تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموتى في مقابرنا «يحتضرون»
كشف: تحت أكداس الأوساخ والنّباتات الشوكية ووسط أجواء السكر والعربدة والمجون
نشر في الصباح يوم 04 - 05 - 2009

«الاسبوعي» زارت عشرات المقابر في البلاد ونقلت بالكلمة والصورة ما شاهدته داخلها
تعددت المبادرات من سلط الإشراف لصيانة المقابر وحمايتها ممّا اعتدنا رؤيته من تجاوزات..
فهل نجحت في تحقيق الأهداف المرجوّة أم تراها لا تزال تراوح مكانها؟ وهل تحفظ كرامة الميّت في مقابرنا وهل تتهيّأ بالشكل المطلوب الذي يدخل عليها مسحة من النظام الذي أعتدنا رؤيته في اصطفاف القبور؟ «الأسبوعي» حملت عدستها في جولة داخل تراب الجمهورية لتقف على حقيقة ما هي عليه مقابرنا اليوم.. وعبر شبكة مراسليها عاينت.. بحثت واتصلت بعموم المواطنين الذين أبدى البعض ممّن التقيناهم تحفظا حول مسألة العناية بالمقابر ورعايتها معتبرين ما يقال على لسان بعض المسؤولين لا يمثل الحقيقة فالهدوء قد انقلب إلى فوضى سماتها العربدة والمجون و«البراكاجات» وتدهور المظهر البيئي حيث كثافة الحشيش تكاد تغطّي القبور وتمنع المارة من العبور في الممرّات الفاصلة بينها.. وهي أوصاف تجتمع في عدّة مقابر.
الوادي يهدّد مقبرة سيدي خميس بمنوبة
البداية كانت بجولة بين عدد من المقابر بتونس الكبرى ففي مقبرة سيدي خميس بحي الشباب التابعة إداريا لولاية منوبة يصعب على زائري القبور العثور على أضرحة أقاربهم بسبب الانتشار الكبير للأعشاب الطفيلية التي باتت تغطّي القبور وتكاد تحوّل المقبرة من مكان مقدّس الى مجرّد ضيعة فلاحية مهملة مطلّة على واد هو الآخر يعتبره بعض المواطنين الذين التقيناهم مصدر إزعاج وخطر إذ تهدّد سيوله في صورة فيضانه بجرف عدد من القبور. في هذه المقبرة أيضا ينتابك شعور بالألم عندما تشاهد الأوساخ وبقايا الملابس القديمة ملقاة هنا وهناك أما سور المقبرة غير المكتمل فليس أفضل حال من داخل المقبرة إذ تعددت فيه الثقب التي أحدثها بعض المنحرفين ليتسنّى لهم الدخول لعقد جلساتهم في هذا المكان المقدس(!!)
س م

مقابر متميزة
ومن مقبرة سيدي خميس الى مقبرة سيدي عسيلة بباردو 2 التابعة إداريا لولاية تونس.. فعلى عكس الأولى ينتابك شعور بالرهبة وبأنك فعلا داخل مكان مقدّس وأنت تلج هذه المقبرة التي تحوّلت الى حديقة تتخلّلها أضرحة المواطنين.. فالبلدية معتنية بالجانب البيئي لهذه المقبرة فالسور في أحسن حالاته والأبواب تغلق ليلا والمكان محروس صباح مساء إضافة لتوفير مكان لتقبل التعازي والاعتناء بنباتات الزينة.. وهي مثال لجمالية المقابر بإقليم تونس شأنها شأن مقبرتي سيدي عبد العزيز بالمرسى وقمرت العربي فزائر مقبرتي سيدي عبد العزيز بالمرسى وقمرت العربي بالضاحية الشمالية للعاصمة ستبهره نظافتهما والعناية الواضحة بالجانب الجمالي فيهما.. إذ انتشرت المسالك المبلّطة والمناطق الخضراء والأزهار بين القبور.
سعيد المشرقي

