طيلة حوالي 25 دقيقة، تحدث قيس سعيد في خطابه الرسمي الأول الموجه إلى التونسيين، والذي كانت الانتظارات منه عديدة، عن عدة مسائل لكنه غفل عن التطرق إلى الوضعين الاقتصادي والمالي للدولة وعن التقدم ببعض المقترحات المُطمئنة.. تونس – الشروق رغم أن صلاحياته الدستورية غير معنية كثيرا بالشأن الاقتصادي إلا أن رئيس الجمهورية الجديد قيس سعيد كان بامكانه أن يُعرّج على هذا الملف في أول خطاب رسمي له حتى يبث رسائل طمأنة للشعب حول الواقع الاقتصادي والتنموي الصعب الذي تمرّ به البلاد والذي يحتاج من كامل منظومة الحكم، رئيسا وحكومة وبرلمانا، بذل كل من موقعه جهودا أكثر واستنباط الحلول والمقترحات.. فرئيس الجمهورية له صلاحية الأمن القومي الذي يشمل الشأن الاقتصادي والمالي للدولة وله أيضا صلاحية المبادرات التشريعية في شتى المجالات بما في ذلك المجال الاقتصادي والتنموي، وكان عليه أن يُضمّن خطابه بعض المسائل المتعلقة بهذه المجالات. غير أنه اكتفى بالتطمين حول تواصل محاربة الفساد وحول استمرارية وحيادية المرفق العام ومقترح الاقتطاع ( او التبرع) من الأجور لمعاضدة ميزانية الدولة.. وضع صعب لم يتحدث قيس سعيد عن الوضع الصعب وغير المسبوق الذي تمرّ به المالية العمومية والميزانية والميزان التجاري ولم يتحدث عن ضعف نسبة النمو وعن تواصل نسبة التضخم وما تتسبب فيه من ارتفاع في الأسعار ولا عن تواصل ضعف سعر صرف الدينار وضعف الناتج المحلي الخام. كما لم يتحدث عن ضعف الاستثمارات والمشاريع التنموية وما يرافق ذلك من تفاقم للبطالة وللفقر ولم يُشر إلى مديونية البلاد المرتفعة تجاه الخارج. مقترح ضعيف وباستثناء مقترح التبرع بيوم عمل شهريا لدعم ميزانية الدولة وتعزيز استقرارها المالي خلال السنوات الخمس القادمة، لم يقدم تعهدات ولا برنامج لتحسين الوضعين المالي والاقتصادي للبلاد.. فهذا المقترح اعتبره المختصّون غير كاف من الناحية المالية لان عائداته ستكون ضعيفة ولا تمثل إلا نسبة ضعيفة للغاية من حاجيات الدولة المالية. كما لم يربطه بحزمة من المقترحات المرافقة التي من شانها أن تشجع على الاقبال عليه على غرار تحسين الأجور والمداخيل والضغط على الأسعار وتخفيف لعبء الجبائي من خلال توسيع قاعدة المستهدفين بالضريبة وإلا فانه سيتحول إلى اجراء مرهق للعائلات... وكان بالإمكان أن يُرفقه مثلا بالإعلان عن إجراءات مماثلة تهم التخفيض من أجور وامتيازات الوزراء وكبار مسؤولي الدولة ورئيس الجمهورية ومنح تقاعد الرؤساء والوزراء السابقين والتخفيض من بعض النفقات الأخرى التي تصرفها الدولة وتكون أحيانا مرتفعة للغاية.. حلول غابت عن سعيّد الثابت أن السنة القادمة ستكون صعبة لأنها ستتطلب مثلا توفير مبالغ مرتفعة لخلاص الديون الخارجية ولخلاص الأجور ولخلاص نفقات التسيير والتجهيز في الإدارات. وبالتالي كان بالإمكان ان يقدم حلولا أخرى أكثر نجاعة ويعد بتنفيذها عبر مبادرات تشريعية على غرار مزيد مكافحة التهرب الضريبي ومكافحة التهريب والعمل على استخلاص ديون الدولة لدى رجال الاعمال.. ولم يتحدث قيس سعيّد بالخصوص عن الديبلوماسية الاقتصادية ( الشأن الديبلوماسي من اختصاصاته) وما يمكن ان تحققه لتونس من عائدات مالية إضافية مثلا عبر بذله مساع من موقعه كرئيس للجمهورية مع الدول الدائنة لتحويل الديون الخارجية إلى مشاريع تنموية او عبر مزيد جلب السياح والاستثمارات الأجنبية ومزيد العناية بالجالية التونسية بالخارج لاستقطابها للاستثمار في الوطن أو لاسترجاع الأموال المنهوبة. كما لم يتطرق رئيس الجمهورية المنتخب أساسا إلى أهم نقطة اقتصادية سبق أن تحدث عنها في برنامجه الانتخابي وتحدث عنها كثيرا منذ 2011 وهي تكليف رجال الاعمال الذين لهم ديون تجاه الدولة أو تعلقت بهم قضايا الاستيلاء على المال العام بالعناية بالتنمية في الجهات وتوزيعهم بمعدل رجلي أعمال لكل معتمدية.. غياب الشأن الاقتصادي عن خطاب قيس سعيّد أثار التساؤلات وأثار أيضا المخاوف من إمكانية عدم تحركه في السنوات القادمة في هذا المجال رغم أن انتخابه بنسبة مرتفعة كان أساسا بناء على تطلعات التونسيين نحو تحسين أوضاعهم المعيشية ونحو تطوير الاقتصاد والتنمية في البلاد وانعاش المالية العمومية وحماية الدينار من مزيد الانهيار.. أهم الصعوبات الاقتصادية: ارتفاع نسبة الديون الخارجية ارتفاع عجز الميزانية ضعف نسبة النمو ارتفاع نسبة التضخم وما يتبعها من ارتفاع في الاسعار تواصل ضعف سعر صرف الدينار ارتفاع عجز الميزان التجاري تواصل ارتفاع معدل التهرب الضريبي حلول كان بامكان سعيد التطرق إليها اعلان العزم على التقدم بمبادرات تشريعية في مجالات: تنشيط الديبلوماسية الاقتصادية في مجال الديون وجلب الاستثمارات وتحسين السياحة الحرب على المتهربين من الضريبة الحرب على التهريب اعلان ارادة سياسية لتحسين وضعية الدينار عبر تحسين الصادرات وعائدات العملة الصعبة الضغط على الأسعار لتخفيض نسبة التضخم وذلك عبر محاربة الاحتكار والمضاربة بالاسعار