تحوّلات جديدة ومتسارعة ستعرفها سوق الشغل ستؤدي الى اختفاء ملايين المهن وظهور اخرى بسبب الثورة الرقمية والتغييرات المتلاحقة في المحيط فهل استعدت تونس من خلال الارتقاء بمنظومتها التعليمية لهذه التغيرات؟ تونس (الشروق) تحتاج الموارد البشرية في تونس كما في العالم الى مهارات جديدة للتأقلم مع سوق الشغل وتحدي البطالة. وقد جاء في تقرير استشراف مؤشر المعرفة لسنة 2019 الصادر عن قمة المعرفة بدبي مؤخرا ان نحو 70مليون مهنة ستختفي في العالم واكثر من 100مليون مهنة جديدة ستظهر في السنوات القادمة. ويشار الى ان قمّة دافوس كانت قد حددت في تقريرها حول «مستقبل المهن» عشر مهارات حياتية أساسية لا بدّ أن تتوفّر للمتعلم أثناء تكوينه حتى يواكب مهن المستقبل. وهي القدرة على حلّ المسائل المعقدة والإبداع والتمتع بالفكر النقدي والمرونة في علاقة بالمعرفة والتواصل مع الآخر والاستقلالية والذكاء الوجداني والقدرة على اتخاذ موقف أو قرار والقدرة على التفاوض والاستقلالية. وهناك مهارات أخرى من الضروري توفّرها نظرا الى أهميتها كالقدرة على العمل ضمن فريق والعمل التشاركي والإصغاء وحبّ المنافسة والقدرة على التكيّف ودقّة الملاحظة والقدرة على التكوين الذاتي. ويتطلب اكتساب هذه المهارات الحياتية مرافقة المتعلم بتكوين معرفي ملائم للمهن المستقبلية ينطلق منذ التعليم الابتدائي كما ان الارتقاء بالمنظومة التعليمية يحتاج الى النظر في احتياجات الطلاب المستقبلية وتطوير مهاراتهم. التعليم والبطالة وقد تطرق الخبراء في قمة المعرفة 2019 الى أهمية توفير تعليم جيد شامل وعادل للجميع ودور المؤسسات التعليمية في مواجهة التحديات العالمية ودمج مبادئ الاستدامة في المناهج التعليمية والتدريبية. وحول سبل توفير تعليم شامل على صعيد عالمي، قال د.جمال بن جويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم "علينا إدراك أن الارتقاء بالمنظومة التعليمية لا يكمن في إنفاق الكثير من الأموال فحسب فالكثير من الدول تضخ ميزانيات كبيرة في قطاع التعليم ولم تتحقق النتائج المرجوة. لكن المشكلة الرئيسة التي تواجه النظام التعليمي تتمثل في غياب الاستشراف ودراسة احتياجات الطلبة المستقبلية. واقترح أن تعمل الحكومات على الارتقاء بمنظومة التعليم في الدول التي تمتلك مؤشرات محدودة. ولفت النظرإلى أهمية التركيز على تعليم الطلبة المهارات عوضاً عن تلقينهم المعارف مضيفا انه من المفيد ان تهتم الدول العربية بترجمة البحوث العلمية والاستفادة منها خاصة انه من جملة 235 الف بحث علمي في العالم لا تقوم الدول العربية بترجمة سوى نحو 1بالمائة من البحوث. في حين تترجم اليابان 100بالمائة مما يفسر تقدمها واضاف ان تطوير المهارات كفيل بتعزيز معارف الطلبة في المستقبل. وفي ما يتعلق بمساهمة التعليم في خفض معدلات البطالة اعتبر عدد من الخبراء الدوليين الذين واكبوا القمة ان مخرجات التعليم الجامعي تلعب دورا محوريا في تعزيز نسب البطالة بين الخريجين الجدد ذلك انه عند تخرجهم يفتقر جلهم إلى المهارات اللازمة للنجاح في سوق الشغل. دور المناهج وعن دور المناهج الدراسية في توفير الحلول المستدامة على الصعيد العالمي، قال رالف تابيرير، رئيس مؤسسة BBD التعليمية: "إنه لا يوجد حل سحري يعالج مشاكل التعليم في العالم أجمع. فعلى صعيد المناهج مثلاً، ينبغي للقائمين على الأنظمة التعليمية إدراك أهمية التطلع إلى المستقبل عوضاً عن الرجوع إلى الماضي عند إطلاق المناهج