مقبرة المنيهلة والنقائص
وفي ولاية أريانة زارت عدستنا مقبرة صنهاجي جبّاس بالمنيهلة.. هناك ورغم جمالية المكان فإن بعض النقائص شوّهت هذا الجمال فالأعشاب اكتسحت المقبرة و«تطاولت» في بعض الزوايا على قدسيّة الأضرحة فغطّتها الى جانب انعدام مكان مغطى لتقبل التعازي.
سعيد المشرقي
مقبرة سيدي مصباح
«مأوى» للمنحرفين
وفي ولاية بن عروس زرنا مقبرة سيدي مصباح بالمدينة الجديدة وهي مقبرة صغيرة مسيّجة بسور لكن ورغم الاهتمام بها فإنها «مزدانة» بالأعشاب الطفيلية التي غطّت تقريبا أغلب القبور خاصة الصغيرة منها والقديمة. وقد اتخذ منها بعض المنحرفين مأوى لجلساتهم الخمرية وحتى لارتكاب الجرائم و«البراكاجات» خاصة في الليل.
ج ف
مقبرة بن عروس..
معاناة من الإهمال
أما مقبرة بن يدر ببن عروس والتي تعد من أهم المقابر ببن عروس فهي رغم شساعة مساحتها تعاني من الإهمال، كيف لا وقد اكتسحها الحشيش حتى أصبح الزائر تائها عندما يبحث عن قبر قريبه.. وتقع هذه المقبرة بجانب ما يسمى سابقا «بالكريار» والذي أصبح مصبا للأتربة ناهيك عن البنايات الواقعة قيد الإنشاء والتي جعلت من جانب سور المقبرة مكانا لأتربتها. وهي دعوة لمسؤولي الجهة للعناية أكثر بهذا المكان.
جمال الفرشيشي

مقبرة الجلاز بالعاصمة.. «التاريخ» بين أحضان الحشيش
أما في العاصمة فإن مقبرة الجلاز تعتبر تاريخيا الأقدم فهي مقبرة غنية عن التعريف تتسم بشساعة مساحتها ولكنها أيضا تعاني من عدم تنظيم القبور ناهيك أنّ الحشيش أكتسحها حتى أصبحت بعض القبور لا ترى وهو ما يشوّه جمال المقبرة إضافة لانقلابها ليلا الى مكان للسكر والعربدة.
ج ف

بني خيار.. البيئة
تحتضر بين القبور
وفي الوطن القبلي وتحديدا في بني خيار أصبحت وضعية المقبرة الكائنة بشارع الفردوس والمحاذية للسوق الأسبوعية تطرح أكثر من سؤال فأكوام الأوساخ احتلت في الداخل عدة أماكن والأعشاب الطفيلية تكاد في بعض الزوايا تردم القبور وهو ما يجعل الجانب البيئي بهذه المقبرة المفتقرة للحراسة يحتضر في ظل لا مبالاة بلدية الجهة أما عن المقبرة الثانية بالمدينة فحدّث ولا حرج إذ مازالت الى اليوم بلا سياج ولا حراسة ولا إنارة مما حوّلها الى مرتع للمنحرفين حيث تعقد الجلسات الخمرية بين القبور أحيانا.
ومن يتحدّث عن المقابر ببني خيار فإنه حتما لن يمرّ دون الحديث عن الحادثة المؤسفة التي جدّت قبل نحو عامين عندما أقدم مخمورون على فتح قبر وإخراج جثة امرأة عجوز وإلقائها تحت كروم الهندي!! وأكيد أن هذه النقائص المتعدّدة التي حدثنا عنها بعض مواطني الجهة فضلا عن زيارتنا الميدانية للمقبرتين و«تشبعنا» بالمشاهد المزرية خاصة فيما يتعلق بالجانب البيئي تستوجب تدخلا حازما من بلدية بني خيار وبعض الجمعيات التطوعية المعنية.
كريم الذويبي
الأعشاب تكسو
القبور ببوعرقوب
وفي بوعرقوب حظيت المقابر الإسلامية في الفترة الأخيرة بعناية كبيرة من خلال تنفيذ برنامج تدخل عن طريق صندوق التضامن الوطني 26-26 بإعتمادات جملية بلغت حوالي 115 ألف دينار وقد تمثّلت نوعية التدخل في تسييج وبناء قاعة ورواق بمقبرة الأربعين وبناء قاعة بمقبرة سيدي الظاهر وتعهد وصيانة زاوية بوعرقوب.
ولئن يعدّ ما أنجز هاما جدا وقد أعطى وجها آخر لهذه المقابر وخاصة مقبرة الأربعين التي تعد الأوسع مساحة والأكثر عراقة بالمنطقة لانفتاحها على جميع «العروش» فإنها تشكو نقصا في العناية المنتظمة في مجال النظافة فمجهود البلدية والتجهيز والعدد القليل من المنظمات التي عبرت عن تفاعلها مع حملات النظافة لا يكفي ولا يمكن أن يرتقي بوضعية هذا المكان المقدس إلى الدرجة المنشودة خاصة وأن موقعه في مكان استراتيجي. وهو ما يتطلب مجهودا أكبر خاصة خلال الفترة الحالية بعد أن كسا العشب كامل المقبرة وحال ودون ظهور عديد القبور. وقد علمنا في هذا السياق عن طريق السلط المحلية ببوعرقوب أن حملات نظافة واسعة النطاق ستجرى بمقبرة الأربعين وستجند لها جميع الأطراف من بلدية وتجهيز ولجان أحياء ومنظمات وجمعيات، فضلا عن دعم الخواص من أصحاب مقاطع الرمال بالمنطقة بالمعدات والأليات.
كمال الطرابلسي

