لعب أنيس بوجلبان لفائدة ثلاثة من كِبار العرب والأفارقة وهم "السي .آس .آس" ونادي "باب الجديد" والأهلي المصري وما أدراك ما الأهلي الذي يُعتبر "نادي القرن" في القارة السّمراء. وبالتوازي مع مسيرته الزّاخرة بالبطولات والكؤوس اقتحم بوجلبان عالم التسيير والتَحليل والتدريب وهو ما يجعله مُؤهلا عن جدارة واستحقاق للحديث عن شُؤون الكرة التونسية وبصفة خاصّة الأوضاع الداخلية للنادي الصّفاقسي الذي يعيش على وقع أزمة حَادّة. كيف وجدت المنتخب في الاختبار الثالث مع مدرّبه الجديد المنذر كبيّر؟ لقد تابعت لقاء المنتخب ضدّ نظيره اللّيبي في نطاق تصفيات ال"شَان" ولاحظت أن المردود العَام كان مُتواضعا رغم أنّنا واجهنا خَصما يفتقر لاعبوه إلى الجَاهزية بفعل توقّف بطولتهم عن النشاط. وبالتوازي مع الأداء المهزوز للمنتخب هُناك العديد من النقاط الاستفهامية التي وجب طرحها في سبيل التَصحيح والإصلاح. ولم أستوعب شخصيا المُراهنة على العديد من الوجوه القديمة والتي لن تنفع المنتخب في المستقبل كما هو شأن شمس الدين الذوادي ومحمّد علي منصر وحمزة الجلاصي. وكنت أودّ أن يستثمر الإطار الفني هذه المسابقة الافريقية ال"صّغيرة" لتشريك العناصر التي تتّقد شبابا وحماسا والتي بوسعها أن تفيد "النسور" على المدى المُتوسّط والبعيد. وكان من الأفضل المُراهنة إلى العناصر التي خسرت لتوّها الرهان في المنافسات المُؤهلة ل "الكَان" والأولمبياد. ومن المعلوم أن المنتخب الأولمبي "المُنحل" يضمّ في صفوفه العديد من الأسماء الواعدة وقد كان من الأفضل منحها فرصة التدارك من بوّابة ال"شان". وقد رحّبت كثيرا برؤية مالك بعيو ومرتضى بن وناس في التشكيلة الأساسية وكنت "أطمع" في تدعيمهما بأسماء أخرى شابة مثل مهاجم سليمان محمّد علي بن حمودة مع تمكين فراس شواط من اللّعب لفترة أطول بدل الإلحاح على ترسيم عناصر "مُنتهية الصلوحية" أوتفتقد إلى الحَماس الضّروري. خِطابك يُوحي بأن خَيارات المدرب الوطني في حاجة إلى التعديلات أليس كذلك؟ لقد فاز المنتخب بهدف لصفر على ليبيا وقد يضمن الفريق العُبور إلى نهائيات بطولة افريقيا للاعبين المحليين لكن مثل هذا المكسب الصّغير لن يحجب أبدا حجم الثغرات. ومن الضروري أن يراجع المدرب الوطني الحسابات ويحدّد الاستراتيجيات الكفيلة بإحداث النقلة المنشودة في المنتخب. في انتظار أن تَتغيّر الأحوال في المنتخب كيف تُتابع "العَاصفة" التي تجتاح صفاقس؟ أنا أنتمي قلبا وقالبا للنادي الصّفاقسي حيث عِشت أفضل اللّحظات وتُوجّت بأغلى البطولات لكنّني ابتعدت منذ فترة عن أجواء الطيّب المهيري مُكتفيا بدور المُحب. وقد لا يسمح لي موقعي الحالي بتقديم قراءة دقيقة للوضعية الراهنة ل "السي .آس .س" لكن لديّ قناعة راسخة بأن الأمور ليست على أحسن ما يُرام. ولا يخفى على أحد حجم الاحتقان المُسيطر على الطيّب المهيري حيث هاجم شقّ من الأنصار الهيئة المديرة بسبب خيارتها العامّة (المدرب - الانتدابات...). وأعتقد أن الجمهور العريض للنادي الصفاقسي من حقّه الاحتجاج على السياسات التي تسلكها الهيئة المديرة فضلا عن انتقاد أداء ال"كَوارجية" والإطارات الفنية. كما أنه من حق الإدارة بقيادة المنصف خماخم الدّفاع عن قراراتها. لكن هذا لا يعني أبدا الدخول في "صِدام" من شأنه أن يزعزع استقرار الجمعية ولابدّ من ضبط النّفس وتغليب صَوت الحكمة. هل أنت مع الرأي القَائل بأن "السي .آس .آس" هو ضحيّة السّياسات الغريبة لرئيسه المنصف خماخم؟ لا أحد يُنكر على المنصف خماخم عشقه المجنون ل "السي .آس .