حث الله تعالى المؤمنين على الصدقة ولكنه لَم يكلِّفْ عباده الصدقة بقُوتِه وقوت أبنائه؛ وإنما الزائد على حاجته؛ قال الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ [البقرة: 219]، قال قتادة وعطاء: «هو ما فضل عن الحاجة». وان فضائل الصدقة كثيرة جدًّا، واهمها الأجر العظيم والمضاعفة التي تصل في النسبة المئوية إلى سبعين ألفًا بالمائة، والله يضاعف لمن يشاء؛ وقد جاء في «صحيح مسلم» أن رجلاً جاء بناقة مخطومة، فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لك بها يومَ القيامة سبعمائة ناقة، كلها مخطومة)، والله يقول: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 261]، ولأهل العلم قولان في هذه المضاعفة: فمنهم من قال: إنها تشمل جميع أبواب الخير، ومنهم من خصه بالجهاد في سبيل الله، وفضلُ الله واسع، والله كريم ذو فضل عظيم؛ قال الله: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ [البقرة: 245]. ومن فضائل الصدقة: أنها تمحو الخطيئة وتُذهِب نارها، كما في قوله - عليه الصلاة والسلام -: (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار). ومن فضائلها: أنها وقاية من النار، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فاتقوا النار ولو بشق تمرة)؛ ومن مزايا الصدقة أنها لا تنقص المال، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك بقوله: (ما نقصتْ صدقةٌ من مال)؛ رواه مسلم، بل هي مخلوفة؛ قال الله: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]، وإن الشيطان لَيكيدُ للمسلم عندما يريد التصدُّق؛ قال الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 267]، ثم قال بعدها: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268]. فالمتصدِّق ينفع نفسه حقيقة، وهذا ما سيجده عند ربِّه: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ﴾ [البقرة: 272]، ولما سأل النبيُّ عائشةَ - رضي الله عنها - عن الشاة التي ذبحوها: (ما بقي منها؟) قالت: ما بقي منها إلا كتفُها، قال: (بقي كلها غير كتفها)؛ رواه مسلم. والنبي - صلى الله عليه وسلم - سأل أصحابه فقال: (أيكم مالُ وارثه أحبُّ إليه من ماله؟)، قالوا: يا رسول الله، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: (فإن ماله ما قدَّم، ومال وارثه ما أخَّر . ومن عجائب الصدقة أنها سبب للشفاء من الأمراض؛ (داووا مرضاكم بالصدقة). ومن فضائل الصدقات أن المتصدق في ظلِّ صدقتِه يوم القيامة؛ ففي «صحيح الجامع» مرفوعًا: (كل امرئ في ظلِّ صدقته حتى يقضى بين الناس)، وقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظل إلا ظله: (رجل تصدَّق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)؛ ومن فضائل الصدقات أنها تطفئ غضبَ الله - سبحانه وتعالى - كما في قوله - عليه الصلاة والسلام -: (إن صدقة السرِّ تطفئ غضبَ الربِّ - تبارك وتعالى).