حتما ستكون مرحلة ما بعد «كورونا» غير التي عاشتها كرة القادم على امتداد عقود وخاصة في السنوات الأخيرة عندما صعدت أسهم اللاعبين بصفة جنونية الى درجة أنّنا لم نعد نصدّق ما يحدث في عالم البيع والشراء بعد أن تجاوزت الصفقات الخيال. وقد زاد الصّراع المحموم بين كبار الأندية الأوروبية الأسعار التهابا. لكن اليوم يبدو أن الأمور في طريقها الى التغيير بما أن فيروس «كورونا» (كوفيد - 19») أصاب الاقتصاد العالمي لكرة القدم بشلل كامل، بسبب توقف دوريات كرة القدم، في مختلف أنحاء العالم، وخسارة جميع الأندية الموارد المالية الضّخمة التي كانت تتحصل عليها من حقوق البث التلفزي وبيع التذاكر والاشتراكات والتسويق. مراجعة العقود إلى حين الانفراج أكيد بعد هذه الأزمة وإن عاد النشاط الكروي العالمي ولو تدريجيا لن نسمع عن صفقات نارية، بل يمكن القول «وداعا» لمبلغ أكثر من 100 مليون أورو من أجل لاعب واحد. فهذا الزمن قد ولى مع غلق «الميركاتو» الشتوي الماضي، وأكيد أن «الميركاتو» القادم سيكون بمواصفات جديدة لأن الأندية تعاني في الوقت الحالي من ديون وأزمات من العيار الثقيل أثّرت على إيراداتها واستثماراتها وميزانياتها العامة ومستقبلها المالي، وهو ما دفع عدة أصوات للمطالبة بتقليص الرواتب في إيطاليا وفرنسا وألمانيا. ولعل هذه الأزمات يلخصها ضغط الأندية على الاتحادات الوطنية من أجل الموافقة على عودة النشاط الرياضي بهدف تجاوز الوضع المالي الذي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم. لكن ما هو أكيد أن كل الفرق ستواجه معاناة في «الميركاتو» القادم وخاصة الأندية الصّغيرة. وأمام هذه الوضعية غير المألوفة في عالم كرة القدم باعتبار أن الأزمة المالية مسّت كل الأندية العالمية دون استثناء فان صفقات «الميركاتو» الصيفي القادم ستكون مغايرة لسابقاتها، فلن يقدر برشلونة عن دفع 125 مليون أورو والتي دفعها في الشتاء مقابل انتداب عثمان ديمبيلي، و145 مليون أورو لكوتينيو و120 مليون أورو من أجل غريزمان. فهذه الأرقام الخيالية دخلت طي التاريخ، وقد تعود بعد فترة إذا تعافت الأندية اقتصاديا وهذا يتطلب وقتا طويلا، في ظل العودة المتعثرة لمختلف البطولات بما أنها ستكون دون جماهير. وأمام هذه الوضعية لا خيار أمام الأندية سوى العمل على «عقلنة» المرحلة القادمة والتكيّف معها لتجاوزها بأخفّ الأضرار، لأن الأولويات قد تغيّرت، من بحث الأندية عن تطعيم فرقها وتقوية حظوظها في الحصول على الألقاب الى توفير جرايات اللاعبين ومستلزمات التحضيرات في انتظار أن تتغيّر الأحوال.