منذ القدم اقترن اسم مدينة قابس باسم الصحابي الجليل أبو لبابة الانصاري فلا يدخل غريب المدينة الا وزار مقامه تبركا وتقرّبا الى الله، ذاع صيته كولي صالح وأصبح يأتيه الزوار من كل مناطق البلاد وهو ما دعا السلط الجهوية الى العناية بمقامه باعتماد مشروع رئاسي أعاد تهيئته وتوسعته وفق تصميم هندسي اسلامي وزخرفة غاية في الاتقان. اسمه حمل عنوان مهرجان دولي للمدائح والأذكار وسيرته تناولتها الأجيال عبر المدائح والأشعار واهتم بها المؤرخون والباحثون وأعدّوا حولها دراسات وبحوث ويتناول العامة في قابس روايات عديدة حول شخصية هذا الصحابي وتأثير بركاته لحماية مدينة قابس من الكوارث والحروب عبر فترات تاريخية عديدة. **من هو أبو لبابة الأنصاري هو أبو لبابة بشير بن عبد المنذر بن رفاعة وأمه نسيبة بنت زيد بن ضبيعة، وتتفق أهم الروايات على أن أبا لبابة كان من وجهاء المدينة، يتعاطى التجارة، وعرف بالبطولة منذ الجاهلية اذ كان ضمن جيش الاوس في حربهم ضد الخزرج. أسلم قبل الهجرة على يد مصعب بن عمير وكان عمره بين 35 و40 سنة استقبل الرسول بالمدينة، وتقرب منه وكان يعهد له بالمهمات الصعبة حيث استخلفه على المدينة في غزوة بدر وغزوة بني قينقاع وغزوة السّويق سنة 2 ه. في السنة 5 ه هدّد يهود بني قريظة بالقتل لاصرارهم على المقاومة والكفر وشعر بعدها انه ارتكب ذنبا فعاقب نفسه بأن ارتبط بسلسلة بسارية في مسجد النبي وهي تعرف الى الآن بأسطوانة أبي لبابة او أسطوانة التوبة وأقسم الا يحل رباطه حتى يغفر له الله ذنبه فنزلت في شأنه آية الأنفال ثم آية التوبة (103) وعندئذ حلّ الرسول رباطه بيده الكريمة وبعدها أعلن أبو لبابة انه يتخلى عن ما له ويهاجر ناذرا نفسه للجهاد في سبيل الله، بعد وفاة الرسول انضم الى جيش الزحف الذي كونه خالد بن الوليد وتوجه الى حرب الردة باليمامة لمقاتلة مسيلمة ثم الى العراق والشام وفلسطين ومصر وحضر فتح دمشق وحرب اليرموك، قدم الى افريقية (تونس) في خلافة عثمان ابن عفان ووافته المنية في عهد الامام علي ابن ابي طالب عن سن تناهز 80 سنة في مكان يسمى وادي الغيران بجهة مارث ونقل جثمانه الى ربوة أبي لبابة في مدينة قابس حيث يوجد مقامه الحالي. زوار على مدار العام يقع مقام سيدي أبي لبابة على مساحة فسيحة تجمع المقام والصحن وفضاء المدائح والقرآن اضافة الى استراحة خاصة بالزوار، وعلى مدار العام يظل المقام عامرا بالزوار القادمين من كل الجهات للتبرك وزيارة الضريح، اما أهالي قابس والمناطق القريبة فقد تعوّدوا على زيارة المقام كل يوم جمعة ودخل ذلك في عاداتهم وتقاليدهم حيث أصبح موعدا قارا اسبوعيا تلتقي فيه العائلات مصحوبين بالخبز والبسيسة للصدقة. **مهرجان دولي مهرجان سيدي أبي لبابة الانصاري أصبح دوليا منذ 1992 ينتظم خلال النصف الأول من شهر رمضان ويشتمل على مسابقات في حفظ القرآن وترتيله ومسابقة في المدائح والاذكار تشارك فيها عشرات الفرق من تونس والدول المغاربية هذا اضافة الى المحاضرات الدينية ومعارض للحضارة والعمارة الاسلامية، وقد أصبح هذا المهرجان فرصة لأهالي قابس للترويح على النفس خلال ليالي رمضان والانتشاء ببعض الروحانيات. **بحوث ودراسات من الذين بحثوا في سيرة وتاريخ الصحابي الجليل سيدي أبي لبابة الانصاري نجد ابن قابس الاستاذ حسن مرزوق الذي ألف كتاب «تاريخ وجهاد الصحابي الجليل سيدي أبي لبابة الأنصاري» وذلك بعد ان سافر الى باريس وعديد البلاد المشرقية للاطلاع من المكتبات الكبرى عن بعض الروايات التي كتبت سيرة هذا الصحابي وأكدت سيرته وحياته. **حامي قابس ويعتقد أهالي قابس وفق عديد الروايات المتناقلة ان وجود هذا الصحابي الجليل على ربوة تشرف على المدينة قد مثل طوال عديد الفترات عاملا روحانيا حمى مدينة قابس من بعض الكوارث والغزوات وهو شعور ترسّخ لدى عامة الناس وتوارثته حتى اليوم.