في الوقت الذي يحاول فيه ترامب حشر ايران في الزاوية وربما شنّ عدوان عليها بمباركة ورغبة صهيونية بحتة...تزداد في الداخل الأمريكي الأصوات المنادية بعزل هذا الرئيس المتهوّر و البلطجي. فمنذ تسلّمه الرئاسة في جانفي 2017 الى الآن، تميّزت سياسة الرئيس الامريكي دونالد ترامب خاصة الخارجية منها بالتهوّر والغطرسة وبمبدإ الصفقات التي يرى أنه يتقنها كرجل أعمال. سياسة ترامب التخريبية هذه طالت تقريبا جل الملفات الحسّاسة في العالم، الاقتصادية منها والسياسية والعسكرية في تقاطع تام مع سياسات الولاياتالمتحدةالأمريكية المتّبعة منذ عقود. ومن القضية الفلسطينية التي أعطى فيها من لا يستحق ما لا يملك(صفقة القرن) ، الى الملف النووي الايراني والصراع الاقتصادي مع الصين وفرض الاتاوة على الحلفاء وابتزازهم، خلّف ترامب وراءه كومة من الخراب في السياسة الامريكية. هذا طبعا دون ذكر الاتفاقات الدولية المتعدّدة التي ضرب بها عرض الحائط، بالإضافة الى محاولته اسقاط دول عبر انقلابات وتدخلات عسكرية وفشله في ملفات أخرى على غرار ملف كوريا الشمالية. لكن رغم كل هذا الارث من الفشل والتخريب، يطمح ترامب الآن الى الفوز بولاية ثانية بشتى السبل، مما جعله يقع في المحظور بابتزاز رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي بقطع المساعدات عنه اذا لم يقم بالتشهير بمنافسه في انتخابات الرئاسة المقبلة جو بايدن. هذه الفضيحة السياسية التي تأتي في ظل بدء الصراع بين الديمقراطيين والجمهوريين على الانتخابات المزمع اجراؤها في نوفمبر 2020، جعلت ترامب امام واقع داخلي جديد يطالب فيه الكونغرس ببدء إجراءات مساءلته وعزله. فرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الامريكي آدم شيف مثلا قال إن "المجلس ربما يبدأ الآن في إجراء مساءلة ترامب التي لا يمكن التراجع عنها في ضوء المعلومات الجديدة". أما رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي فقد وجّهت خطابا الى الديمقراطيين لمّحت فيه إلى عملية عزل ترامب محذرة البيت الأبيض من عواقب عدم تسليم الشكوى السرية بحلول الخميس المقبل قائلة إنه سيواجه تصعيدا خطيرا من قبل الكونغرس. وتبدو فرص نجاة ترامب هذه المرة ضئيلة مقارنة بملف التدخل الروسي لصالحه في الانتخابات الماضية، باعتبار ان فضيحة اوكرانيا موثقة مع انتهاكات أخرى لدى الاستخبارات الأمريكية. هذا الوضع الداخلي الجديد أيّدته آخر نتائج استطلاعات للرأي أجرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" وشبكة "إن بي سي" الأمريكيتان، التي أظهرت أن نصف الناخبين لا يريدون إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب خلال انتخابات العام المقبل. ويبدو أنه ليس ترامب وحده من اشتدت العقدة حول عنقه. بل إن الولاياتالمتحدةالامريكية نفسها واستراتيجية الغطرسة والدم التي تتبعها مع كل من يرفض الوصاية هي الأخرى آيلة الى السقوط في عالم يسير بسرعة فائقة نحو تعدّد الأقطاب.