عندما يحين موعد الإفطار يبدأ الجائعون بالتهام كل ما بثه المطبخ ذاك اليوم... وبعد أن تتصحر الموائد وتتعب الأفواه من المضغ تعهد المسؤولية الى العيون لتلتهم الأطباق الأخرى التي تبثها التلفزة... وإذا كانت أطباق الموائد تنفخ البطون فإن ما تبثه الفضائيات يشفط ما تبقى في العقول... ثم ينام الجميع وهم يحلمون أنهم يمضغون... لأن مركز التحكم والسيطرة ليس في الرأس وإنما في المعدة... حتى الأفكار الكبرى تخضع للتطبيق الرمضاني... ميد من الحرية في اختيار طبق الافتتاح... مزيد من الحوارات وتراشح الأفكار حول كيفية تكريس التعددية الغذائية ومزيد من الشفافية في صنع الحلويات ومزيد من الأكلات التقليدية مواجهة العولمة ومحاربة ارهاب الزيوت المقلية مع مراعاة توصيات وشروط منظمة التغذية العالمية... وفي هذا المجال لا بد من الاعتراف بشطارة الفضائيات العربية التي التقطت الاحتياجات الفكرية والحضارية للمشاهد العربي في هذا الشهر الكريم فرصدت له برامج طبخ عديدة يقدمها طهاة مهرة قادرون على الاجابة على أسئلة المشاهدين المحرجة بكل حرية وشفافية... وفي غمرة التحريض الفضائي على الأكل... يخيل إلينا أن الأفواه في العالم العربي لا تفتح إلاّ... لتأكل.