كان بالإمكان أن تُحقق ثورة 2010 - 2011 اليوم، بعد مرور عقد كامل من الزمن، كل أهدافها وكان بالإمكان أن يكون وضع البلاد أفضل حالا ممّا هو عليه اليوم لو تحلّى المُتداولون على السلطة منذ ذلك التاريخ إلى اليوم والفاعلون السياسيون الذين رافقوهم بحدّ أدنى من المسؤولية والنزاهة والكفاءة في تسيير البلاد.. وحدَهم حُكّام وسياسيو السنوات العشر المنقضية يتحملون المسؤولية التاريخية لما تعيشه اليوم الدولة من حالة انهاك وفوضى وما يعانيه الشعب من فقر وحرمان. فقد كان من المفروض أن تمثل الثورة من 2011 إلى اليوم فرصة في تونس للتغيير نحو الأفضل ولتدارك نقائص فترتي بورقيبة وبن علي ومواصلة ما تمّ من اصلاحات، غير أن ذلك لم يحصل. 9 رؤساء حكومات و4 رؤساء للجمهورية تعاقبوا منذ 2011 إلى الآن على الحكم وما لا يقل عن 500 وزير تداولوا على مختلف الوزارات وأكثر من 50 حزبا قويا وفاعلا نشط بقوة على الساحة السياسية ودخل البرلمان ومارس السلطة، وآلاف المسؤولين اعتلوا المناصب العليا في الدولة وفي الإدارة.. غير أن ما بلغته البلاد اليوم من "دمار" كشف مدى محدودية أداء أغلبهم وأكّد فشلهم الذريع رغم ما تردّد عن كفاءتهم وعبقريتهم وقدراتهم. وقد كشفت السنوات المنقضية أنه ما من أحد من هؤلاء، من رؤساء حكومات ورؤساء الجمهورية والوزراء وكبار المسؤولين وقادة الاحزاب والناشطين السياسيين وغيرهم من الفاعلين، أثبت جدارته لتولي المنصب الذي اعتلاه وحقق انجازا يشهد له به التاريخ. فقد أثبتوا، عكس ذلك، انهم عناوين فشل خاصة في ظل انشغالهم جميعا بخدمة مصالحهم الحزبية والسياسية والشخصية الضيقة على حساب مصلحة البلاد والشعب. وأكثر من ذلك، اتضح أن أغلب هؤلاء تعوزه الكفاءة اللازمة لتسيير الدولة وإلّا لما تسبب بعضهم في "كوارث تسييرية" مالية واقتصادية وسياسية كبرى مازالت البلاد تعاني تبعاتها إلى اليوم وتكاد تجرّها إلى الافلاس، وبان بالكاشف ان آخرين تعوزهم الوطنية وإلا لما انخرطوا في الفساد وفي الإضرار بالمصالح الحيوية للدولة وللشعب والبحث عن نيل نصيب من "كعكة" المال العام.. وما زاد من حجم "الدّمار" الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي لحق الدولة طيلة السنوات الماضية هو اكتفاء المتداولين على السلطة والفاعلين السياسيين ب"الانتشاء" بما تحقق من مكاسب في مجال الحقوق والحريات والديمقراطية والتباهي به أمام العالم والاختفاء وراءه للتغطية على فشلهم في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، معتقدين أن ذلك سيشفع لهم أمام شعب طاله الفقر وتهدّده الجوع وأنهكته الفوضى والظروف المعيشية المتردية. وقد نسي هؤلاء أنه لا نجاح للديمقراطية ولا معنى للحريات وسط أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية متقلبة ووسط حالة من الفوضى وضعف الدولة. اليوم، مازالت هناك فرصة أمام الأطراف الحاكمة والفاعلة لتفادي ما وقع فيه السابقون وذلك من خلال الاهتمام أكثر بمشاغل الناس باقتصاد البلاد بالمجال التنموي ومزيد دعم مكاسب الديمقراطية والحرية. فبذلك يمكن استكمال تحقيق كامل أهداف الثورة. أما إذا ما واصلوا التمشي نفسه وارتكبوا الأخطاء نفسها فإن التاريخ سيصنفهم إلى جانب "حُكام العشرية" المنقضية الذين أجهضوا الثورة.. فاضل الطياشي