مع عودة التحكيم الأجنبي.. تعيينات حكام الجولة 5 "بلاي أوف" الرابطة الاولى    استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    ماذا في لقاء سعيد برئيسة اللجنة الوطنية الصلح الجزائي..؟    أخبار المال والأعمال    سليانة .. رئس الاتحاد الجهوي للفلاحة ...الثروة الغابية تقضي على البطالة وتجلب العملة الصعبة    وزير السّياحة: تشجيع الاستثمار و دفع نسق إحداث المشاريع الكبرى في المجال السّياحي    «الشروق» ترصد فاجعة قُبالة سواحل المنستير والمهدية انتشال 5 جُثث، إنقاذ 5 بحّارة والبحث عن مفقود    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    لدى لقائه فتحي النوري.. سعيد يؤكد ان معاملاتنا مع المؤسسات المالية العالمية لابد ان يتنزل في اختياراتنا الوطنية    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    حركة النهضة تصدر بيان هام..    بالثقافة والفن والرياضة والجامعة...التطبيع... استعمار ناعم    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    وزارة التعليم العالي: تونس تحتل المرتبة الثانية عربيًّا من حيث عدد الباحثين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    وزير الشباب والرياضة يستقبل اعضاء فريق مولدية بوسالم    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب الشابي في حوار ل «الشروق»..النهضة لم تقطع مع العنف.. وأقبل بالتحالف مع موسي بشروط

قال نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية لحزب أمل في حوار خاص مع «الشروق» إن حركة النهضة لم تقطع مع العنف وهي قادرة على ممارسته ، مضيفا أن الغنوشي وحركته لم يقدموا شيئا لتونس.
بداية كيف تقيّمون المنظومة السياسية التي تحكم منذ الثورة؟ المنظومة السياسية سواء التي كانت قبل دستور 2014 (الدستور الصغير) أو الدستور الحالي، تنظيم السلطات فيه العديد من المكاسب مثل لائحة الحقوق والحريات المضمونة من طرف المحكمة الدستورية واستقلال السلطة القضائية والهيئات المستقلة واللامركزية...كل هذه الاشياء جديدة ومكتسبة. لكن الهانة الكبيرة هي في العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، حيث قاموا سنة 2011 في الدستور الصغير بتحويل جميع السلطات من قرطاج الى القصبة وأصبح الرئيس رمزيا ومجرّدا من الصلاحيات والسبب كان بيّنا وهو أن حركة النهضة هي الحزب الأول وبالتالي هي من تشكّل الحكومة ومن تعود اليها كل السلطات. هذا الشيء تكرّر في دستور 2014 حيث تم منح كل السلطات الى رئيس الحكومة بينما السلطات التي لدى رئيس الجمهورية هي كلّها باستشارة مع رئيس الحكومة وبالتالي لا صلاحيات لديه وهذا الشيء شلّ السلطة التنفيذية سواء بين حمادي الجبالي ومنصف المرزوقي او بين يوسف الشاهد والمرحوم الباجي قايد السبسي او بين هشام المشيشي وقيس سعيّد. هنا اذا يجب اصلاح النظام السياسي والمشكلة ليست في النظام الانتخابي، فالأمريكان مثلا قاموا بحل هذه المشكلة في دستور 1787 حيث منحوا السلطة التشريعية الى الكونغرس والسلطة التنفيذية لشخص منتخب مباشرة من الشعب وفصل السلطات القضائية لتصبح مستقلة عنهما، وبالتالي هنا رئيس الجمهورية هو من يشكل الحكومة والحكومة هناك مؤسسات تراقبها.
في تونس يمكن ان يكون هناك دور رقابي للمجلس التشريعي فهو أولا دوره تشريعي لكن يمكن ان يكون له ايضا دور رقابي نسبي على السلطة التنفيذية لأنهما الاثنان يستمدان سلطتهما من الشعب وبالتالي تتحرّر الدولة من قبضة الاحزاب. هذا من حيث المنطق ما يجب أن يكون وهذا ما دافعت عليه سابقا وقبل الثورة حيث دافعت على وجود نظام رئاسي ديمقراطي لأن النظام الموجود الآن تم اعتماده بدافع الخوف من الحكم الفردي.
