تتواصل مسيرة الروائي الأمين السعيدي الأدبية بمنهجه الخاص في صناعة الحدث وتركيب الجملة وصياغة الاسلوب فهو الروائي الذي رحل بالقارئ بعيدا عن الكلاسيكية والسرد الذي يشبه الحكاية الى فلسفة الجملة وتعدد معانيها من خلال التكثيف. في روايته الجديدة "مواسم الريح" يأخذنا الروائي الأمين السعيدي الى عوالم يزدوج فيها الواقعي بالتخيلي فتنتح نصا ساحرا محوره غربة المثقف داخل مجتمعه. فالشخصية البطل "فاروق" يعيش صراعا من اجل تغيير مجتمعه نحو الأفضل فيختلط بالسذج والحمقى والمشعوذين ومدعيي الفهم في الأخلاق والسياسة والدين من اجل تغيير نظرتهم للحياة واعترافهم بالوهم الذي يسكن عقولهم من اجل صناعة مجتمع سليم مقتنع بالنقد الذاتي ولكنه يفشل في اقناع هذا المجتمع فيشعر بالغربة والوحدة والاضطراب. فقرر تغيير الارض بالسفر من اجل البحث عن مجتمع آخر يصلح للحياة فسافر مع زوجته الى أمريكا اين قاده الجسد واللذة الى الوقوع في عشق امراة اخرى ادت الى وفاة زوجته حين اكتشفت خيانته لها. في "مواسم الريح" يأخذنا الروائي الأمين السعيدي الى نص خطير مربك، يعيد ترتيب مفاهيم الانسانية في مزج عجيب بين مختلف العلوم الانسانية والفكر الفلسفي فينتج نصا عميقا مكثفا، يقطع مع المناهج القديمة ويؤسس لعوالم آخرى ممكنه. انتشرت روايات الأمين السعيدي في العالم وحققت مبيعات قياسية وترجمت الى لغات عديدة. " مواسم الريح" هي روايته السادسة بعد: - ظل الشوك - ضجيج العميان - المنفى الأخير - أحبها بلا ذاكرة - مدينة النساء ستصدر مواسم الريح في الأيام القليلة القادمة وهذا مقطع منها: نص من "مواسم الريح" "حين وصل فاروق الى الطابق الرابع تزاحمت في صدره الاحداث. اراد العودة الى زمن الصفاء، ما قبل اللقاء الاول بجورجينا، اليوم الذي فقد فيه ضميره ووطنه. لم يمنحه الجسد سعادة ولا أملاكه اطمئنانا... حتى اتت ساعة السلطة بلا عقل، ذلك العقل كان عظيما منتجا ثائرا على البنى القديمة العاجزة... اودع كنوزه برأس جورجينا فأنقذت حكمته من الاندثار... جسد فاروق الان يليق به التراب، سيعود إليه. يريد ان يبعث من جديد، شيء في قلبه يدفعه الى الرحيل، روحه تطلبها السماء شوقا... تلك الجنائز القديمة التي عايشها منذ طفولته تعبر أمام عينيه دفعة واحدة. اكتشف تعاسة الاحياء و سعادة الموتى. نور يخترق الفضاء فيصل إليه... وحده يرى الحقيقة عارية من كل سلطة! لا شيء من الدنيا يظهر إليه في هذه اللحظة غير بلور نافذه تكشف السماء... روح سعيدة تحلق، تغادر، تترك كائنات مضحكة خلفها تصارع أوهاما وخرافات لا حد لها... تداعى جسده و0علن في البسيطة موته."