نجحت تونس في تجنب نظام صرف يطيح بدعائم السياسة النقدية الوطنية، من خلال رفضها شروط صندوق النقد الدولي المتعلقة بتعويم الدينار وجعله قابلا للتحويل وذلك في اطار استكمال مسار ما تصفه مؤسسة "بروتن وودز" ب "الاصلاحات" الهيكلية التي تفرض عدة املاءات أهمها استقلالية البنك المركزي والتفريط في مؤسسات القطاع العام وتخلي الدولة عن دورها التعديلي، اقتصاديا واجتماعيا. واكدت، في هذا السياق، دراسة نشرها مؤخرا المرصد التونسي للاقتصاد حول تأثير إملاءات صندوق النقد الدولي على العملات الوطنية في بلدان شمال افريقيا، ان الصندوق ما فتئ ينصح الدولة التونسية بالقيام بتعديلات لقانون المبادلات الخارجية كخطوة هامة تسبق مفاوضات اي تمويل. وذكرت الدراسة، في هذا الصدد، بأنه وفقا لقانون التجارة والمبادلات الخارجية لسنة 1976، فإن الدينار التونسي لا يتمتع بالقدرة التحويلية الكاملة نحو العملات الأجنبية، إذ تنحصر هذه الخاصية في حالات التجارة والاستثمار المسموح بها . وأوضحت دراسة المرصد ان جهات ارست في سنة 2023 مناقشات حول مشروع قانون التبادل الخارجي بحجة تعصير نظام الصرف والتحرير المرحلي للعلاقات المالية مع بقية دول العالم علما ان من شأن هذا التمشي ان يؤدي الى المزيد من التأرجح في اسعار الصرف وهو ما يمكن ان يؤدي الى فقدان هامش التحكم في السياسات النقدية. ويمكن ان يسبب هذا الأمر كذلك تدفقا محتملا لرؤوس الأموال أو عدم ثبات أسعار الصرف علاوة على زيادة خطر التعرض للأزمات المالية. يذكر ان رئيس الدولة قيس سعيد كان قد عبر هذا العام بشكل حاسم عن رفضه لأي إملاءات خارجية من قبل جهات وأطراف مالية خارجية يمكن ان تستهدف الاستقرار الاقتصادي لتونس أو تربك سياستها النقدية الوطنية وهو ما أكده في عدة مناسبات لا سيما لدى لقائه بمحافظ البنك المركزي مروان العباسي أو بوزيرة المالية سهام نمصية. الأخبار