ألا ترى أن العقل السياسي الآن لم يصل الى هذه المرحلة من النضج؟
اقدم دستور جمهوري هو الدستور الامريكي بالطبع هناك البريطانيون قبلهم ولكن دستورهم لم يكن مكتوبا والأمريكان عندما أرادوا بناء دولتهم استأنسوا بالنظام البريطاني. نحن عندما كنا في لحظة تأسيسية كان المفروض ان نسأل أنفسنا ماذا يصلح بتونس؟ الآن لا بدّ الان من العودة الى الشعب ولا بد من استفاء الشعب على ماذا يريد، هل يريد نظاما برلمانيا ويظل بالتالي الوضع غير مستقر وتحكم الاحزاب في الحكم أو نظام رئاسي في اطار حرية الاعلام والفصل بين السلطات وغيرها.
في اطار «البلوكاج» السياسي الحاصل الآن، أين وصلتم في المبادرة الوطنية التي تقودونها لتهدئة منسوب التوتر بين الرؤساء الثلاثة؟
هذه المبادرة لم تقدّم لأنها لم تجد صدى لدى المعنيين وأتصوّر أنه لو كانت هناك امكانية لجلوس الرؤساء الثلاثة لحل الاشكال لوقعت. هناك صراع محتدم وآخره تصريح الرئيس حيث عبّر عن أنه لن يتراجع أبدا. نحن الآن في صراع له أبعاد شخصية حيث أن هشام المشيشي قام بتحوير ليس له مبرّر الا ازاحة الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية لذلك رد عليه قيس سعيد بالخروج من الدستور ليحاول بدوره المشيشي الخروج من الدستور واستفتاء أساتذة الدستور القانوني والمحكمة الادارية. لذلك الدعوى الى الحل لا يمكن أن تحملها الا القوى المدنية من نقابات ومنظمات مهنية ونخب، واذا لم يتجمع هؤلاء كلهم في قوة ضاغطة من أجل اجبار الاطراف المتنازعة على الجلوس حول مائدة مستديرة وطرح المشاكل السياسية للخروج من الأزمة، فالحوار يجب أن يكون أولا سياسيا. بالنسبة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية فالمسؤول عنها هي الدكتاتورية التي لم تترك نخبا مؤهلة لادارة البلاد. النخب التي كانت في المعارضة والتي احتلت الفراغ الذي احدثته الثورة في مستوى الدولة مجموعات ايديولوجية مقصية من المشاركة في الحياة الوطنية وكانت تعيش في السجون او المنفى وفاجأتهم الثورة كما فاجأت الشعب التونسي والعالم بأسره وتولّت السلطة ولم يكونوا مهيأين لها اطلاقا. النتيجة أن المهام التي طرحتها الثورة على المجتمع وهي التنمية العادلة والتشغيل كشرطين للكرامة الوطنية التي كان يطالب بها الشبان والجهات في 2011 لم تتحقق وأكثر من ذلك تراجعنا على جميع الاصعدة بمقارنة بسيطة مع أرقام 2010 التي لم نكن نرضى بها ولكنها أصبحت الآن حلما. وبالتالي المسؤول الأول هي النخب التي تعاقبت على الحكم منذ 2011 ودون استثناء حيث لم تكن لهم رؤية أو برنامج أو مقدرة. بالإضافة الى ذلك أن ازمة كورونا عقّدت الوضع أكثر، ووصلت البلاد اليوم الى أنها فقدت صدقيتها في الخارج ولم يعد لديها قدرة على خلاص ديونها فما بالك بأخذ قروض جديدة. نحن في حالة افلاس واذا لم تقع هبة ويقظة سياسية وارتفاع الى مستوى التحديات ستنهار البلاد بين أيدينا والمجهول هو ما ينتظرنا. الآن مطروح حوار وطني وهذا الحوار لا يمكن أن يأتي الا بالضغط، ضغط المجتمع المدني والمنظمات المهنية والمثقفين والأحزاب الوطنية لتعبئة الراي العام والضغط على الساسة للقبول بمطالبهم ، وهذا يمكن أن يكون في شكل حراك شعبي سلمي مسيّس وهادف وهذا شروطه الان غير متوفرة ولكن اما أن يتم هذا والا فإن البلاد ستخرج عن السكة وما عشناه في جانفي 2011 سنراه مجددا.
