اكد الدكتور عمرو الديب المحلل السياسي والمحاضر في معهد العلاقات الدولية والتاريخ العالمي بروسيا في لقاء مع «الشروق» ان العلاقة بين الولاياتالمتحدةالامريكية والمنظمات الدولية تشهد اسوأ مراحلها حيث تهاجم واشنطن بين الفينة والاخرى احدى المنظمات لأنها لا تتماشى مع مصالحها السياسية او الاقتصادية او العسكرية . تونس الشروق: واعتبر محدثنا ان واشنطن انسحبت من عدة منظمات دولية وهددت منظمات اخرى لأن هذه المؤسسات لا تخدم المخططات الامريكية في العالم .وفيما يلي نص الحوار . برأيك دكتور عمرو, لماذا تشنّ الولاياتالمتحدة هجمة شرسة على محكمة الجنايات الدولية ؟ في البداية عندما تم التصويت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية(نظام روما) عام 1998 عارضت 7 دول هذا النظام ومن بين هذه الدول الولاياتالمتحدة وكيان إسرائيل. فمنذ البداية والولاياتالمتحدة لا ترضى عن عمل هذه المحكمة. فنظام روما الأساسي خصوصا في مواده السادسة، السابعة والثامنة يجعل العديد من أفراد الجيش الأمريكي الذين شاركوا في حربي أفغانستان والعراق (2001 و2003) تحت طائلة هذا القانون. ثانيا: كافحت الولاياتالمتحدة سلطات المحكمة الجنائية الدولية بإصدار قانون» حماية أعضاء القوات المسلحة الأمريكية» وبعد ذلك منذ العام 2002 قامت الولاياتالمتحدة بتوقيع حوالي 180 إتفاقية ثنائية مع دول العالم لضمان عدم تسليم أي أفراد من الجيش الأميركي للمحكمة. وللعلم فقد عارضت الولاياتالمتحدة سير عمل المحكمة في عام 2015، عندما تم فتح تحقيق أولي ضد إسرائيل، للبت في جرائم حدثت على الأراضي الفلسطينية منذ العام 2014. لذلك معارضة الولاياتالمتحدة لعمل المحكمة تأتي بسبب وقوع جرائم كثيرة من جانب أفراد الجيش الأمريكي في كل من أفغانستان والعراق ما بين جرائم قتل وإبادة واغتصاب ممنهج، وأي محاولة لتقديم أمريكيين لهذه المحكمة سيبث الرعب في صدور كل من شارك في هذه الجرائم مما سيخلق إنطباعا لدى الجنود والقادة الجدد في الجيش بعدم قانونية أفعال إعتاد عليها الجيش الأميركي في حروبه، مما سيؤثر على مقدرة الجيش ونظام إطاعة الأوامر فيه كيف تقرأ تعالي واشنطن واستكبارها على المنظمات الدولية ؟ تعالي واشنطن على المنظمات الدولية، بدأ بشكل واضح عند قدوم إدارة الرئيس ترومب للبيت الأبيض، رأينا تعامله مع منظمة اليونسكو وإعلان انسحاب الولاياتالمتحدة منها، لمجرد مهاجمة منظمة اليونسكو لمصالح إسرائيل في القدسالمحتلة، رأينا أيضا استقطاعه لمبلغ 256 مليون دولار من دعم الولاياتالمتحدة للأمم المتحدة نفسها بسبب تصويت مضاد لمشاريع قرارات أمريكية. إذن ترى إدارة ترومب بأن الدعم الأمريكي المالي يجب أن يقابله خضوع كامل من جانب هذه المنظمات الدولية، وإلا سيكون هناك استقطاع للدعم ومهاجمة للشخصيات المعارضة وقد وصل الأمر للتهديد بعقوبات أمريكية على قضاة المحكمة الجنائية الدولية. الولاياتالمتحدةالأمريكية ترى نفسها الدولة الأهم في العالم لذلك . وهي نفس الممارسات التي تمارسها على دول كبرى مثل الصين، دول الإتحاد الأوروبي وروسيا. لماذا تتذكر الولاياتالمتحدة المنظمات الدولية في القضايا العربية وتتجاهلها حين تتعرض الى ملفات تحرجها ..نسألك هنا دكتور عمرو عن اسباب مثل هذه الازدواجية الامريكية ؟ بالفعل هناك ازدواجية أمريكية فيما يخص العلاقات الدولية، وهذه الازدواجية لا نراها فقط فيما يتصل بالدول العربية، لكن فى علاقات الولاياتالمتحدة مع باقي دول العالم. الازدواجية الأمريكية نابعة من رغبتها في التحكم الكامل بالعالم وعدم رغبتها بمعارضة أي دولة لسياساتها، سواء كانت هذه الدول كبرى (الصين وروسيا) أو دول صغيرة كالدول العربية، وفي سبيل تحقيق رغباتها تستخدم تارة القانون الأمريكي وتارة قانون العلاقات الدولية وتارة أخرى المنظمات الدولية في مساعي للوصول لأهدافها. مثلا في الوقت الذي تعارض فيها المحكمة الجنائية الدولية، وتتمسك بعمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فيما يخص سوريا والأوضاع فيها، تتمسك بعمل منظمة حظر الأسلحة النووية فيما يخص إيران. لذلك فالمنظمات الدولية ما هي إلا وسيلة في يد الولاياتالمتحدة للوصول لأغراضها، وما إن حدث عائق في سبيل تحقيق أهدافها، فيجب التخلص من هذه المنظمات. هل اصبحت امريكا الخادم الاكبر للاحتلال الاسرائيلي داخل بعض المنظمات الدولية ؟ بالفعل، وليس فقط تخدم الولاياتالمتحدة إسرائيل داخل المنظمات الدولية بل واشنطن تقدم المساعدة والدعم الى الاحتلال الصهيوني في كل الحقول والمجالات ومثال على هذا الدعم ما ذكرناه فيما يخص المحكمة الجنائية الدولية وفيما يخص منظمة اليونسكو . منظمات دولية في مرمى النيران الأمريكية تونس (الشروق) منذ وصوله الى سدة الحكم, انقلب الرئيس الامريكي على عدد كبير من المنظمات الدولية والاقليمية حيث انسحب من بعضها وراح يهدد البعض الآخر . فأول انسحاب قام به ترومب هو خروج بلاده من اتفاقية المناخ العالمي.كما انسحبت امريكا من الاتفاق النووي مع الايران . كما انسحبت من المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).. كما هدد الرئيس الامريكي بالانسحاب من عدة منظمات اخرى على غرار حلف الشمال الأطلسي «الناتو وكذلك هدد بالخروج من منظمة التجارة العالمية. وقامت امريكا مؤخرا بشن هجوم حاد على محكمة الجنايات الدولية . وفي نفس الاطار قام الرئيس الامريكي ترومب بوضع اتفاق ثنائي مع المكسيك بدلاً من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية والتي تتضمّن المكسيك وكندا وأمريكا . وكذلك قطعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترومب التمويل كليًا عن وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).