جودة التعليم ركيزة لتطور اقتصاد المعارف -تونس (الشروق): أصبحت المعرفة هي القاطرة والمحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وبذلك دخل اقتصاد المعرفة في صلب السياسات الاقتصادية في كثير من البلدان النامية والمتقدمة. ووفقا لمنهجية البنك الدولي لتقييم المعارف، فإن ازدهار اقتصاد المعرفة في أي بلد يحتاج إلى أربع ركائز تتمثل في نظام اقتصادي ومؤسساتي قوي، ونظام تعليمي سليم، وبنية تحتية معلوماتية، ونظام للابتكار. موقع تونس لكن يبدو ان تونس قد تأخرت بنقطتين مقارنة بالسنة الماضية في مؤشر المعرفة لسنة 2018 الذي تم الإعلان عنه مؤخرا في قمة المعرفة بدبي لتحتل المرتبة 82عالميا من جملة 134دولة والمرتبة التاسعة عربيا ولعل هذا التراجع يعود للاضطرابات التي تعرفها المدرسة العمومية في السنوات الأخيرة وارتفاع نسق الإضرابات والمطلبية ونقص المربين وارتفاع نسق الشغورات وهو ما من شانه ان ينعكس سلبا على مستقبل اقتصاد المعرفة الذي تعدّ جودة التعليم من اهم ركائزه. وهو ما يدعو الى التسريع في القيام بالإصلاحات المعطّلة وتوفير مناخ اكثر استقرارا في المؤسسات التربوية وتحييدها عن التجاذبات والمطلبية حتى لا تخسر تونس احد اهم مكاسبها بعد الاستقلال وهي التعليم العمومي الذي بدأ يتهاوى ... وعموما مكّنت تكنولوجيا المعلومات من بناء الاقتصاد القائم على المعرفة وبذلك تحوّل المجتمع من مجتمع يرتكز على اقتصاد صناعي ويعتمد على ثروات الأرض الباطنية والمعادن إلى مجتمع ذي اقتصاد معلوماتي أو معرفي تشكل المعلومات فيه المورد الأساسي والاستراتيجي وراس المال الحقيقي. ويتميّز هذا الاقتصاد بان راس ماله الحقيقي يتمثل في الثروة البشرية المؤهلة والقادرة على خلق قيمة مضافة بفضل ما تنتجه من معارف. وتبعا لذلك يرى بعض المحللين الاقتصاديين أن الحضارة الحالية تحولت من الاقتصاد الصناعي إلى الاقتصاد المعلوماتي. وفي ظل اقتصاد المعرفة تحولت المعلومات إلى أهم سلعة في المجتمع وفي ظل هذه الظروف الجديدة لم يعد الاقتصاد معنياً فقط بالبضائع أي بالتبادل التجاري للمنتجات المادية، بل ازداد اعتماده على تقديم الخدمات، وبالتالي اكتسب الاقتصاد سمة جديدة وهي إنتاج وتسويق وبيع الخدمات والمعلومات. سوق الشغل يفترض اقتصاد المعرفة ملاءمة مخرجات التعليم مع المتغيرات العالمية بما يمثل ركيزة أساسية لاستمرارية اقتصاد المعرفة وفي هذا الإطار أكد أكاديميون ومشاركون خلال فعاليات "قمة المعرفة 2018" المنعقدة مؤخرا بدبي أنه يجب ملاءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع المتغيرات العالمية المتسارعة التي يشهدها العالم، وخصوصاً مع متطلبات سوق الشغل وضرورة تضمين المهارات الشخصية والمتقدمة في المنظومة التعليمية، والتي تشكل صمام أمان الكفاءات لتجاوز تحديات المستقبل واستثمار فرصه بالشكل الأمثل. وأوضح جل الخبراء بأنه يجب على المجتمعات أن تستثمر في إدخال المهارات الشخصية "والناعمة" إلى المنظومات التعليمية، كتعريف الكفاءات الشابة بمهارات التحدث والتواصل على كافة المستويات والتي أصبحت ضرورة حتمية باعتبار ان العالم بات قرية صغيرة، كما أكد على ضرورة تنمية مهارات تشخيص الإشكاليات بالإضافة الى التدريب على حلها، معتبرا ان تشخيص المشكلة في العالم الحديث هو أمر صعب ويستغرق فترة أطول من حلها. رأس المال البشري من المفارقات ان الدول السائرة في طريق النمو على غرار تونس لا تستفيد من الثروات البشرية المؤهلة في تنمية الاقتصاد وهو ما يجعل دولا كثيرة متطورة تستقطب هذه الكفاءات التي غالبا ما تكلف الدولة مليارات لتكوينها على غرار عدة اختصاصات منها الهندسة والطب والصيدلة فهذه الدول تثمن هذه الكفاءات وتمنحها التسهيلات الضرورية والامكانات اللازمة للبحث في حين كثيرا ما تهمش هذه الكفاءات في بلدان المنشأ دون الاستفادة من القيمة المضافة التي تتيحها في اقتصاد المعرفة الذي يمثل الجيل الرابع للاقتصاد او اقتصاد الحاضر والمستقبل وفي هذا الاطار تطرّق الدكتور بوريس سايزلج رئيس مجلس إدارة شبكة اقتصاد المعرفة إلى ان الاستثمار في المعرفة يعدّ كأحد أوجه التنوع الاقتصادي مشيرا الى كيفية تحقيق التنافسية العالمية عبر الاستثمار في رأس المال البشري. وخلال عرضه لتاريخ ومكونات اقتصاد المعرفة أوضح د. سايزلج، العلاقة بين عناصر الاقتصاد الأساسية عبر القرون، حيث انتقلت