمراني مع إزالة الأسوار. يمكن أن نذكر ونتذكّر منها مقابر درب عسّال (باب العسل) والفدّان وسيدي سفيان وسيدي عبد السلام بربض باب سويقة، ومقبرة السلسلة المتّصلة بسور القصبة – سابقا – من الجهة الجنوبيّة، ومقبرة سيدي أحمد السقّا (ت 1343 م) قرب القصبة من الجهة الشمالية الشرقيّة، ومقبرة سيدي محرز بن خلف، ومقبرة سيدي قاسم الجليزي، ومقبرة عبد الرحمان المناطقي داخل الباب الجديد، ومقبرة القصبة، والمقبرة المجاورة لجامع حسين بن علي باي، ومقبرة سوق الأحد، ومقبرة سيدي فرج. ونضيف إليها مقابر اليهود كالتي كانت حيث أصبحت حديقة الحبيب ثامر (الباساج) قبل نقلها إلى بو رجل، على شارع خير الدين باشا، وكذلك مقابر المسيحيّين كالتي بها كنيسة القدّيس جورج (St Georges) خارج باب قرطاجنّة مباشرة. هذا عدا التربات والزوايا وحتّى المدارس والمساجد والبيوت إلى أن منع الدفن خارج المقابر البلديّة سنة 1884.وعلى سبيل الأمثلة اختصّت زاوية سيدي الزواوي بتونس بآل عاشور مثلما اختصّت زاوية سيدي نصر القرواشي بتستور بذرّيته، وأحاطت قبور الأجوار بزاوية سيدي أحمد بوغرارة، ودفن المناضل الشيخ الهادي بن عطيّة بين بعض القبور بزاوية سيدي محمد بن عبد الرحمان، وآخرون بزاوية سيدي علي العريان، أو بمقام أسلاف مديونة، وعثر على قبر بالجامع الكبير. وفي المهديّة جرت عادة الأمراء والفقهاء في العهد الصنهاجي بنقل جثامين موتاهم بحرا إلى المنستير لمجاورة سيدي المازري تبرّكا بحديث موضوع يجعلها أحد أبواب الجنّة! وفضّل بعض الأولياء والصلحاء – والصالحات أيضا – أن يدفنوا متميّزين على المشارف أو أن تتّخذ لهم مقامات للعبادة تحوّل محيطها إلى مقابر شأن المغارة الشاذليّة وضريح سيدي البشير بالزلاّج بتونس وزوايا القادريّة المنتشرة بالبلاد. و لقتلى الكومنولت في الحرب العالمية الثانية مقابر خاصّة بهم في غاية من العناية قرب كنيسة وادي الزرقاء المهجورة بسبب سدّ سيدي سالم للأمريكان، وعلى الطريق الوطنية ببرج العامري منسوبة إلى المقيم العام الفرنسي ماسيكو (Massicault ) للفرنسيين، وخارج مجاز الباب للأنقليز( انظر : تربة). البشروش ( ت.): موسوعة، ص 99 – 100 ؛ الحمروني (أ.) : تستور / تاريخ ورحلات ، ص 37، الهامش 48.