عندما تتحول مقابر قليبية الى «حانات»!
وفي قليبية توجد ثلاث مقابر وهي المعروفة اثنتان منها توجدان داخل المدينة وهي مقبرة سيدي علي النوالي وهي قرب السوق المركزية، مدخلها الرئيسي على شارع الشهداء، ومقبرة سيدي أبي الضاوي، المتواجدة شرقا وهما المقبرتان الوحيدتان المرخص بهما حاليا دفن الأموات، أما الثالثة وهي مقبرة صغيرة تعرف بجبانة سيدي علي المقدّم المتواجدة قرب برج قليبية من الجهة الشرقية للسور وقد منعت السلط المحلية المواطنين من دفن موتاهم بها لأسباب تنظيمية.
والملاحظ، أن بلدية قليبية، قد أولت خلال السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا بوضعية هاته المقابر ورصدت مبالغ هامة في سبيل صيانتها حيث قامت بتسييج مقبرتي سيدي علي النوالي وسيدي أبي الضاوي، وأقامت أبوابا حديدية عند مداخلها، كما تمكنت من تنظيف أجزاء كبيرة منها وإقامة بعض المسالك المبلطة وأحواض من الأزهار وخاصة بالجزء الشرقي من مقبرة سيدي علي النوالي. ورغم هذا المجهود الذي يذكر فيشكر الا ان المواطن في مدينة قليبية يرنو ويطلب بكل لطف من السلط المعنية، مزيد الإعتناء بهذه المدافن وذلك بتركيز بعض الأضواء الكاشفة في الداخل لإبعاد بعض «الزوار غير المرغوب فيهم وتسهيل عمليات الدفن التي تتم خلال الليل أحيانا ناهيك وان بعض الأموات قد تم دفنهم في الظلام الدامس أو على أضواء الهواتف الجوالة وتوفير حراس لهذه المقابر، وإغلاق مداخلها وأبوابها خلال الليل.
فالزائر الى مقبرة سيدي علي النوالي يلاحظ ما يخفى عن النظر عند الزاوية الجوفية الغربية والزاوية الغربية القبلية للمقبرة أكداسا مكدسة من الأوساخ والفضلات وقوارير الخمر والجعة التي يتركها بعض أصحاب السوء وخاصة خلال ساعات الليل، والمطلوب حسب بعض من تحدثنا إليهم الإزالة الفورية لتلك الأوساخ والنفايات وبقايا القوارير المهشمة، حتى يكتمل العمل الذي تقوم به البلدية داخل هذه المقبرة. وصورة الحال تنطبق على المقبرة الصغيرة المتواجدة على أعلى برج قليبية والتي تطل جغرافيا على شاطىء المنصورة والتي اتخذها أيضا البعض من أصحاب السوء مجالس للخمر وللقعدات المشبوهة والمطلوب تسييج هذه المقبرة الصغيرة ولو بسياج من الأسلاك الشائكة حفاظا على حرمة أصحاب تلك القبور القليلة المتواجدة هناك. كما أن على المواطن إعانة السلط المعنية في هذا المجال، حتى يكون رقيبا، ويقوم بدور فعال في سبيل انجاح المساعي المبذولة في هذا الإتجاه.
فوزي الزواري

