دولة فقيرة في وطن غني ، هذا القول ينطبق على تونس البلد الغني بموارد طبيعية كبيرة وامكانيات بشرية عملاقة ورغم ذلك أكثر من 40 بالمائة من سكانه يعيشون الفقر والحرمان والخصاصة. تونس الدولة الفقيرة قدمت للمصانع والمؤسسات الاوروبية والأمريكية والكندية أكثر من 30 ألف مهندس في الخمس سنوات الأخيرة وقدمت للمستشفيات الفرنسية خلال نفس الفترة أكثر من ثلاثة الاف طبيب الى جانب الاف العمال والفنيين المختصين الذين كونتها دولة الاستقلال بأموال طائلة على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن. تونس الدولة الفقيرة فيها مئات آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية المهملة على امتداد كل الوطن في حين شعبها يجوع ويستورد غذائه من الخارج ويعيش شبابها البطالة ، تونس الدولة الفقيرة تضم أكثر من الف و200 كلم سواحل وشعبها غير قادر على الاصطياف وأكل السمك. تونس الدولة الفقيرة من أكبر منتجي الفسفاط في العالم وفلاحتها تستورد الأسمدة وتصدر آلاف الأطنان من زيت الزيتون وشعبها يلهث وراء الحصول على قارورة زيت مدعم مستورد. الوطن الغني يجب ان تكون فيه دولة غنية لا فقيرة تتسوّل وتبحث عن القروض ،مشكل الفساد طال أكثر من اللازم عشر سنوات وكل الحكومات تبشرنا بمحاربته لكن الفساد يستشري يوميا ويستفحل أكثر في كل أجهزة ودواليب الدولة. من حق التونسيين أن تكون حياتهم أفضل وهم يعيشون في وطن غني فقّره الحكام الذين تعاقبوا على حكمه منذ الاستقلال وايضا منذ حقبة الاستعمار... التوزيع العادل للثروة والإستغلال الأمثل للموارد والامكانيات هو الحل المطلوب اليوم ،لن نصدق الذين يتحدثون عن فقر تونس فتونس دولة لها إمكانيات كبيرة جدا طبيعية وبشرية وقادرة على النهوض والتقدم ... تحتاج تونس اليوم الى إصلاحات عميقة في كل المجالات وتحتاج الى صراحة أكبر وأعمق من الحكام وتحتاج أيضا الى كفاءات قادرة على تقديم التصورات وبلورة الأهداف وتحقيقها... مواردنا كافية لنعيش حياة أفضل والثروات الوطنية قادرة أن توفر حياة كريمة لكل التونسيين وأغلبهم يعيشون اليوم الخصاصة والفقر والكثير منهم مهدد اليوم بفقدان عمله... نحتاج في تونس الوطن الغني الى أفكار جديدة وحلول جدية نحتاج الى أن نتصالح مع بعضنا ومع أنفسنا ونحتاج الى أن ندرك أننا نعيش فعلا في وطن غني... سفيان الأسود