حركة ثقافية متنوعة تعيشها تونس في كل الجهات ؛مبادرات جمعياتية ومهرجانات وملتقيات وندوات وفضاءات جديدة خاصة وعمومية كل ذلك بدعم من وزارة الثقافة. تونس-الشروق: سيغادر الوزير محمد زين العابدين وزارة الثقافة بعد أيام بعد أن ترك حملا»ثقيلا» لمن سيأتي بعده يصعب أن يجاريه فيما تحقق فقد نجح محمد زين العابدين خلال ثلاث سنوات في إحداث العديد من التظاهرات الدولية التي سيكون لها شأن في المستقبل مثل أيام قرطاج لفن العرائس وأيام قرطاج للفن المعاصر وأيام قرطاج للخزف و أيام قرطاج الشعرية ومعرض الكتاب التونسي وأيام قرطاج للرقص ومؤسسات جديدة مثل أوبرا تونس ومؤسسة الأستثمار الثقافي وغير ذلك. وفي كل الجهات هناك حراك ثقافي تدعمه وزارة الثقافة بشكل كامل لكن المؤسف أن كل هذه «الحياة الثقافية» وكل هذه المبادرات ينسفها الاعلام السمعي البصري الغارق في الرداء ة والإسفاف فهناك قطيعة واضحة بين وزارة تدعم في فنون الأوبرا والتشكيل والنحت والعرائس والكتاب وغيرها من الفنون وإعلام يبحث عن «البوز» ولا يقدم إلا التفاهة والسطحية متجاهلا أعلام تونس ونخبها. تغييب المثقف لم تصور القنوات التونسية منذ عشر سنوات مسرحية واحدة ولا يوجد في كل القنوات برنامج واحد يعنى بالمسرح أو الفن التشكيلي أو السينما ولا الكتاب؛ فالقنوات التونسية كما الإذاعات آخر ما يعنيها هو الثقافة والمثقفين وهي ظاهرة غريبة لا نجد لها أي نظير في العالم. إذ تلتقي الإذاعات كما الفضائيات في هذا العداء للثقافة والمثقفين بما في ذلك المملوكة للدولة بل حتى إذاعة تونس الثقافية تحولت إلى إذاعة عامة تهتم بالسياسة والنقابة ولا شيء تقريبا يميزها عن بقية الإذاعات وفي الحقيقة هذا الوضع الإعلامي غير المسبوق هو ترجمة لحالة السقوط العام الذي تعيشه البلاد حتى صرنا نترحم على زمن الكبار الذين صاغوا المشروع الثقافي الوطني في إطار دولة الاستقلال مثل لمين الشابي ومحمود المسعدي والطاهر شريعة ومحمد المرزوقي وعلي بن عياد الخ… ونطلب الشفاء وطول العمر للشاذلي القليبي وفرج شوشان وغيرهم من بناة مشروع الثقافة التونسية. فالثقافة لا معنى لها إن لم يصاحبها مشروع إعلامي لذلك لم يكن صدفة تأسيس وزارة الثقافة تحت اسم كتابة الدولة للأخبار والإرشاد القومي فالثقافة هي في النهاية مشروع نشر قيم الجمال والتحديث. ولا مناص اليوم من العمل على تنسيق جهود المؤسسات الثقافية والإعلامية حتى نضمن الرّفع المتواصل لمستوى الإنتاج الفكري والثقافي وحتى نضمن خصوصا وصول هذا الانتاج إلى الجماهير العريضة. وقد تفطنت مجتمعات متطوّرة الى ذلك مثلما تم في فرنسا إذ بعثت هياكل ترابط بين مؤسسات الانتاج الثقافية ووسائل الاتصال العمومي من إذاعات وتلفزات تحقيقا لنجاعة وفاعلية أكبر للفعل الثقافي والإبداعي سيّما وأنّ كل هذه المؤسسات ثقافية كانت أم اتصالية تستمدّ تمويلاتها من معين واحد ألا وهي ميرانية الدولة.