اتخذ الخلاف صلب مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أشكالا تصعيدية مختلفة، فبعد اتهام رئيسها بالتفرد بالرأي، ولجوء نبيل بفون الى القضاء ثم محاولته اعفاء عضوين، تجري مساع داخلية لتطويق الخلاف. تونس (الشروق) وبرز الاختلاف صلب هيئة الانتخابات موفى شهر أكتوبر الماضي، قبيل اللقاء التقييمي للاستحقاق الانتخابي ولعمل الادارة الذي نظمته هيئة الانتخابات في جربة، حيث ابدى العضو عادل البرينصي استغرابه من اقدام رئيس الهيئة تنظيم اللقاء دون اعلام باقي الاعضاء. وقوبل تصريح البرينصي في مرة اولى بتوضيح من نبيل بفون أكد فيه أن اللقاء المذكور يهم مسائل ادارية بحتة وان الدورة التقييمية التي سيشرف عليها مجلس الهيئة ستكون يوم 15 نوفمبر القادم. من الاختلاف الى الخلاف الاختلاف تحول الى خلاف، فمن جهته شدد البرينصي على أن تصريحات نبيل بفون تنم عن خلل اتصالي وانه من غير المعقول عدم اعلام الاعضاء بكل التفاصيل، ويتمسك كل من نبيل العزيزي وعادل البرينصي بأنهما لا يشككان في المسار الانتخابي وانما لهما رؤية مختلفة لمسار التقييم والاصلاح للعديد من المشاكل الادارية المتعلقة بسوء التصرف لافتين الى ان البعض يريد استغلالها لضرب المسار الانتخابي. وسرعان ما تطورت الامور بشكل متسارع حيث اعتبر رئيس هيئة الانتخابات نبيل بفون ان تصريحات البرينصي والعزيزي ساهمت في ارباك المشهد العام وادخال الشك للجميع، خاصة وانها تضمنت اشارات لوجود فساد مالي واداري وتدخلات اجنبية ، بما جعل بفون يقرر خلال الاسبوع الماضي مقاضاة العضوين. فشل محاولة الإعفاء وتواصلت الخلافات، حيث دفع رئيس الهيئة مساء الجمعة نحو فض الخلاف داخل أطر الهيئة والنظر في امكانية اعفاء كل من عادل البرينصي ونبيل العزيزي على معنى الفصل 15 من القانون الاساسي لهيئة الانتخابات والذي يتيح امكانية الاعفاء في صورة ارتكابه لخطإ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه أو في صورة الإدانة بمقتضى حكم بات من أجل جنحة قصدية أو جناية أو في صورة فقدانه لشرط من شروط العضوية بشرط موافقة نصف الاعضاء واحالة القرار على البرلمان. وأفاد نبيل بفون بأن 4 أعضاء فحسب من مجلس الهيئة صادقوا على تطبيق الفصل 15 وهم الرئيس ونائبه فاروق بوعسكر والعضوان حسناء بن سليمان وأنيس الجربوعي، في حين تحفظ 3 أعضاء على هذا القرار وهم محمد التليلي المنصري وسفيان العبيدي وبلقاسم العياشي بما حال دون تفعيله، فهل تمضي الخلافات داخل الهيئة نحو الأسوإ؟ من جهته قال عادل البرينصي في تصريح ل''الشروق» ان تصريحاته السابقة كانت تهدف الى اصلاح وضعية الهيئة من الداخل مضيفا بأنه لم يرغب في جر الخلافات لا الى الاعلام ولا الى القضاء غير أن رئيس الهيئة فعل ذلك من خلال التقاضي في مرحلة اولى ومن خلال التعسف في استعمال القانون ومحاولة تفعيل الفصل 15 لافتا الى أن كل ذلك لم يثنهم من التشبث بالاصلاح في النقاط المتعلقة بالتسيير وبطريقة العمل وبعض الامور الادارية. مبادرة للصلح وكشفت مصادر من هيئة الانتخابات أن الاعضاء المتحفظين على قرار تفعيل الفصل 15 دخلوا في محاولات لرأب الصدع للتهدئة و لتقريب وجهات النظر، وان تحركاتهم اتخذت مسارين، يذهب الاول في اقناع رئيس الهيئة بالتخلي عن التتبع القضائي وان يكون عنصرا مجمعا بين الاعضاء سيما وأن عهدته على رأس الهيئة قاربت النهاية، بينما تسعى التحركات في مستواها الثاني دفع العضوين الى تجنب التصريحات المتشنجة وتنسيب الأمور خاصة وأن الهيئة تشتغل تحت رقابة واسعة ومن الصعب حدوث اخلالات جسيمة داخلها دون التفطن اليها كل هذه السنوات. هذه المبادرة التي يحاول العديد من الاعضاء فرضها تبدو السبيل الانجع لتجاوز الخلافات صلب هيئة الانتخابات التي تتطلع الى لعب أدوار جديدة في فترة مابين الانتخابات، غير أن تفعيلها على الارض مشروط اساسا بمدى قابلية كل عضو لثقافة الحوار وقبول الرأي المخالف وكذلك بمدى النأي عن صراعات السياسيين التي تستغل مثل هذه المعارك لتوظيفها والاستثمار فيها. سامي بن سلامة صراع تموقع يرى العضو السابق لهيئة الانتخابات سامي بن سلامة أن الازمة داخل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعمق من التفاصيل التي تخرج بين الفينة والآخرى معتبرا ان الازمة الحقيقية في الهيئة متعلقة بصراع التموقع و بالمحاصصات الحزبية التي تغذي الصراعات داخلها بأشكال مختلفة في كل مرة.