تعيش البلاد على وقع أزمة خانقة تداخل فيها القانوني بالدستوري، من تحمّله مسؤولية الانسداد المربك الذي نحن بصدده؟
إن تقييم الوضع بنظرة متفحصة وعميقة تحيلنا على ازمة دستورية قائمة على تنازع الصلاحيات بين رأسي السلطة التنفيذية، دستور 2014 أتى بحلّ لفصل هذه النزاعات عبر المحكمة الدستورية التي لم يتم إرسائها منذ 7 سنوات نتيجة سعي القوى السياسية إلى تطويع المحكمة لمصالحها الحزبية بعيدا عن البحث عن 12 قاضيا فاضلا يمكن أن نستأمنهم على سير الديمقراطية .
من ناحية أخرى المشيشي باتفاق مع النهضة وقلب تونس منذ يوم تشكيل الحكومة طرحوا ازاحة الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية، أعتقد أن المشيشي سياسيا أشعل النار ولكن من ناحية أخرى رئيس الجمهورية يساهم في تعطيل الدستور لأن تشكيل الحكومة ليس من صلاحياته وهو يريد التدخل في هذا المعطى. الرئيس هُزم سياسيا وليس من حقه تعطيل البلاد وليس من صلاحياته تأويل الدستور كما يدّعي وبالتالي قيس سعيد هو المسؤول عن الأزمة برفضه قبول أداء الوزراء اليمين الدستورية ولم يتصرف كرئيس جمهورية كما حدث سابقا في عهد الرئيس الباجي قائد السبسي والدستور لم يمنحه رفع «الفيتو» على التحوير الوزاري. ...لكن رئيس الجمهورية يعتبر أن السيد المشيشي خان الاتفاق المعنوي الذي جمعهما بانحيازه للنهضة وحلفائها؟ في هذا المضمار لا يمكنه إلا أن ينحى باللائمة على نفسه باختياره منطق الولاء له عند اختياره الشخصية الأقدر على الكفاءة والأهلية والصدق ، هو خيار سياسي ذهب فيه المشيشي بعقد صفقة مع النهضة وقلب تونس لتمرير حكومته وهذا لا يستقيم سياسيا وغير مقبول وأعتقد أن المبادئ تُقيّم سياسيا ولكن لا يمكن التعلّل بها لتعطيل الدولة ومن أكبر المبادئ احترام المؤسسات . انتخابات 2019 أفرزت برلمانا من أسوأ ما يكون ولكنه إفراز للصندوق وبالتالي يجب احترام مخرجاته ومنها هذه الحكومة التي حظيت بثقة المجلس حتى وإن لم نكن راضين عن تركيبتها ونتسبب بالتالي في تجاوز الدستور. قيس سعيد ليس قابلا بالديمقراطية التمثيلية التي اختارها الشعب التونسي لأنه يحمل رؤية أخرى للديمقراطية وله تقدير سلبي لكل الأحزاب. من خلال هذا الطرح الذي يسوّق له رئيس الجمهورية، هل تعتبره يشكّل خطرا على الانتقال الديمقراطي؟ خطر احتمالي ولكنه ليس خطرا كبيرا لأنه لا يملك قوة شعبية ولا يتجاوز عدد مناصريه 600 ألف من الناخبين والباقون كانوا في تصويت عقابي لنبيل القروي لا تأييدا لمشروعه، ولا يملك سندا سياسيا في البرلمان، وقوة الدولة التي يلوّح بها لا يمكن أن تسايره في مشروعه، فالجيش لن يحلّ البرلمان ويعتقل النواب فذلك ليس من تقاليده النبيلة والمؤسسة العسكرية لها من الحكمة والتبصر ما يجعلها تعلم أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستجرّ إلى الاحتراب الأهلي ، غير أن ما هذا لا يمنعني من القول أن الرئيس لا يؤمن بالديمقراطية بالشكل الذي أرسيناه ويلعب دورا تحريضيا ويدفع نحو التطاحن السياسي ولا نملك خيارا غير القبول به إلى آخر عهدته على أمل أن لا ينهيها هو بأعمال غير معقولة. رئيس الجمهورية تحدث عن استقالة هشام المشيشي كأحد المخارج الممكنة للأزمة الحالية، هل تساندون هذا الطّرح ؟
