"مايكروسوفت".. كابلاتنا تضررت في البحر الأحمر    سكان واشنطن العاصمة يحتجون ويطالبون بخروج قوات الحرس الوطني من المدينة    اندلاع حريق كيميائي ضخم بولاية إنديانا الأمريكية والسلطات تصدر أوامر صارمة    بعثة اقتصادية في الجزائر    88 شركة بريد تُعلّق خدماتها مع الولايات المتحدة    أمطار منتظرة الليلة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    ضحاياها بالآلاف: مكاتب تشغيل وهميّة... أوكار للتحيّل    «المهاجران» تمثّل تونس في مهرجان «بهولنج» الدولي للمسرح بالهند    صابر الرباعي لفضل شاكر...شكرا لأنكم أعدتم التوازن للأغنية العربية    يسلّط الضوء على الجذور الأولى للصراع الفلسطيني الاسرائيلي: ظافر العابدين يحضر عرض «فلسطين 36» في «تورنتو»    أولا وأخيرا .. «اللّي حج حج واللّي عوّق عوّق»    وزارة الداخلية.. الدّولة لن تتخلى عن مسؤوليّاتها في الدّفاع عن حقوق المُستهلك والحفاظ على قدرته الشرائيّة    معرض مشترك    أمطار غزيرة ببوزقام: تسرب المياه وانهيار جسر قديم يربك الحركة    في مباراة ودية.. منتخب تونس الثاني ينهزم أمام مصر    نادي النصر الليبي يتعاقد مع اللاعب التونسي سعد بقير    نابل: الدورة الخامسة من الصالون الجهوي لنوادي الفنون التشكيلية والبصرية بدور الثقافة    وليد التونسي: دعاء التونسيين كان سندي وعجّل بشفائي    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد : النتائج والترتيب    وزير الشؤون الإسلامية يدعو الأئمة لإقامة صلاة الخسوف والدعاء للمصلّين    جندوبة الرياضية تتفوق وديا على الاولمبي الباجي 3-1    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    فيلم ''صوت هند رجب'' للمخرجة التونسية كوثر بن هنية يحصد 6 جوائز مرموقة في مهرجان البندقية    الزهروني: إيقاف منحرف نفّذ 3 براكاجات في وضح النهار استهدفت نساء    الخطوط التونسيّة تسجّل نتيجة صافية سلبية ب335 مليون دينار في 2021    الخبير الاقتصادي العربي بن بوهالي: التضخم في تونس يهدّد الادخار الوطني ويعمّق الفوارق الاجتماعية    تونس في مواجهة مصر: تفاصيل اللاعبين والموعد الرسمي للمباراتين    عاجل/ تخرّج أوّل دفعة للحرس البلدي..    عاجل/ تم ضبطهم بميناء حلق الوادي: هذا ما تقرّر ضد أفراد شبكة دولية لتهريب المخدرات    محرز الغنوشي: مطر و''تبروري'' في المرتفعات.. واللي يحب يبحر يقصد ربي    عاجل/ ارتفاع حصيلة شهداء التجويع في غزة    هيئة السوق المالية تدعو المستثمرين الى توخي اقصى درجات الحذر ازاء اي عرض استثماري مغر    عاجل: صدور نتائج حركة النقل الدورية للابتدائي.. التفاصيل على الرابط التالي    بالفيديو: أضرار فلاحية كبيرة بسبب التبروري في القصرين.. شاهد    غدا.. خسوف كامل والقمر "دموي"    حماية حقوق الطلاب والمستأجرين: نصائح قانونية مهمة من الأستاذ حسين الأقرم    وزير التجهيز يتعهد: مهلة أخيرة أمام المقاولين لتسريع لاستكمال ''إكس 20'' قبل نهاية 2025    وزير التشغيل يبحث مع سفير الاتحاد الأوروبي سبل مزيد تعزيز التعاون في مجال التشغيل والتكوين المهني    عاجل: مرض ''الإيبولا'' يعود من جديد    مركز الارشاد الجبائي عن بعد يتلقى اكثر من 15700 مكالمة الى أواخر شهر أوت المنقضي    سدد 21 طعنة لأمه.. شاب يرتكب "مذبحة" في حق عائلته    عاجل/ زلزال جديد يضرب أفغانستان    عاجل/ وصول جثمان الفقيد عبد القادر الذيبي إلى تونس    "حادث خطير" يُدخل لويس إنريكي غرفة العمليات    في الذكرى 69 لانبعاثه: الحرس الوطني يجدّد العهد لحماية الوطن.. #خبر_عاجل    عاجل/ أسطول الصمود العالمي يقترب من المياه الاقليمية التونسية    عاجل/ فيروس "إيبولا" يعود من جديد    كأس الكاف.. الكشف عن حكام مباريات الفرق التونسية    وزارة الصحة تُقر خطة عملية للوقاية والكشف المبكر عن السكري..    قفصة...35 وليّا صالحا .. أشهرهم سيدي منصور الإدريسي المغربي    الساحة الإعلامية تفقد المخرج التلفزيوني الكبير محمد الحاج سليمان    عاجل/ ارتفاع احتياطي العملة الصعبة    تراجع طفيف في نسبة التضخّم خلال شهر أوت.. #خبر_عاجل    عاجل/ تقلّص الإصابات بفيروس إلتهاب القصيبات الهوائية لدى الرضع بصفاقس    مأساة فلسطينية صادمة: القصة الحقيقية وراء فيلم ''صوت هند رجب''    أسطول الصمود يدعو القباطنة والربابنة وميكانيكيي السفن والبحّارة وطواقم السفن في كافة دول المغرب العربي إلى الانضمام إليه    قائمة المنتخبات المتأهلة تكبر... 48 منتخب جاهزين للانطلاق في كأس العالم 2026...تعرف عليهم    عاجل: انفراج أزمة الأدوية بداية من الأسبوع القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق .. حين تسود المصالح على حساب القيم
نشر في الشروق يوم 27 - 11 - 2024

يمثل موقف الولايات المتحدة الأخير بشأن قرارات المحكمة الجنائية الدولية تحديًا صارخًا للجهود العالمية الرامية إلى تعزيز العدالة الدولية، هذا التحدي تجلى بوضوح في ما تداولته وسائل إعلام صهيونية عن استعداد واشنطن لاستقبال وزير الدفاع الصهيوني المُقال يوآف غالانت رسميًا في واشنطن، رغم إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات جلب بحقه وبحق رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية.