الجديدة. كما يجب أن تتفرد كل دولة بتوضيح تفردها وهويتها الثقافية عبر مناهجها التعليمية، إلى جانب تعزيز مبادئ المواطنة العالمية. وعلينا كذلك ضمان قدرة الطالب عند تخرجه على إطلاق عمل ناجح في حال لم يستطع إيجاد وظيفة مناسبة. وأفاد بأن برنامج الأممالمتحدة يركز على عرض نتائج المؤشر سنوياً على المنظمات الدولية التي تقوم بدورها بعرضه على كل دولة، للاستفادة من التوصيات، وسبل التحسين في المراحل المقبلة. ويشار الى ان التقنيات الرقمية ستحدث تحولات في طبيعة الوظائف المستقبلية وفق نتائج "تقرير استشراف مستقبل المعرفة" لعام 2019، والذي يصدره برنامج الأممالمتحدة الإنمائي. واعتبر الخبراء أن المعرفة ليست مقتصرة على التعليم التقليدي. بل تتوسع لتشمل سبل تخزينها ونشرها وتطويرها ثم استخدامها. وحول كيفية بناء رؤية مستقبلية للمعرفة أوضح أنه من المهم وضع المعرفة في سياقها الصحيح وفهمها. وهو ليس بالأمر السهل، ثم تحويلها إلى أصول نملكها في حياتنا ونطبقها في جميع جوانبها، ثم ننقلها لتصبح مهارات مستقبلية. ملامح المهن الجديدة مهن جديدة تماما وهي تتصل بأنشطة ومهام غير معروفة من قبل مثل المهن التي ستنتج عن تكنولوجيا المعلومات والاتصال أو الناتجة عن تطوّر قيم المجتمع وبروز قيم جديدة في سوق الشغل كالجودة ومقاومة التلوّث السيبرني. قطاع الروبوتية: وهو قطاع سيساعد مهن الإنسان أو تقوم مقامه في عديد المجالات. ويتوقّع للروبوتات أن تصبح المحرّك الأساسي للنشاط الإنساني في المستقبل بانتشارها في كلّ القطاعات مما سيحدّ من حجم العمل اليدوي. توظيف البحث العلمي في كلّ المجالات لتطوير سوق الشغل إذ يمثّل الإنفاق على البحث العلمي مراجعة الشعب المدرسية وتغييرها بما يتوافق مع المهن الجديدة تعديل مسارات التوجيه الجامعي بإحداث شعب جديدة تتماشى والتطوّرات المتسارعة الحاصلة في سوق الشغل د. نجوى فزاع غريس (أستاذة تعليم عال) التعليم في حاجة الى اصلاح لمواجهة تغيرات سوق الشغل لا شك ان تونس كسائر دول العالم تقوم باستشراف واعداد الناشئة للتحولات الكبيرة التي ينتظر ان يعرفها سوق الشغل وهناك وعي كبير في تونس بهذه التغيرات وهو ما يتم التطرق اليه في جل المؤتمرات العلمية وفي هذا السياق فان من المهن التي ستختفي يمكن القول انها الاعمال اليدوية وذلك بفضل التطور التقني والروبوتية وذلك في كل القطاعات على غرار اعوان اقتطاع التذاكر بوسائل النقل وفي المطارات اما المهام الجديدة التي ستظهر فهي التي تعتمد على المهارات والمعارف عالية الجودة صحيح انه لا يمكننا استشراف كل الوظائف التي ستظهر بفضل التطور التكنولوجي والعلوم في المستقبل ولكن هناك مهارات مطلوبة حتى تتأقلم الناشئة مع جيل الوظائف الجديدة وفي هذا الاطار يذكر الخبراء اننا نعد جيلا لوظائف غير معروفة بصفة نهائية لكن المطلوب من خريجي التعليم العالي ان يتمتعوا بالمهارات التي تخول لهم التأقلم مع المتغيرات. وبالتالي فان المهم اليوم ان يتعلم الطالب والتلميذ اليات ومهارات عالية الجودة بالإضافة الى التأهيل الذهني والوجداني وقد اصدرت اليونسكو وثيقة تشمل 21قدرة على حل المشاكل وايجاد الحلول والمهارات الوجدانية والاجتماعية...وكل هذه التغيرات تعني ان التعليم في حاجة الى اصلاح تربوي عاجل برؤية جديدة تفتح منافذ التعليم الذاتي والتدريب والذكاء الوجداني والاجتماعي وتقوم كل الدول منها تونس بإعداد استراتيجيات لمواجهة التحولات الجديدة في سوق الشغل خلال السنوات القادمة.