قوارير الخمر في مقبرة دار شعبان
.. ودائما في الوطن القبلي.. إذ رصدت عدستنا الوضع البيئي المتردي داخل مقبرة دار شعبان الفهري إذ انتشرت الأعشاب بين القبور وتكدست الأوساخ هنا وهناك.. عدستنا التقطت أيضا بعض قوارير الخمر وعلب الجعة التي حوّلت المكان المقدّس الى ركن من أركان ضيعة «غزاها» المنحرفون وهو ما يشوه جمال المكان.
مقبرتا نابل مثال للنظافة والعناية بالبيئة
ولكن غير بعيد عن دار شعبان الفهري تنتصب مقبرتا «الزيتون» و«الربط» بنابل. والحقيقة سيتملكك الذهول وأنت تزور هاتين المقبرتين.. والذهول مأتاه هنا ليس الأوساخ والأعشاب والمواشي وإنما حالة النظافة التي عليها المكانان فالأزهار ونباتات الزينة حلت محل الأعشاب الطفيلية والمسالك المبلطة انتشرت في جل الزوايا فضلا عن الفضاء المغطّى الخاص بتقبل التعازي وهو ما يحسب لبلدية نابل في مجال النظافة والعناية بالبيئة رغم بعض النقائص.
ص م

20 مقبرة في سبيبة!
ومن ولاية نابل الى ولاية القصرين وتحديدا معتمدية سبيبة حيث توجد بالمنطقة أكثر من 20 مقبرة اذ يكاد يكون لكل عرش مقبرته الخاصة.. من ذلك مقابر سيدي عمر السماتي، (أكبر المقابر)، مقبرة البلدية مقبرة سيدي نصر، مقبرة سيدي بومفتاح، مقبرة سيدي بوصالح (ولي صالح ليبي). مقبرة الشوايحية، مقبرة عين الذيبة مقبرة الزوارعية، مقبرة سيدي ابراهيم الزهار ورغم تعددها فإن هذه المقابر لا تلقى العناية الكافية (من ناحية الصيانة والعناية بالبيئة اذ تنتشر بها الأعشاب الطفيلية والأشواك ويكون الإستثناء دائما عند قرب موعد الزردة باعتبار ان أكثر المقابر توجد بها جوامع لعديد الأولياء الصالحين.
خالد الخضراوي

بعض مقابر الكاف تنتظر لفتة
أما في الكاف فإن بلدية المكان ما انفكت تولي هذه الأماكن العناية اللازمة فمقبرة بنعنين الموجودة وسط المدينة والتي تعتبر من أقدم المقابريها تخصص لها البلدية القسم الأكبر من امكانياتها البشرية والمادية للنظافة والعناية بها وهي التي يحيط بها سياج من الغرب فيما تحتاج من الجانب الشرقي لجدار يحميها وبها ممرات تتعهدها البلدية بالعناية ونظرا لوجودها في مكان تنمو فيه الأعشاب الشوكية بكثرة فإن البلدية تخصها بحضيرة أشغال كلما دعت الحاجة لذلك نفس الشيء بالنسبة لمقبرة «سوق الخميس» القريبة منها فيما تحتاج مقبرة «حي عين مناخ» المتاخم لمدينة الكاف لبعض الأشغال مثل اقامة بعض الممرات بين القبور إذ يكفي نزول الأمطار ليصعب المرور باعتبار ارضيتها الطينية كما ان هناك بابا من الجهة الشرقية يمثل مدخلا لبعض المنحرفين والمشبوهين الذين لا يتورعون في إتيان أشياء تسيء لحرمة المكان ويمكن غلقه بصفة نهائية بما ان الباب من الجهة «الغربية يفتح على الحي مباشرة وعلى الطريق.
أما مقبرة سيدي عبد الله الصغير الموجودة في مفترق طريق (الكاف الساقية) خارج مواطن العمران فتعتبر مثالا للنظافة والجمال البيئي المتعلقة بتنظيف الساحات أو دهن السياج.
عبد العزيز الشارني