البشرية من الاعتماد على الأرض والعمالة بصفة أساسية، إلى الثورة الصناعية الأولى التي شهدت تنامي الاعتماد على رأس المال والعمالة، حتى وصلنا إلى مجتمع المعرفة الذي ازداد فيه الاعتماد على المعرفة ورأس المال. وتعرض الدكتور الى أهمية الاستثمار في المعرفة لتحقيق التنوع الاقتصادي كما استعرض عناصر بيئة الأعمال وهي التعليم والتدريب، والبحث العلمي والعلم، والابتكار، وريادة الأعمال، وبيّن أثر المحرك البخاري والكهرباء وغيرها من الابتكارات في خفض عبء الجهد البدني في العمل بالنسبة الى الانسان مما رفّع من أهمية المعرفة والمهارات وصولاً إلى عصر مجتمع المعرفة الذي اعتمد فيه التقدم على الحاسوب ثم الثورة الصناعية الرابعة التي تقوم على الحواسيب فائقة القدرة والانسان الالي التي يرى أنها لا تنافس الإنسان في عمله لتميزه بالفكر المستقل والمشاعر والشخصية المميزة. ودعا الدكتور إلى زيادة الاستثمار في رأس المال البشري مستشهدًا بمعدلات الالتحاق الكبيرة بالتعليم الجامعي فى كوريا الجنوبية وغيرها من الدول المتقدمة كقوة أساسية في نموها وتطورها، وعرض للنماذج الأساسية للتعليم الجامعي، مبينا ضرورة التعليم المستمر في كافة الأعمار، والتعليم المتبادل بين الأجيال وبين الطالب وأستاذه، مع رفع مستوى الإنفاق على البحث العلمي لتحقيق الرخاء وزيادته. د. أحمد بالهول الفلاسي وزير التعليم العالي بدولة الامارات مخرجات التعليم وسوق الشغل أكد د. أحمد بالهول الفلاسي، وزير التعليم العالي بدولة الامارات على أهمية إيجاد بيئة تعليمية متكاملة في الدول العربية تعمل على تطوير مخرجاتها باستمرار، وتعمل على ملاءمتها مع سوق العمل، بما ينعكس على جودة الكفاءات والاطارات ، بما يساهم في تعزيز مساهمتها في تحقيق التنمية وضمان استدامة اقتصاد المعرفة.، موضحاً بأن البناء السليم لمجتمعات المعرفة يتطلب تطوير منظومة التعلم والتعليم لتكون لديها القدرة على مواكبة التغيرات والاستفادة من التقنيات الحديثة لضمان توافق مخرجاتها مع احتياجات ومتطلبات المستقبل. ونوه الدكتور بأن هناك عبئاً كبيراً على التعليم العالي عالمياً، في ظل المتغيرات الكبيرة التي تحصل باستمرار على سوق العمل، والتي تفرض على عناصر العملية التعليمية التأقلم والتكيف باستمرار من أجل النجاح، وخصوصاً في ظل ظهور وظائف جديدة واندثار وظائف أخرى. وشدد على أهمية المهارات المتقدمة في تعزيز الكفاءة المهنية لرأس المال البشري، معتبرا ان هذا التمشي يعدّ من الأساسيات لبناء كفاءات مؤهلة وقادرة على النجاح في المستقبل. وأضاف ان دور السياسات الاستشراف والعمل على تنمية وتطوير العملية التعليمية من خلال توجيه الأفراد نحو المهارات المستقبلية ليتمكنوا من التكيّف والتأقلم مع المعطيات الجديدة في المستقبل، والمتغيرات المتوقعة في سوق العمل، والتي تتطلب من الأفراد والجماعات مهارات دقيقة كالتفكير النقدي والإبداع والتكيف والتواصل ... د. جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة الشباب وقود اقتصاد المعرفة لقد أثبتت قمة المعرفة في دورتها الخامسة أنه يمكن للعرب استعادة مكانتهم المعرفية وإطلاق مكنوناتهم الإبداعية وللإشارة فقد ناقش عدد من الخبراء مجموعة من المحاور المهمة، تمثلت في التوجهات المستقبلية للتكنولوجيا الحديثة، ودورها في تطوير الاقتصاد ودعم الشركات الكبرى والصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، وأثرها في مختلف المهن والمجالات، والاستراتيجيات اللازمة للتجاوب معها واستباق التطورات المقبلة. وركّزت القمة على أن الشباب يعدّ وقود الاقتصاد المعرفي، وأن الثقافة التكنولوجية والبيانات من أهم العناصر لتمكين جيل الشباب في زمن الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية التي تدعم قدراتهم ومواهبهم، والعمل على تنمية آلية التفكير المؤهلة لمواجهة تحديات سوق العمل. 1969 سنة ظهور مصطلح اقتصاد المعرفة لأول مرة في كتاب الفيلسوف الأمريكي "بيتر دراكر" 94 ألف كفاءة قد غادرت تونس بين سنتي 2011 و2017وفق منظّمة التعاون والتنمية الاقتصادية 20 ألف تونسي غادروا البلاد نحو إيطاليا بشكل غير قانوني 2 هي مرتبة تونس عالميا في مجال هجرة الادمغة 85 ألفا من الإطارات في الخارج من ضمنهم شباب تخرج حديثا من المؤسسات الجامعية 82 مرتبة تونس في مؤشر المعرفة العالمي ضمن 134دولة و9عربيا.