آس" كما أنه لا جِدال حول التضحيات الجسيمة التي قدّمها الرجل في سبيل انقاذ الجمعية من أزماتها الكبيرة ودفعها نحو منصّات التَتويج. لكن "شهادة التقدير" لخماخم لا تحجب أبدا جملة القرارات "الرّعوانية" والاجراءات العبثية التي قامت بها الهيئة الحالية. والحقيقة أن الخوض في أخطاء المسؤولين قد يطول لذلك فإنّنا نختزل هذه الهفوات الفادحة في نُقطتين رئيسيتين. أمّا النُقطة الأولى فإنها تهمّ جَحافل المدربين الذين تعاقدت معهم الجمعية أثناء فترة خماخم الذي حطّم الأرقام القياسية في تغيير الفنيين آخرهم "نيبوشا" الذي انتهت تجربته قبل أن تبدأ. ومن الملاحظ أيضا أن الفريق جلب إطارات من كلّ الجنسيات (تونس - الأرجنتين - البرتغال - هولندا - الجبل الأسود...). وأمّا النقطة الثانية فإنها تكمن في الفوضى العارمة على مستوى ملف الانتدابات وقد قامت الهيئة بتكديس اللاعبين دون أن يقدّم الكثير منهم الاضافات المطلوبة للفريق. وقد تحوّل بعض الوافدين إلى "لغز" مُحيّر في الطيب المهيري. هل تدعم الدّعوات المُطالبة برحيل "الرئيس"؟ أنا من الرافضين لمنطق الشّخصنة وأفضّل الحديث عن الهيئة المُديرة بكامل مُكوّناتها. وأعتقد أن الإدارة الحالية بوسعها مُواصلة المشوار شرط أن تُراجع نفسها وتُغيّر "فلسفتها" وأن لا تتأثّر بضغوطات "الفَايسبوكيين". ومن الضروري أن تنفتخ الهيئة على الأحباء وتستشير الأكفاء بدل أن تُحيط نفسها بعدد من الدّخلاء والذين لا صِلة لهم بالكرة. ويعرف القاصي والداني أن "السي .آس .آس" يعجّ بالكفاءات ويملك فيلقا من النُجوم القادرة على تقديم استشارات قيّمة للهيئة المديرة حتى يكون هامش الأخطاء أصغر. ولاشك في أن الجيل المُميّز لعام 2004 يضمّ في صفوفه العديد من الأسماء القادرة إلى إفادة النادي الذي يحتاج إلى "إدارة رياضية" فَاعلة. وتَتكفّل هذه "الإدارة الرياضية" بضبط السّياسات العامّة ومُعالجة ملف الانتدابات والتَعاقدات مع الإطارات الفنية وفي المُقابل تُدير الهيئة المسائل المالية والإدارية وهذا ما يفرضه المنطق وما عشته شخصيا أثناء تجربتي في صفوف الأهلي المصري. في سياق الحديث عن "العِملاق" المصري لاحظنا أنك شاركت في المُفاوضات الدائرة بين النجم والأهلي بشأن المهاجم الايفواري "سليمان كُوليبالي". فهل من ايضاحات في هذا الجَانب؟ لقد ظهرت في الصّورة بطلب من الأهلي وحاولت تقريب وجهات النّظر بين مسؤولي الناديين. وأظن أن هذه القضية في طريقها إلى الحلّ خاصّة بعد الاتّفاق على تسديد العقوبة المالية المُسلطة على اللاعب (الغرامة تُقدّر بحوالي 1.4 مليون دولار). وقد اشترط النادي الأهلي الحصول على بعض الضّمانات لغلق هذا الملف وتأهيل "كوليبالي" ليبدأ مُغامرته الجديدة مع النّجم. المعروف أنك مُرتبط بعلاقة قوية أيضا مع مُحترفنا الدولي في الأهلي علي معلول فهل من معلومات عن مُستقبله الكروي؟ معلول كان العُنصر الأفضل في تشكيلة الأهلي خلال الموسم المُنقضي. وقد حُرم ظُلما من خوض ال"كَان" مع المنتخب. أمّا بخصوص "مَصيره" فإن معلول سعيد بتجربته ويَحصل على امتيازات مادية ضخمة وهو ما يُرجّح فرضية بقائه في الأهلي. وتبدو عودته إلى تونس من الاحتمالات البَعيدة والغَالب للظنّ أن يكون الخليج هو الوِجهة المُوالية لمعلول الذين نحت مسيرة رائعة بين صفاقس والقاهرة وربّما كان بوسعه الاحتراف في أوروبا لولا التقدّم النّسبي في السن (عُمره 29 عاما). في الخِتام كيف تنظر إلى تجربتك في عالم التدريب؟ لقد خُضت تجارب جيّدة مع "السي "آس .آس" والحمّامات وبن قردان هذا قبل القيام بمُغامرة خارجية في لبنان. وقد أسعدتني "التجربة اللّبنانية" خاصّة أن الأمر يتعلّق بوجهة غير تقليدية ومازالت الإطارات التونسية بصدد اكتشافها ومن المعروف أن عدّة أسماء كانت قد اشتغلت في الدوري اللبناني مثل طارق الجراية وطارق ثابت. وأطمح طبعا إلى تحقيق قفزة نوعية في مسيرتي التدريبية سواء من خلال الدُخول في تجارب جديدة في تونس أوخارجها. أنيس بوجلبان في سطور مولود في 1978 مُتوسّط ميدان دولي سابق لعب لفائدة النادي الصفاقسي والأهلي المصري والنادي الإفريقي فائز ب 14 لقبا مع "السي .آس .آس" والأهلي مُساعد ومدير رياضي سابق في النادي الصّفاقسي أشرف على تدريب الحمّامات وبن قردان و"السّلام زغرتا" اللّبناني