مقبرة الزيتونة بالرقاب.. التاريخ تحت أقدام البهائم!
أما مقبرة الزيتونة وهي أقدم مقبرة في ربوع الوسط والجنوب الغربي والتابعة لعمادة بودينار من معتمدية الرقاب ولاية سيدي بوزيد، فقد كانت المكان الوحيد لقبائل الهمامة في عصر «البايات» بل منذ عهد الهلاليين ففي البداية كانت مكانا لتعبد الولي الصالح «عمر ابن عبد الجوّاد» وبعد وفاته أصبحت مقبرة لذويه من قفصة فكل أحفاده مدفونون في هذه المقبرة وبعد الاستقلال انحصرت لتأوي ذويه من أهالي الرقاب «أولاد بابا عمر» مساحتها تناهز ال 5 هكتارات هي الأكبر حجما في الوسط التونسي والأقدم تاريخا لكنها تكاد تكون الوحيدة غير المحميّة بسور فالأهالي يخافون حتى من الكلاب السائبة التي قد تقوم بنبش القبور واخراج الموتى من قبورهم فهل يعقل ان تكون مقبرة كهذه مرتعا للأغنام والكلاب؟ السيد عمار بن توهامي احد المتطوعين لجمع التبرعات الخاصة بتحضير القوالب الاسمنتية لقبر فيجده هياكل عظمية مغطاة بخشب «الجداري» أي أن الأسلاف كانوا يغطون قبورهم بهذا النوع من الخشب لشدة مقاومته للتربة والرطوبة وهو ما يؤكد العمق التاريخي لهذه القمبرة، كما يؤكد أنه بفعل الرياح هناك مئات القبور قد طمست وداستها أقدام المارة دون علم منهم... هذه المقبرة في حاجة ماسة الى لفتة كريمة من السلط المحلية والجهوية لحمايتها بسور فهل يعقل ان تدوس الأقدام على قبور الشهداء وعلماء الدّين الذين ناضلوا في الحقبة الإستعمارية وما قبلها بسواعدهم وأفكارهم؟ هل يعقل أن تعبث البهائم بارث تاريخي هو جزء من ذاكرة هذه الربوع؟ الأمر لن يكلف السلط أكثر من سور لحماية هذا التاريخ وهذا المكان الظاهر خاصة وان أهالي المنطقة مستعدون للمساعدة باليد العاملة مجانا. مع العلم أنها المقبرة الوحيدة التي تدفن فيها الأموات بدون أي مقابل».
علي فالح

الموتى «هجروا» مقبرة الأخوات بسليانة
أما مقبرة السبعة المتواجدة بمنطقة الأخوات التابعة لولاية سليانة فهي الأخرى تعاني من الفوضى وكما يقول صابر من أصيلي المنطقة: «مهجورة بحكم وجودها بعيدة عن المناطق السكنية فهي متواجدة وسط الأراضي الفلاحية الشاسعة رغم محاذاتها للطريق المعبدة.. فلقد اكتسحتها الحشائش فالعناية مفقودة رغم أن المقبرة صغيرة».
الانجراف يهدد
مقبرة شاكر بتالة
أبدى البعض ممن التقيناهم من أهالي تالة تحفظا حول مسألة العناية بالمقابر ورعايتها معتبرين ما يقال لا يمثل الحقيقة فالهدوء قد أنقلب الى فوضى سماتها العربدة والمجون «البراكجات» وتدهور المظهر البيئي حيث كثافة الحشيش تكاد تغطي القبور وتمنع المارّة من العبور في الممرات الفاصلة بينها وهي أوصاف تجتمع في مقبرة شاكر التي تفصلها عن مدينة تالة 4 كلم وهي محاذية للطريق الرئيسية الرابطة بين تالة والقلعة الخصبة كما أنها تعاني الانجراف نظرا لمرور سيول المياه محاذية لبعض القبور.

