كان توقف ارتفاع الأسعار في الولاياتالمتحدة سبباً في إثارة حالة من الارتياح في وول ستريت، الأمر الذي أدى إلى تكهنات حول نهاية محتملة لارتفاع أسعار الفائدة. وأظهرت البيانات الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية أن نسبة التضخم تساوي صفر بين سبتمبر وأكتوبر، مع زيادة سنوية قدرها 3.2 بالمائة فقط، ويرجع ذلك أساسًا إلى الانخفاض الكبير في أسعار البنزين. وأثارت هذه المعطيات سلسلة من ردود الفعل في الأسواق المالية. وسرعان ما قام المستثمرون بتعديل توقعاتهم فيما يتعلق بالإجراءات المستقبلية لبنك الاحتياطي الفيدرالي. ويبدو الآن أن احتمال رفع سعر الفائدة في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية في ديسمبر صار أمرا مستبعدا للغاية. وحسب نتائج التداولات الفورية، فقد انخفضت أسعار السوق، مع هبوط العائد على سندات الحكومة الأميركية لعشر سنوات من 4.6 بالمائة إلى 4.45 بالمائة. وقد ساهم هذا الاتجاه التنازلي في تفضيل التقييم الحالي للأرباح المستقبلية، وأدى أيضًا إلى خفض تكاليف الإقراض. ونتيجة لذلك، أغلقت مؤشرات الأسهم على ارتفاع حاد، حيث ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.9 بالمائة وقفز مؤشر ناسداك للتكنولوجيا بنسبة 2.4 بالمائة. ويقول المحللون إن بنك الاحتياطي الفيدرالي، على الرغم من تصريحاته السابقة بشأن التشدد، ربما يكون قد أنهى دورة رفع أسعار الفائدة. فمنذ مارس 2022، ارتفعت أسعار الفائدة مما يزيد قليلاً عن الصفر إلى 5.25 بالمائة في شهر جويلية الماضي، لكن الركود الأخير في التضخم ألقى بظلال من الشك على هذا الاتجاه. بل إن البعض يذهب إلى حد الإعلان عن أن "التضخم قد مات"، كما يشير المستثمر من كاليفورنيا روس جيربر. وتظهر البيانات التفصيلية أن هذا الاستقرار في التضخم يرجع إلى حد كبير إلى انخفاض أسعار البنزين بنسبة 5 بالمائة في شهر واحد. وباستثناء الطاقة والغذاء، ارتفع المؤشر بنسبة 0.2 بالمائة فقط مقارنة بالشهر السابق و4 بالمائة على أساس سنوي، مسجلاً أدنى مستوى له منذ عامين. ويأتي جزء كبير من هذه الزيادة من قطاع الإسكان، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 6.7 بالمائة على الرغم من ارتفاع الأسعار خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية. ولم تتأخر ردود الفعل السياسية فقد رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن بهذا الاتجاه، مسلطا الضوء على انخفاض التضخم وعلى كفاحه لخفض التكاليف على الأسر. لكن على الرغم من هذه الأرقام المشجعة، تظهر استطلاعات الرأي أن الأميركيين غير مقتنعين بتقدم بايدن فيما يتعلق بالتضخم. كما حذر جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، من الانخداع بالأرقام الجيدة، مشددًا على الحاجة إلى اتباع نهج حذر على الرغم من هذا التوقف الواضح في التضخم. وبشكل عام، لقي هذا الركود المؤقت في التضخم ترحيباً من الأسواق المالية، ولكنه يثير أيضاً جدلاً حول الاتجاه الذي ستتخذه السياسة النقدية في المستقبل القريب. وستتم مراقبة التضخم في الأشهر المقبلة عن كثب لمعرفة ما إذا كان هذا التوقف في ارتفاع الأسعار مجرد فترة راحة أم بداية لاتجاه دائم، مع ما يترتب على ذلك من آثار كبيرة على الاقتصاد الأمريكي والأسواق العالمية. الأخبار