في الوقت الذي تعتبر فيه سلطة الإشراف أن تخفيض قيمة الدينار شر لا بد منه لتقليص عجز الميزان التجاري يعتبر العديد من الخبراء أن هذا الانزلاق المتواصل لم يحقق الأهداف المعلنة. تونس الشروق: شهد الدينار التونسي انزلاقا كبيرا في السنوات الاخيرة مقابل العملات الاجنبية وقد كان لهذا التراجع تداعيات خانقة على المواطن الذي أرهقه ارتفاع نسبة التضخم ومعها أسعار المواد المحلية التي يتم استيراد المواد الاساسية في صناعتها بالعملة الصعبة كما ارتفعت أسعار المنتوجات المستوردة بشكل لافت وقد طال هذا الغلاء جل القطاعات من المنتوجات الغذائية الى الأدوية وقطع غيار السيارات الى مواد التجميل والملابس وسائر المنتوجات... ربح وخسارة لا يدفع المواطن لوحده فاتورة انزلاق الدينار بل تضرّرت المؤسسات الاقتصادية التي تعتمد على توريد المواد الاساسية بالعملة الصعبة من تراجع قيمة الدينار وكانت منظمة الأعراف قد عبّرت في وقت سابق عن قلقها وانشغالها العميق من الهبوط الحاد للدينار بشكل أصبح يمثل خطرا حقيقيا على الاقتصاد الوطني وعلى المؤسسات التونسية وعلى الاستثمار الداخلي وحثّت الحكومة والبنك المركزي على توضيح أسباب هذا النزيف. كما لم يساهم هذا الانحدار في انعاش الاستثمار الاجنبي بسبب ضبابية مستقبل الدينار وإمكانية انزلاقه أكثر مقابل غياب آليات تغطية مخاطر نزول سعر الصرف. بالإضافة الى أن القطاع الوحيد الذي يمكن ان يستفيد من انزلاق الدينار حسب ما ذكره ل»الشروق» العضو المؤسس للهيئة الاستراتيجية لحلقة الماليين التونسيين نبيل شحدورة هو القطاع المصدّر كليا لكنه في الواقع لا يحقق أرباحا كبيرة لتونس باستثناء توفير الشغل لليد العاملة الزهيدة وهو ما لا ينسجم كثيرا مع سوق الشغل التونسي الذي يتميز باليد العاملة المؤهلة والمتعلمة والتي تعيش في أجواء من الحريات يجعلها لا تقبل برواتب منخفضة في ظل تواصل التضخم كما ان هذا النمط الاقتصادي لا يساهم في خلق قيمة مضافة على غرار الاستثمار في التكنولوجيات الحديثة ومجال الشركات الصاعدة. من جهة أخرى فإن الدولة ايضا تدفع فاتورة تراجع قيمة الدينار ذلك ان كلفة خدمة الدين الخارجي ارتفعت نظرا الى ان خلاص هذه الديون يكون بالعملة الصعبة وهو ما زاد في ثقل الضغط الضريبي. وبمنطق الربح والخسارة لم يتم تسجيل أرقام تعكس انتعاش الاقتصاد أو تقلص العجز الاقتصادي نتيجة هذه الاجراءات التي تم اتخاذها. توقعات وأشار عضو الهيئة الاستراتيجية لحلقة الماليين التونسيين أنّ كل المعطيات تشير الى ان الدينار التونسي انزلق في السنوات الاخيرة وسوف يتواصل انزلاقه لان الوضع الاقتصادي والسياسي مازال على حاله ولم تساهم الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي ولا إملاءات صندوق النقد الدولي في تحسين الواقع الذي يتطلب إجراءات خاصة بتونس تقترحها السلط التونسية وليس الى اجراءات موحدة تنطبق على كل الدول. ومعلوم ان وضع تونس لا يسمح بحصولها على قروض من السوق المالية العالمية باعتبار أن تصنيفها السنوي حول القدرة التنافسية ضعيف مما يجعلها في حاجة الى موافقة صندوق النقد الدولي على صرف قروض لتونس تكون مشروطة بالقيام ببعض الإجراءات من بينها تعديل قيمة الدينار والترفيع في نسبة الفائدة المديرية... وبالإضافة الى كل ذلك فإن قدرة تونس على تغطية وارداتها بالعملة الصعبة تراجعت بوتيرة واضحة من 101 يوم خلال الفترة نفسها من سنة 2017، إلى عتبة 70 يوما حاليا ولاحظ محدّثنا أن هذا المعطى يجعل أزمة نقص الادوية التي عاشها التونسي مؤخرا متوقعة ذلك ان النزول تحت 90يوما من العملة الصعبة يجعل توريد المواد الاساسية صعبا. وأضاف انه في المقابل تغرق الاسواق في التوريد العشوائي للمنتوجات غير الضرورية وهو دليل على ان السيولة متوفرة خارج الاقتصاد الرسمي والبنوك وسيطرة الاقتصاد الموازي على 55بالمائة من الاقتصاد ويفسّر هذا الواقع أسباب عدم نجاعة الاجراءات المتخذة لتقليص عجز الميزان التجاري. ولاحظ أنّه يتم التخفيض في قيمة الدينار بهدف التقليص من العجز التجاري من خلال التقليص في الواردات عبر الرفع في كلفتها من خلال خفض قيمة الدينار. ولكن هذا الإجراء لا يخلو من التداعيات السلبية منها تضخّم أسعار السلع الموردة وارتفاع أسعارها بشكل لافت وبالتالي ارتفاع التضخم المالي وارتفاع في الأسعار بالنسبة للمستهلكين مما سيؤدي إلى تدني القدرة الشرائية. كما قد يكون لتزحلق الدينار انعكاس سلبي على بطء وتيرة الاستثمار وعدم وضوح الرؤية التي تعدّ من العناصر المنفّرة للمستثمر الأجنبي. انعكاسات انزلاق الدينار تسبب في تضخم كلفة الإنتاج جراء ارتفاع أسعار المواد الأولية والتجهيزات بالأسواق العالمية. توجه عديد الشركات الى قطاع التصدير كليا في ظل الزيادات في الأجور والضرائب والاداءات هبوط مدخرات العملة الصعبة ينعكس على استمرار انخفاض قيمة الدينار وارتفاع حجم التضخم وتدهور المقدرة الشرائية. مصاعب متعلقة بسداد تونس ديونها أو توريدها المحروقات أو المواد الأساسية منها الادوية.