مقابر المكنين.. تنشد المزيد من العناية
وفي الساحل تنتشر عشرات المقابر ان لم نقل المئات ولئن اشتهر البعض منها بالنظافة بفضل العناية المتواصلة بها على غرار روضة آل بورقيبة بالمنستير التي يخيّل لزائرها أنّه وسط حديقة أو مقبرة المهدية التي زادها البحر جمالا أما بعض المقابر الأخرى فإنّها في حاجة الى العناية. فالمقابر الست بالمكنين رصدت لها البلدية حسب ما أفادنا به مسؤول بالبلدية 80 ألف دينار من ميزانية 2009 للتعهد والصيانة والتجهيز الذي أضاف «وفي نطاق الآلية 32 خصصّنا 40 ألف دينار للتدخل اليومي قصد إزالة الأعشاب وتبليط ودهن وغراسة الأشجار ونحن بصدد التحضير لكرّاس شروط يتضمن أشغال الحفر والدفن والحراسة التي سنوكلها لمتعهد خاص إثر مناقصة ستنظم في الغرض». ولكن للمواطنين بالمكنين رأي آخر حول الحالة التي عليها بعض المقابر بالجهة فالمنصف باشا (58 سنة) أكّد أن عددا من هذه المقابر وخاصة مقبرتي بوزنان والقوبين في حاجة لمزيد العناية وخاصة فيما يخص الجانبين البيئى والجمالي إذ تذمّر محدثنا من كثرة الأوساخ وانعدام النظام في حفر القبور أما محمد المصلي (54 سنة) فعرّج على مسألتي النظافة والإنارة داخل هاتين المقبرتين وأكد أنهما مفقودتان وتوجه محمد قانة (77 سنة) بنداء الى بلدية المكنين لإزالة الأعشاب الطفيلية «التي تكاد تردم بعض القبور» حسب قوله وناشد بالمناسبة المصالح المعنية تشجير المقابر وتعيين حراس لها حتى لا تتحول الى مرتع للمنحرفين.
طارق عويدان

صناديق الموتى بمقبرة مساكن تتحول الى أفرشة للمتسكعين
في مساكن تتواجد أكثر من عشر مقابر ورغم مجهودات البلدية في المدّة الأخيرة لتحسين مداخلها وبناء اماكن مخصصة لتقبل العزاء الا ان هاته المقابر تشهد عدة نقائص إذ تنتشر باغلبية هاته المقابر الأعشاب الطفيلية والأشواك التي تقلق راحة الزوار وتسبب بعد نزول الامطار تفريخ كم هائل من الناموس الذي يقلق راحة المتساكنين المجاورين لهاته المقابر. من جانب آخر وبما أن ابواب المقبرة تظل دوما مفتوحة فانها أصبحت مرتعا للحيوانات مثل القطط والكلاب وفي بعض الاحيان النعاج.
أما المكان المخصص لتقبل العزاء فأصبح ملجأ للمتسكعين الذين يقضون ليلهم داخل الصناديق المخصصة للاموات وكثيرا ما تفاجئك بقايا قوارير الخمر المتناثرة وسط المقبرة والأغرب من كل هذا تعمّد بعض المتسكعين قضاء حاجتهم البشرية بين القبور.
جلال رويس

