احتجنا إلى وباء كي نقف على حقيقة الوضع الكارثي لمستشفياتنا التي تظل خط الدفاع الأول للتونسيين لتلقّي العلاج. وضع آن له أن يتغيّر ما بعد مرور ازمة كورونا والتي أكّدت بلا شك ان القطاع العام وحده المنقذ زمن الأوبئة وقبلها وبعدها. تونس الشروق وضع كارثي إن كان العالم يقف إجلالا لطواقمه الطبية وشبه الطبية في مواجهتها الشرسة مع فيروس سارس كوفيد 2 (كورونا) فيصفقون له عبر النوافذ والشرفات في باريس ويضيئون له برج ايفيل ومعالم أخرى في مختلف اصقاع العالم ويعزف لهم موسيقيون ويصفق لهم رجال الشرطة ويحيونهم فإنه مطلوب منا في تونس أن نقف لهم إجلالا مضاعفا. فالكفاءات الطبية وشبه الطبية في مستشفياتنا تدخل هذه الحرب بأيادي عارية. هم عزّل امام الكارثة بسبب الوضع الكارثي الذي تعيشه مستشفياتنا من نقص في التجهيزات والمستلزمات الطبية. فقبل حلول ازمة سارس كوفيد 2 كانت مستشفياتنا تعاني نقص التجهيزات وتردّي البنية التحتية ونقص الموارد الطبية من إطارات طبية وشبه طبية ونقص الأجهزة والمعدات اللازمة لعملية العلاج والتداوي كاجهزة السكانار والرنين المغناطيسي. حالة كان من الضروري ان تفرز كوارث في مستشفياتنا على غرار وفاة 11 رضيعا في مستشفى الرابطة كما افرزت هجرة الكفاءات الطبية نحو القطاع الخاص وباتجاه اوروبا ودول الخليج. وكان لهذه الكوارث تداعيات مضاعفة تسببت في تردّي خدمات العلاج وتباعد المواعيد الطبية وبطئها وفوضى عارمة في المستشفيات حيث فاق عدد المرضى طاقة الاستيعاب والمعدات المتوفرة للعلاج وصولا الى نقص الادوية والذي زاد الوضع مأساة على مأساة. وضع لم يثن الاطار الطبي من طلب الاستغاثة من اجل التدخل ووقف هذا النزيف تحول لاحقا الى حركة احتجاجية افرزت مجددا مغادرة أطباء اكفاء للقطاع العام فالدكتورة نادية بركات الاخصائية في امراض القلب ورئيسة قسم القلب في مستشفى الطاهر المعموري بنابل اضطرت الى الاستقالة في جويلية 2019 بسبب تواصل غياب دواء سينتروم وعدم استجابة الوزارة والصيدلية المركزية لنداءاتها المتكررة. المستشفيات... ثكنات حالة الفوضى في المستشفيات وتغاضي جميع الحكومات عن إطلاق اصلاح حقيقي للقطاع يعيد للمشفى اعتباره وللمواطن حقه في العلاج والصحة وفقا لما يضمنه الدستور جعل ميزانية وزارة الصحة العمومية ضئيلة وغير كافية للاستجابة لحاجيات هذا القطاع الاستراتيجي وهو امر حال دون دعم الموارد البشرية وحرم أيضا 1000 طبيب من الحصول على رواتبهم لمدة 5 اشهر وفقا لما كان قد صرح به ايمن بالطيب نائب رئيس منظمة الأطباء الشبان. ويمثل الفساد في القطاع الصحي رصاصة الرحمة التي سدّت كل أفق إصلاحي لهذا القطاع الاستراتيجي الذي اثبتت ازمة كورونا انه يرتقي الى مستوى خط الدفاع الأول عن الامن القومي وما نقص مخزون الادوية ونفاذها في عدد من المستشفيات والمراكز الصحية بسبب التهريب سواء عنوان لحجم الخراب الذي بات يعيشه القطاع. ففي القطاع الصحي تغلغل الفساد لدرجة زرع لوالب قلبية فاسدة للمرضى دون اية محاسبة للفاسدين او تفكيك للوبي الفساد. وضع لم ينجح الحوار الوطني حول اصلاح القطاع الصحي الذي انتظم في مارس 2019 عقب كارثة وفاة الرضع في مستشفى الرابطة - الذي كاد يعلن إفلاسه وإغلاق ابوابه بداية 2020 بسبب العجز المادي- في الخروج بحلول عملية لاصلاحه رغم حجم المشاركة القياسية في هذا الحوار الذي شارك فيه رؤساء اقسام من مختلف المستشفيات للكشف عن الواقع الكارثي للبنية التحتية المتردية لمستشفياتنا. هذا التعطّل في الإصلاح مرده غياب إرادة الإصلاح لدى النخبة الحاكمة فأزمة كورونا اثبتت بلا شكّ ان المستشفيات في القطاع العام هي المنقذ وهي وجهة العلاج الأولى لكلّ التونسيين وهذه الازمة هي الفرصة المتاحة للإصلاح وإنهاء المأساة وإعادة الاعتبار للقطاع العام بإعتبار وان المستشفيات هي الثكنات الخلفية لحماية الامن القومي. وضع كارثي في وحدة كوفيد بسيدي بوزيد كشف الدكتور أنيس قمودي في نداء استغاثة توجه به الى وزير الصحة العمومية عن حجم العجز الذي يواجه به الاطار الطبي وشبه الطبي فيروس كورونا بسيدي بوزيد قائلا إنّ "الدكتور المشرف على وحدة كوفيد 19 بالمستشفى يشتغل ليلا نهارا كامل الأسبوع وهو امر غير منطقي ولم يقم به في التاريخ لا "هرقل" ولا "جمبو الجبار". وان العاملين في وحدة العزل يتعرضون للجوع حيث تقدم لهم علبة ياغرت وطابع جبن لمدة عمل تفوق 12 ساعة مع منع مغادرتهم للوحدة بالإضافة الى تجويع المرضى المعزولين". وأضاف الدكتور قمودي إن "المرضى بعد التحليل والعزل يُتركون لمصيرهم دون تظيف دوري ودون مراقبة امراضهم المزمنة لتتحول وحدة كوفيد الى منفى لأسرى حرب". سمّاها الدكتور قمودي أيضا ب"وحدة الموت". أرقام ودلالات 330 سرير إنعاش متوفرة في القطاع العام اغلبها في إقليم العاصمة والوسط الشرقي. 0 سرير انعاش في إقليم الجنوب الغربي وإقليم الوسط الغربي وفي ولاية سليانة 48 جهاز سكانار فقط متوفر في القطاع العام مقابل 131 جهازا في القطاع الخاص 1000 طبيب في القطاع العام ظلّوا دون رواتب لمدة 5 اشهر 19.5 % نسبة تطور عدد المصحات الخاصة خلال أربع سنوات