منذ سنة 2011 والى غاية العام الفارط، فقد الدينار 52 بالمائة من قيمته مقابل الدولار بسبب تنفيذ تونس لعدة برامج اقتراض مع صندوق النقد الدولي وتطبيقها لإملاءاته وهو ما شكل ضربة قاضية للعملة الوطنية، وذلك وفق مذكرة أصدرها اول أمس الاثنين 11 ديسمبر 2023 المرصد التونسي للاقتصاد بعنوان "العملات الوطنية تحت الهجوم: عمليات وآثار الإصلاحات النقدية التي يفرضها صندوق النقد الدولي في بلدان شامل أفريقيا". وبين المرصد ان تخفيض قيمة العملات الوطنية هو شرط رئيسي لبرامج التمويل التي يعتمدها صندوق النقد الدولي منذ الثمانينات، غير ان المؤسسة المالية الدولية غيرت منذ ذلك التاريخ نهج تخفيض قيمة العملة من خلال تبني مبدا استقلالية البنك المركزي. كما أصبحت تطالب صراحة بتخفيض قيمة العملة، وهو ما استجابت له تونس عند لجوئها اليها في العشرية الأخيرة مما تسبب في خسائر كبرى في سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية المرجعية، حسب مذكرة المرصد. في جانب اخر، تمت الإشارة الى ان صندوق النقد الدولي دفع تونس في العشرية الأخيرة، بشكل خاص، نحو دوامة التخفيض من قيمة العملة وذلك في إطار البرنامج الممدد لتسهيلاته. فقد فرض هذا الأخير شروطا تستوجب التحرير الكامل لتدفق رؤوس الأموال وخصوصا تلك المتعلقة بمغادرة رؤوس الأموال ما يؤدي بصفة واضحة وفعلية لفقدان البنك المركزي التونسي أي قدرة على التحكم في سياسة أسعار صرف العملة. وبينت مذكرة المرصد التونسي للاقتصاد انه وقع إجبار البنك المركزي التونسي على التنازل عن سلطته على تحديد قيمة الدينار ما يسمح لقوى السوق أن تحدد مساره. وقد مثل القانون الصادر في افريل 2016 والمتعلق باستقلالية البنك المركزي التونسي نقطة تحول في هذا الاتجاه فمن خلال مراجعاته المنضوية تحت اتفاق قرض سنة 2016 أيد صندوق النقد الدولي تخفيض قيمة الدينار التونسي رغم التأثيرات السلبية التي أضحت بينة أكثر فأكثر. وقد ساهم هذا التوجه لصندوق النقد الدولي المتمثل في التأكيد على مرونة سعر رصف العملة في مزيد تدهور قيمة الدينار التونسي، على حد تقدير المذكرة. يذكر ان رئيس الجمهورية قيس سعيد، كان قد أكد لكريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي لدى لقائه بها في جوان الفارط على هامش قمة "الميثاق المالي الجديد" التي عقدت في باريس أن وصفات الصندوق لتقديم الدعم المالي لتونس غير مقبولة لأنها ستمس بالسلم الأهلية التي ليس لها ثمن مذكّرا بما حصل في تونس بداية الثمانينات حين سقط مئات الشهداء بعد الإعلان عن رفع الدعم عن الحبوب ومشتقاتها. كما أكد رئيس الجمهورية على أنه لن يقبل بأن تسيل قطرة دم واحدة. ودعا رئيس الدولة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي إلى زيارة تونس في الوقت الذي تراه مناسبا حيث رحبت بهذه الدعوة. وختم رئيس الجمهورية لقائه بها مستلهما من شعر فيكتور هيغو بالقول "إذا لم يبق إلا واحدا يرفض هذه الشروط فسيكون محدثكم". الأخبار