مقبرة الشابة بجناحين مختلفين!
أما مقبرة الشابة «الجديدة» باعتبار أن المقبرة القديمة التي كانت تتوسط المدينة قد تحولت الى منتزه.. فإنها تقع بطريق المهدية قبالة المعهد الثانوي أبو القاسم الشابي وبجوار الملعب البلدي والتي سيجت بسياج مرتفع نسبيا فهي تشكو من ركود المياه عند نزول الأمطار بالإضافة الى وجود نقطة استفهام حول طاقة استيعابها ونظافة الفضاء غير المستغل بها الى حد الآن إذ تحوّل الى «مستودع مصغّر» لبعض التجهيزات والآلات المعطبة التابعة للبلدية.
أما الجناح المخصص للأطفال فحدّث ولا حرج إذ يبدو أنه في طور النسيان فالأعشاب الطفيلية ردمت عدة قبور وغابت ملامح مقبرة «طيور الجنة» وأكيد أن البلدية ستتعهّدها بالنظافة والصّيانة شأنها شأن الجناح المخصّص للموتى البالغين إضافة للمبادرات التي ما فتىء يقوم بها شباب الجهة أو مهاجروها حين عودتهم صيفا.
سفيان العائبة

مقبرة شنني.. بين الهضاب الرملية
وفي الجنوب التونسي وتحديدا بشنني بولاية قابس تتواجد مقبرة عرفت بشساعة مساحتها.. ولكن رغم هذه الشساعة فإن بعض الذين التقيناهم أثناء إجراء هذا التحقيق تحدثوا عن كثرة الهضاب الرملية داخل المقبرة التي يشقها مسلك رملي وحيد وصغير وهم يناشدون البلدية التدخل لصيانة المسلك مبدئيا ثم محاولة إزالة هذه الهضاب الرملية.

مواطن من جربة يدعو لفتح حساب جار للمقابر
وفي جربة ورغم ما تشهده المقابر المنتشرة بعدة أماكن بالجزيرة من عناية من طرف البلدية ولجان الأحياء فإن بعضها مازال في حاجة للمزيد من التدخل والعناية وقد حدثنا بعض المواطنين عن ضرورة مساهمة المواطنين في العمل البلدي بالمشاركة في أعمال صيانة المقابر وتهذيبها وتنظيفها. كما اقترح أحدهم فتح حساب جار للتبرع لفائدة أشغال صيانة هذه المقابر التي تشكو من عدة نقائص تتعلق أساسا بالجانب البيئي والجمالي لهذه الأماكن المقدسة.
بولبابة المريمي

مقبرة العكاريت والسؤال المطروح
من جانبها تفتقر المقبرة الصغيرة المتواجدة على الطريق الرئيسية رقم 1 الرابطة بين قابس وصفاقس (28 كم على قابس و2 كم على قرية العكاريت) والبعيدة 6 أمتار فقط على الطريق الى سياج يحميها من الفضلات التي يعمد البعض الى إلقائها والجلسات الخمرية.
فحرمة المكان تستوجب التدخل لحماية هذه المقبرة وذلك بتسييجها وتنظيفها وبالتالي وضع حدّ لممارسات بعض المواطنين التي تحوّل هذه المقبرة الصغيرة الى مجمع للفضلات ومأوى «القعدات».

مقبرة بن قردان
تتحوّل إلى مرعى!
.. وعلى غرار كلمة الكاتب الفرنسي جي دي موكاسون «الموتي لا يكذبون» فالمقبورون في مقبرة سيدي خليف ببنقردان رحمهم الله يتأففون ويصرخون لحالة المقبرة المقرفة إهمال في كل شيء: الأسوار مهدمة المقبرة أصبحت مأوي للعشاق والمنحرفين والمخمورين ومكان غسل الموتى مزعج في منظره.. مياه مسكوبة ومتعفنة.. البعوض والعقارب والذّباب تحتل المكان بصورة مزعجة وقوارير الخمر والبلاستيك منتشرة بين القبور. فأهالي الموتى الذين التقيناهم يشتكون من هذا الأهمال إضافة لتذمرهم من انتشار الأعشاب الطفيلية داخل المقبرة والتي تشهد بين الحين والآخر زيارة الأغنام لها للرعي(!!). خاصة وأن أبواب المقبرة الثلاثة لا تغلق أصلا.
بعض من تحدثنا إليهم تذمروا من الوضعية البيئية للمقبرة ودعوا الى العناية بها وتنظيم حملات نظافة بمشاركة البلدية والجمعيات التطوعية.
بلقاسم بوكريع

