تونس/الشروق كشفت ازمة جائحة كورونا عن أزمة حقوقية هيكلية في تونس بانت ابرز ملامحها من خلال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. إذ رفعت الجائحة الحجاب عن الأرقام الحقيقية لفقراء البلاد، لطالما اخفتها الحكومات المتعاقبة، والذين يناهز عددهم 3 مليون تونسي يعيش بعضهم تحت عتبة الفقر او مع عتبة الفقر. الدستور مجرد نص جميل غير قابل للتفعيل ورغم تضمن دستور 2014 ل30 فصلا ينص على جملة من حقوق الانسان إلاّ ان الجائحة كشفت ان تلك الفصول ظلّت مجرد نصوص جميلة غير قابلة للتفعيل. فالحق في الماء لم يتوفر للكثير من التونسيين في مناطق عديدة رغم ان أولى تدابير الوقاية ضد الفيروس هي غسل اليدين لمرات عديدة في اليوم لكن هؤلاء لا يجدون الماء لشربه فكيف إذن يمكنهم ان يستخدموه لغسل الأيادي. والحق في الصحّة لم يتوفر للكثير من التونسيين في مناطق عديدة باعتبار وانّ عدم الثقة في المؤسسات الاستشفائية لتوفير الوقاية اللازمة جعل المرضى يهجرون المستشفيات خوفا من عدوى كورونا الامر الذي أثمر وفايات لمرضى كان يمكن انقاذهم لو تواصلوا مع اطبائهم او تحصلوا على جرعات الادوية الضرورية. والحق في الكرامة لم يتوفّر أيضا دليل ذلك تواجد نشطاء ومدونين في ملاحقة قانونية وفي مقدمتهم الناشط الاجتماعي بطبربة انيس مبروكي لتهم تعود خلفيتها الى مساندته المطلقة للحراك الاجتماعي في جهته. قانون استثنائي عاجل حقوق أخرى كثيرة رفعت عنها كورونا الحجاب فلاحت أزمتها لتثبت غياب الثقافة الحقوقية في مجتمع يعيش على وقع التغيير منذ 10 سنوات ولم تنجح أيّ من الحكومات في ترسيخ قاعدة القيم والثقافة الحقوقية في سلوكه عبر تشريعات وقوانين تنظم العيش المشترك على قاعدة حقوق الانسان كمرجعية وكهدف. ولكن وصم المصابين بفيروس كورونا والمتعافين منه وحدة العنف الاجتماعي الموجه ضد ضحاياه ممن رفض بعض "المحتجين" دفنهم وتعريض من عانوا من فيروس كورونا الى صعوبة في إعادة الاندماج في مجتمع يرفضهم كشف الحاجة الى سنّ قانون استثنائي وبصفة استعجالية لتجريم هذه الظاهرة الاجتماعية منعا لعنف مضاد قد يُترجم في محاولات انتحار او عنف متبادل او إخفاء للإصابة. إلاّ ان "هذا المقترح غير مطروح حاليا في الحكومة" وفقا للإجابة المقتضبة التي تحصلت عليها "الشروق" من وزير حقوق الانسان العياشي الهمامي يوم امس علما وان الوزير يبدو انه لم يستصغ اتصالنا به في يوم أحد وطلب منّا مراجعة كاتبته لأخذ موعد للرد عن أي سؤال او تفاصيل. ونحن لم نكن نعلم مسبقا ان حقوق الانسان موضوع لا يمكن الخوض فيه في يوم الاحد ولم نكن نعلم أيضا ان اثارة مسألة حقوقية بهذا الثقل وهذه الحاجة لم تثر مناضل كبير في حجم العياشي الهمامي للإدلاء بموقف مبدئي عام من الوزير المكلف بحقوق الانسان بما من شأنه ان يبعث برسالة طمأنة لضحايا الوصم الذين يطالهم الوصم "صباحا مساء ويوم الاحد" على حد قول الشاعر الصغير أولاد احمد.