استقالة المشيشي هي خيار فردي يعود اليه ولا تعنيني لأن تونس مجّت عدم الاستقرار ولا أحد بإمكانه في المرحلة الحالية تعويضه إلا متى اتفق التونسيون على أن يصبروا على بعضهم البعض والابتعاد عن منطق الغنيمة . واليوم نحتاج إلى زعامة سياسية قادرة على تجميع كل الأطياف حول مشترك وطني وبرنامج واضح لتجاوز الأزمة مهما كانت الأسماء التي ستنفّذه وهو ما يغيب في الحالة التونسية. وكان علينا تجميع النخب التونسية ضمن مؤتمر إنقاذ وطني عوض الانهماك في الصراعات الشخصية ، ودعوة الرئيس قيس سعيّد الى استقالة المشيشي هي رغبة شخصية لا تلزمنا رغم أن رئيس الحكومة يتحمل قسطا هاما من المسؤولية بخياره الذهاب نحو تحوير وزاري لا يهدف إلا الى استفزاز رئيس الجمهورية باستبعاد الوزراء المحسوبين عليه باتفاق مع راشد الغنوشي الذي أعتبره أكبر المسؤولين عن الأزمة الحالية ولتسجيل نقاط سياسية ضدّ سعيّد، على أن هذا لا يبرّر لرئيس الدولة تعطيله للمؤسسات نتيجة هزيمة سياسية.
هناك من يعتبر أن المشيشي أصبح رهينة اليوم لدى حزامه السياسي وأداة لدى راشد الغنوشي، هل تشاطرون هذا التقييم ؟
هذا ممّا لا شكّ فيه، الحكومة الحالية لم تتشكّل إلا على أساس هذا التوجّه والتحوير كان متّفق عليه منذ نيل الثقة بإملاءات صريحة من الحزام البرلماني للمشيشي، هم يريدون مزيدا من التغلغل داخل مفاصل الدولة. وأعتقد أنه بات ضروريا اليوم تغيير هذه المنظومة القائمة بالطّرق السلمية والمؤسّساتية وهو السبيل الوحيد الى خلاص تونس. الطبيعة تأبى الفراغ وتنحّي هذه المنظومة التي انتهت صلاحيتها بات أمرا مفروضا عبر التشاور واستفتاء الشعب التونسي والذهاب نحو مؤتمر انقاذ وطني رغم ضعف حظوظ انعقاده لأن الطبقة السياسية الموجودة حاليا ليست في مستوى التحديات الوطنية. البعض يقيّم الصراع الحاصل على أنه معركة كسر عظام بين رئيس الجمهورية والبرلمان بالأساس يستعمل فيه المشيشي كرأس حربة لهذا النزاع، إلى أي مدى يصحّ هذا الطرح ؟ هذا الطّرح صحيح والأزمة بين سعيّد والغنوشي انطلقت قبل مجيء المشيشي بمعركة تنازع صلاحيات أطلقها رئيس البرلمان بحديثه عن الديبلوماسية البرلمانية وكان يستدعي الوزراء إلى مكتبه. وهذا تصرف عبثي رفضه رئيس الحكومة السّابق إلياس الفخفاخ، كلّهم انساقوا إلى المناورات حتى أن رئيس الجمهورية دفع رئيس الحكومة السابق إلى الاستقالة حتى تعود اليه المبادرة في تعيين الشخصية الأقدر. وهي ممارسة سياسية يجب على الشعب التونسي رفضها والتصدي لها.
في خضمّ الانسداد الحالي هناك أطراف سياسية تسوّق لفكرة الذهاب نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية، هل تعتبر ذلك مخرجا مناسبا ؟
هذا ليس مخرجا مطلقا رغم الحاجة الى حكومة ائتلافية انتقالية تنصرف لتسيير الأعمال تترافق مع الذهاب الى مفاهمات سياسية لإصلاح النظامين السياسي والانتخابي ولكن لم تتوفر إلى اليوم شروط إرسائها. هم اليوم عاجزون عن الجلوس الى طاولة واحدة ضمن مؤتمر وطني فما بالك بتخليهم عن السلطة. طالبت مؤخرا بنظام رئاسي ديمقراطي، كيف السبيل إلى ذلك ؟ قناعتي راسخة أن الشعب اليوم يريد نظاما رئاسيا وهذا من المواضيع التي يجب التشاور حولها بين جميع الاطراف وحتى داخل المجتمع المدني، إما بالذهاب نحو نظام رئاسي أو إقرار نظام برلماني حتى لا نبقى ضمن هذا النظام المشوّه وبالتالي يجب تخيير الشعب التونسي بين النظامين عبر الاستفتاء وهو الحقّ الذي عملت حركة النهضة على تجريد التونسيين منه رغم أنه من أوكد آليات ممارسة الشعب لسلطته.