مقابر صفاقس.. تحتضر!
وفي صفاقس ورغم الموقع المتميز لمقبرة «البدراني» الواقعة بطريق قابس والتي تمثل احدى اكبر المقابر بجهة صفاقس، لكن عندما تدخلها تعترضك أكوام الفضلات والأوساخ في مختلف أركانها، أما أرضيتها فقد اكتسحتها الأعشاب الطفيلية حتى أصبحت بمثابة مرعى ترتع فيه قطعان الماشية والكلاب السائبة كيفما شاءت تنتهك حرمات الأموات فتدوس وتتبّول فوق قبورهم «المهترئة» أصلا نتيجة غياب أعمال الصيانة والتنظيف والطلاء التي يقوم بها أحيانا بعض التلاميذ او بعض الشبان القاطنين في الأحياء المجاورة مقابل مبالغ مالية بمجرّد.. كما ان لهذه المقبرة «مزايا» أخرى تكتشفها بمثابة أقترابك من بناية صغيرة آيلة للسقوط شيّدت بين صفوف القبور المتراصة تناثرت داخلها وفي محيطها بقايا قوارير «الجعة» وأعقاب السجائر ورماد نار التهبت ليلا «تؤنس» جلسات الندماء الخمرية.
الحالة السيئة نفسها توجد عليها مقبرة «المصلّى» بطريق السلطنية التي تراكمت فيها الأوشاخ وغزتها الأعشاب بطريقة عشوائية، أما قبورها فبعضها اندثر وغاب عن الوجود تماما وبعضها الآخر يشكو الشقق والترهل المنذر بالزوال وعن مقبرة «سيدي صالح الواقعة بضواحي مدينة ساقية الزيت فحدث ولا حرج بداية من سورها الخارجي الذي لا يصل ارتفاعه الى متر واحد بل هو مهدد بالسقوط في بعض جوانبه وصولا الى حالة القبور الرثة فباستثناء الحديثة منها فإن البقية تبدو مجهولة الهوية ولم يبق منها سوى بعض الأحجار المتناثرة هنا وهناك وسط الأعشاب والنباتات الشوكية، فتحولت بدورها الى مرعى خصب لقطان الأغنام والى مأوى مفضل للمنحرفين والمتسكعين يحتسون فيه الخمرة ويرتكبون فيه كل أنواع الموبقات غير بعيد عنها تقع مقبرة «عمار» وسط حي سكني بمنطقة «السدرة» بساقية الزيت.. عندما تزورها يعترضك بابها الحديدي المنزوع من مكانه والمتروك جانبا وعلى الجهة الأخرى بقايا نعوش محطمة وأكوام من الحجارة والأتربة والقمامة وبين قبورها نبتت أعشاب كثيفة لم تطأها يد إنسان منذ سنوات. ما يمكن التأكيد عليه من خلال هذه الجولة بين القمابر بصفاقس هي حالة الإهمال واللامبالاة التي يقابل بها الأحياء الأموات.. فمتى ستتولى البلديات والمصالح المختصة بالاضافة الى المواطن طبعا العناية اللازمة لتحسين حالة هذه المقابر من خلال تكليف عدد من عمال الحضائر بصفة منتظمة بأعمال الصيانة والتنظيف واحداث المساحات المغطاة تقي المعزين من التقلبات المناخية القاسية والقيام بحملات تشجير متواصلة لاكساب هذه الأماكن أبعادا جمالية قد ترغبنا أكثر في زيارة موتانا والترحم على أرواحهم وقد تضفي شيئا من الراحة والعزاء في نفوسنا.
أنور غ
للتعليق على هذا الموضوع:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.