«دفاع المنتخب التونسي يفوز بجائزة أفضل هُجوم». هذا واحد من عشرات التعليقات السّاخرة التي طالت مُدافيعنا وحرّاسنا على هامش الكأس الافريقية الأخيرة في مصر. وقد ارتكب دفاعنا آنذاك أخطاءً بدائية وبلغ الأمر حدّ تسجيل أهداف عَكسية كما حصل مع البدوي وبرون أثناء مُقابلتي غانا والسينغال. ورغم القطيعة مع «مُهندس» تلك المهزلة وهو «جيراس» والتعاقد من المنذر كبيّر فإن الدفاع مازال ينشد الأمان. الأرقام تَتكلّم يُواجه المنتخب مشاكل كبيرة في منطقته الخلفية وتُوجد العديد من المُعطيات والإحصائيات التي تُؤكد الأزمة القائمة في الدفاع. وبالعَودة مثلا إلى «كان» 2019 سنلاحظ أن الشّباك التونسية اهتزّت في 5 مُناسبات خلال 7 مُباريات خاضها فريقنا الوطني في هذه المُسابقة القارية. وقد دفع المنتخب آنذاك فاتورة الهفوات القاتلة لمُدافعيه وحرّاسه الثلاثة وهم فاروق بن مصطفى ومعز حسن ومعز بن شريفية (الطريف أن الجامعة وضعت الحارس الشاب أيمن دحمان في المدارج ليُشاهد رفاقه ويأخذ عنهم «الصّنعة»). ولو رجعنا أيضا إلى مُغامرتنا الأخيرة في المُونديال ستُفْزعنا الحصيلة الكارثية لدفاعنا. فقد تلقت شباك المنتخب 8 أهداف وهي سابقة في تاريخ مُشاركاتنا العالمية. عَودة «الحرس القديم» بالتوازي مع الأرقام المُقدّمة حول ضعف الدفاع، شهد المنتخب في الفترة الحالية ظاهرة أخرى تؤكد بما لا يدع مجالا للشك عُمق الأزمة في المنطقة الخلفية. فقد نفض المنذر كبيّر الغبار عن مدافعين كنّا نَحسب أن مسيرتهم الدولية انتهت من زمان. وقد شملت الدّعوات شمس الدين الذوادي وأيمن عبد النور. ويُمكن تَصنيف هذا الثنائي ضِمن العناصر «المُخضرمة» والعَائدة من كُتب التاريخ وهُناك «تشكيك» كبير في قدرة الذوادي وعبد النور على إفادة الفريق الوطني (سواء تعلّق الأمر بمنتخب المحليين أوالمنتخب الأوّل). والغَريب أن المنتخب كان قد تخلّى منذ فترة قصيرة عن مدافعه «الثلاثيني» صيام بن يوسف. واعتقد الجميع أن هذا القرار سيفتح المجال لضخّ دماء جديدة وتوسيع قائمة المدافعين لتشمل بعض البدائل الشابة مثل نسيم هنيد وهاني عمامو وجاسر الخميري مع منح الأولوية لياسين مرياح وديلان برون للظهور في التشكيلة الأساسية خاصّة أن هذا الثنائي أثبت إلى حدّ ما أنه الأجدر بقيادة الدّفاع. وقد خابت التوقّعات وسجّلنا عودة قوية ل «الحَرس القديم». عشرة مدافعين في عام واحد مُؤشر آخر يُقيم الدليل على أزمة الدفاع في المنتخب وهو كثرة اللاعبين الذين تمّت دعوتهم بحثا عن الحلول الكفيلة بمُعالجة هذه المعضلة. ولو تفحّصنا القائمات الدولية سنلاحظ أنها تضمّنت ما لا يقل عن 10 مدافعين بين احتياطيين وأساسيين. وهذا الرّقم يهمّ الفترة المُمتدة بين أوت 2018 وأكتوبر 2019 (أي من عهد البنزرتي إلى عصر كبيّر). ونجد في قائمة المُدافعين أيمن عبد النور وديلان برون وياسين مرياح وصيام بن يوسف ورامي البدوي وشمس الدين الذوادي وزياد بوغطاس وصدّام بن عزيزة ونسيم هنيد وهاني عمامو وجاسر الخميري... مسؤولية مُشتركة لاشك في أن الضّعف الفادح في المنطقة الخلفية لا تَتحمّله العناصر الناشطة في محور الدفاع بمفردها بل أن المسؤولية مُلقاة أيضا على حرّاس المرمى وبقية اللاعبين المَعنيين بالتغطية سواء تعلّق الأمر بالظّهيرين أولاعبي الوسط أوحتّى عناصر الهُجوم (أحيانا قد يَتفوّق لاعب الهجوم على بقية العناصر من حيث قطع الكرات عبر الضّغط على المنافس والمُساهمة في مُعاضدة الدفاع وتشير بعض الاحصائيات المتعلّقة بالدوري الانقليزي أن «فيرمينو» مثلا حقّق في وقت ما الامتياز على صعيد قطع الكرة). وقد كشفت مُشاركتنا الأخيرة في كأس افريقيا أن دفاعنا لم يكن بوسعه تفادي تلك الأهداف القَاتلة حتى وإن كان في صفوفه «القَيصر بيكمباور». أمّا السبب فإنه يكمن في السّذاجة الكبيرة لحرّاسنا الذين افتقدوا إلى التركيز وحتى الانضباط وسط تفرّج مدربهم حمدي القصراوي الذي كانت تعوزه الخبرة ليضطلع بمثل هذا المنصب الحسّاس. وقد اكتشف الجريء هذا الأمر بصفة مُتأخرة ليُبادر ب»إنزال» القصراوي إلى الأواسط مقابل تكليف عادل زويتة بالإشراف على تدريب حراس المنتخب الأول. والأمل كلّه أن يجد المنذر كبيّر «الوصفة الصحيحة» لقلب الأوضاع من الشباك والدفاع وُصولا إلى الهُجوم وهذا ملف آخر للمُناقشة. مُعطيات عن دفاع المنتخب «كَان» 2019: 5 أهداف مقبولة في 7 مُباريات مُونديال 2018: 8 أهداف مقبولة في 3 مباريات (سَابقة في تاريخ المنتخب) 4: هو الأهداف المقبولة في المقابلات الخمس الأخيرة 3: هو عدد حراس المرمى المُراهن عليهم في «كان» 2019 ياسين مرياح وديلان برون هما الأكثر حُضورا في محور الدفاع