فممارسة السلطة عن طريق الاستفتاء لا يقل أهمية عن ممارستها عبر نواب الشعب وهو من التقاليد الراسخة في الديمقراطية وأعتقد أنه بات من الضروري اليوم استنباط طريقة جديدة للاستفتاء باعتبار أن الدستور حصره في حالتين اثنتين بما ضيّق آليات ممارسة الشعب لسلطته.
في خضمّ الوضع الحالي ،كيف تقيّم الاداء السياسي للسيد راشد الغنوشي في المرحلة الراهنة ؟
من حقّ راشد الغنوشي أن تكون له طموحات قد تصل به الى حدّ التفكير في الوصول إلى قرطاج. وهذه ليست جريمة. وما يهمني الحديث عنه هو المشروع السياسي الذي يحمله. وهو مشروع «طائفي» بتمثيله لطائفة الإخوان المسلمين في اطار الاستراتيجية الدولية لهذا التنظيم الذي تعدّ تركيا جزءا منه. هو يريد التمكّن من الدولة التونسية لتحقيق المشروع المجتمعي والإقليمي للإسلام السياسي، وأعتقد أن حركة النهضة مازالت طائفة عقائدية لها شكل التنظيم السياسي وهي جزء من العملية السياسية الجارية منذ 10 سنوات ولكنها لم تتخل عن النظرة الشمولية. إذ بإسم قراءة محنطة للدين يعتبرون أنفسهم أوصياء على حياة الفرد. وهي الحركة الوحيدة التي مارست العنف في تونس وهو ما توثقه تفجيرات سوسة والمنستير وأحداث باب سويقة وغيرها وهي حقائق لا يمكن إنكارها وما كشفته هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي هي أدلة جدية وعلى القضاء إثبات ذلك والفصل في ما يعرف بالجهاز السرّي للحركة. قناعتي راسخة أن حركة النهضة لم تقطع مع العنف وهي قادرة على ممارسة العنف ، لا يجب أن نخشاها ولكن لا يجب مع ذلك دفعها نحو العنف لذلك لا بدّ من اتباع التمشي السياسي مع الالتزام باليقظة والحذر .
في الأثناء تتواصل المساعي لسحب الثقة من رئيس البرلمان من الكتل المعارضة له، هل تتوقعون لها مصيرا مغايرا للتجربة الأولى؟
سحب الثقة حقّ للنواب مع احترام الآليات الدستورية ، أعتقد أن راشد الغنوشي كان عنصر توتير داخل البرلمان ولم يساهم في تيسير عمل المجلس، وكان يدرك منذ البداية أن عليه اعتراضات من مختلف القوى السياسية صلب المؤسسة التشريعية باستثناء حركة النهضة و»حلفاء الظرف»، النهضة لها قدرة كبرى على المناورة وتحالفها القائم مع قلب تونس وائتلاف الكرامة يمكنها من جمع 100 صوت معارض ومع مناوراتها السياسية يمكن لها تجميع اكثر من 10 أصوات أخرى وبالتالي إفشال هذه المساعي.
أي مستقبل سياسي لراشد الغنوشي في ظل اتساع الانقسام حوله داخل حزبه وصلب البرلمان؟
أنا انسان ليبيرالي تحرري ديمقراطي، أعتقد أن كل انسان له الحق في الطموح وبالتالي أن يطمح في ان تستمر حياته السياسية فهذا حقه ولا اجادل فيه. ولكن ان كنت تسألني ما هو حكمي على راشد الغنوشي فأنا اعتقد ان الغنوشي شخصية وطنية وشخصية دولية. وهذا ليس سهلا وليس كل الناس يمكن ان يصنعوا لأنفسهم هذا الموقع. لكن اذا كان السؤال ماذا قدم الغنوشي والنهضة لتونس، فأنا واكبته منذ سنة 1984 ولم أر ايجابية واحدة. وفي رأيي هم مصدر توتر منذ أن تشكلوا الى اليوم.