إن استقبال غالانت في هذا التوقيت يُعتبر رسالة سياسية واضحة من واشنطن، فهي لا تكتفي برفض قرار المحكمة بل تسعى إلى تقويض أي محاولة دولية لمحاسبة المسؤولين الصهاينة عن الانتهاكات المرتكبة ضد الفلسطينيين، التي تشمل اتهامات بجرائم حرب وتهجير قسري وتجويع وتقتيل المدنيين العزّل، و هذا الدعم الأمريكي يرسخ ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي، ويعمّق الفجوة بين المبادئ التي تدّعي الولايات المتحدة الدفاع عنها وممارساتها على أرض الواقع.
فالمحكمة الجنائية الدولية تُعتبر إحدى ركائز النظام الدولي القائم على العدالة والمساءلة من الناحية النظرية، ومع ذلك، فإن القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة تسعى إلى تسييس هذه المؤسسة، ما يهدد مصداقيتها وقدرتها على فرض القانون، فالولايات المتحدة ليست فقط دولة غير موقعة على نظام روما الأساسي، الذي يحدد اختصاص المحكمة، بل إنها تعمل أيضًا على عرقلة جهود المحكمة لمساءلة حلفائها.
و في هذا السياق، يبرز الدعم الأمريكي غير المشروط للكيان الغاصب كعامل رئيسي يهدد النظام الدولي، فبدلًا من احترام القانون الدولي، تبدي واشنطن استعدادًا لاستغلال نفوذها السياسي لتعطيل أي خطوات قد تُضعف من موقف حلفائها، حتى وإن كان ذلك على حساب حقوق الشعوب التي تعاني من الاحتلال والقمع.
فاستقبال غالانت رغم الجدل القانوني يُرسل رسائل متعددة، فهو يؤكد، أولا، استمرار النهج الأمريكي التقليدي في توفير الغطاء السياسي للكيان الصهيوني، وهو ما يُفسَّر على أنه ضوء أخضر لارتكاب مزيد من الانتهاكات دون خشية المساءلة، وهو يضعف ثانيا الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق العدالة، حيث يعزز الانطباع بأن القانون الدولي يُطبق فقط على الدول الضعيفة أو غير المحمية من القوى الكبرى.
و على المستوى الأوسع، يُهدد موقف واشنطن بتقويض ثقة المجتمع الدولي في آليات العدالة العالمية، فحينما تتحدى دولة كبرى مثل الولايات المتحدة مؤسسة دولية، تُصبح مصداقية هذه المؤسسة محل شك، ما قد يؤدي إلى تآكل النظام القائم على القوانين واستبداله بمنطق القوة والنفوذ السياسي.
ومن المؤكد أن الموقف الأمريكي يتجاوز تأثيره السياق الإسرائيلي-الفلسطيني، إذ حينما تُضعف المحكمة الجنائية الدولية، تتضرر قدرتها على التدخل في نزاعات أخرى حول العالم، و بالتالي فإن ضحايا الجرائم في أماكن الصراع في عالمنا قد يفقدون الأمل في تحقيق العدالة إذا استمر الضغط السياسي في تقويض دور المحكمة، وعلاوة على ذلك، فإن هذا الموقف يُشجع الدول الأخرى على انتهاك القانون الدولي دون خوف من العقاب، مما يؤدي إلى تصاعد النزاعات وزيادة معاناة المدنيين.
إن التحدي الأمريكي الواضح للجنائية الدولية يثير أسئلة جدية حول مستقبل العدالة الدولية، فهل يمكن للنظام الدولي أن يستمر في ظل هذه الازدواجية؟ وما هي الآليات البديلة التي يمكن تبنيها لتعزيز المساءلة وضمان احترام القانون الدولي؟
فبدلًا من أن تُستخدم المحكمة الجنائية الدولية كأداة لتعزيز العدالة والسلام، أصبحت محل تجاذب سياسي بين القوى الكبرى، مما يُهدد بتدمير أي تقدم أُحرز على صعيد تعزيز سيادة القانون.
ويمكن القول ختامًا، إن موقف واشنطن الأخير يشكّل بلا ريب انتكاسة خطيرة للعدالة الدولية،فإذا أرادت الولايات المتحدة أن تحتفظ بدورها دوليا وهو ما يبدو صعبا في ظل المتغيرات العالمية، فعليها أن تلتزم بالمبادئ التي تدعو إليها، لا أن تتحدى المؤسسات التي تسعى لتحقيقها، فاستمرار هذا النهج سيؤدي فقط إلى عالم أكثر فوضوية، حيث تسود المصالح على حساب القيم، وحيث تُصبح العدالة حلمًا بعيد المنال للضحايا في جميع أنحاء العالم.
هاشم بوعزيز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.