أتمنى أن لا اكون قد ظلمتهم لأني لا احب الظلم ولكني بحثت طويلا ولم اجد اضافة ايجابية للبلاد وكل ما دافعوا عنه هو مصلحتهم الخاصة وحتى مفهومهم للديمقراطية هو منظور حقهم الخاص. لم اسمع عنهم يوما انهم دافعوا عن اشخاص آخرين لا يشاطرونهم الرأي ولا أتفكر ذلك. الظاهرة الاسلامية التي أسسها الغنوشي كانت دائما مصدرا للتوتر الدائم.
من مصلحة البلاد انسحاب راشد الغنوشي من الحياة السياسية؟
لا اسمح لنفسي بقول ذلك لأني احترم حقوق الناس، ولكن لو تقل لي صوت له لن أصوت له مثلا. كيف تقيّم اليوم عمل الحزب الدستوري الحر وزعيمته عبير موسي؟ قبل عبير موسي، هناك الدستوريون وأنا في أشد فترات الصراع مع نظام حكم بن علي كنت اعتقد بأنهم قوة وطنية وقوة اجتماعية، وتونس العصرية هذه وكل السياسات الاجتماعية التي وقعت في الخمسين سنة الماضية وهي عظيمة كانت من فعل الظاهرة الدستورية وهم من قادوا البلاد. السيئ هو الاستبداد السياسي الذي أخذ في عدة مراحل موقع الفساد وبن علي عندما أتى قال إنه سيحارب الفساد. اذا نحن عارضناهم على قضية الديمقراطية والحريات والمشاركة. وعندما وقعت الثورة دافعت عن الدستوريين عندما لم يتجرأ أحد على الدفاع عنهم. المهم عندما تعرضت عبير موسي لاعتداء في المحكمة بصفتها محامية دستورية استهجنت ذلك، اذا في مشكل الاجماليات والعموميات ليس لدي مشكل معها ومشكلتي مع عبير موسي والحزب الحر هو الخطاب الانتقامي من الثورة، لأنهم يعتبرون الثورة مؤامرة على تونس ولم تأت لتونس الا بالدمار وبالتالي العودة عما وقع وهو أمر مستحيل.
هل هذا الأمر عقبة أمام توحيد الصف الديمقراطي مع عبير موسي؟
أنا لا أعتبر عبير موسي عقبة بل أعتبر أن هذا الخطاب وهذا التوجه الانتقامي هو العقبة. واذا نضج هذا التوجه وأصبحت المسألة مسألة تدارك أخطاء الثورة ونواقصها من أجل التقدم بالثورة لانها ثورة اجتماعية شعبية وثورة سياسية عصرية وهي مرحلة من مراحل تطور تونس وهي في مستوى الاستقلال. فنحن تحررنا كأمة من الاستعباد لأننا كنا مسلوبي الحريات.
والثورة منحتنا حريتنا وحقوقنا ولم يكن هذا النقاش يقع لو لا الثورة. وبالتالي الحزب الهادف هو الذي يتجاوز أخطاءه واذا تجاوز الحزب الدستوري الحر أخطاءه. وانخرط في المسار الثوري ويتدارك أخطاءه فإنه يمكن أن يقع التقاء. والاقتراب من عبير موسي ممكن فقط في اطار المصالحة مع الثورة.
ما هو موقفك مما تقوم به كتلة ائتلاف الكرامة ورئيسها سيف الدين مخلوف؟
أنا رجل سياسي ولست رجلا ايديولوجيا ، الفرق بين الايديولوجي والفكر السياسي أن الاول فكر محنط ينفي الآخر وأنا لا أتبع هذا التمشي، أنا ديمقراطي تحرري أود أن تكون تونس بلدا يتسع للجميع. أفكار ائتلاف الكرامة لا أتقاسمها وما يمارسونه في البرلمان من مواقف وتصريحات مستنكر لأنها ليست تعبيرا عن آراء بقدر ما هي اعتداء على ما يوحّد المجتمع التونسي.
الأولى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.