انطلق أمس الأول، الأربعاء 05 جانفي 2005، في عدد من قاعات السينما، عرض فيلم، هو في الحقيقة قديم، ولكن تأخره جاء موافقا لتاريخ الكارثة الطبيعية الكبرى التي هزت المحيط الهندي منذ أيام مخلفة نحو 150 قتيلا. ويشبه الفيلم، ي مشاهده الأولى بالخصوص، المشاهد الحقيقية المفزعة التي تناقلتها كل التلفزات في العالم عن صور الفيديو الملتقطة أثناء بدء الكرثة، أي عند اجتياح البحر للمدن الساحلية جنوب آسيا. الكوارث الطبيعية ويحمل الفيلم عنوان «اليوم الموالي» أو «يوم ما بعد غد» (Le jour dصaprès)، عن سيناريو لرولان إيمريش وجيفري ماكمانوف إخراج رولان إيمريش صاحب الأفلام الفانتاستيكية، أو العجائبية الشهيرة مثل «يوم الاستقلال»، و»غودزيلا» و»ستار قيت»، و»الجندي الكوني». ويتناول الفيلم كما في شريط «غودزيلا»، الكوارث الطبيعية والبيئية التي يمكن أن تحدث على الكرة الأرضية نتيجة الاستغلال الفاحش للموارد الطبيعية، وفقدان التوازن البيئي، وارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض، وداخل البحار والمحيطات. ارتفاع درجة حرارة الأرض وفي «يوم ما بعد غد» الذي يقوم ببطولته الممثلون دنيس كيد، وجاك جيلنال، وإيان هولم، ينطلق السيناريست المخرج رولان إيمريش من فكرة ارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة تضاعف الغازات الصادرة عن مصانع الدول المتقدمة، وتأثيرها على المناخ.. ويحمل هذه الفكرة في الفيلم، عالم المناخ «جاك هال» (دنيس كيد) الذي يعلم السلطة بخطورة الوضع، منبها من وقوع تغير مناخي ربما يعود بالبشرية الى العصر الجليدي.. وبالفعل تبدأ ملامح توقعاته في الحدوث، بظهور عواصف بحرية عاتية، سرعان ما تتحول الى السواحل الأمريكية واليابانية والأوروبية، مجتاحة مدنا بأكملها كما حدث في زلزال آسيا الأخير. وفي هذه المشاهد من الفيلم، تتطابق الصور الرقمية التي صمّمها المخرج وخصوصا في اجتياح أمواج البحر العالية بلدية لوس أنجلس الأمريكية، مع صور الفيديو الحقيقية التي وقع التقاطها عند بدء كارثة «تسانومي»، وتحديدا عند فيضان البحر وخروجه الى المدن الساحلية في جنوب آسيا، وتدميرها بأكملها. العودة الى العصر الجليدي وفي الفيلم لا يتوقف المخرج عند مرحلة العواصف البحرية، واجتياح المياه لعديد المدن الساحلية الأمريكية، كما حدث إثر زلزال اسيا، بل يذهب الى ما هو أبعد محاولا تنبيه العالم، وخصوصا الدول المصنعة، من كوارث أخرى أكبر وأخطر.. فبعد العواصف تجتاح الشطر الشمالي من الكرة الأرضية، موجة برد قاتلة، تتحول المنطقة على إثرها الى كتلة جليدية، الأمر الذي يضطرّ سكان الولاياتالمتحدةالأمريكية مثلا، الى الهجرة الى الجنوب، وتحديدا الى المكسيك. اعتذار من رئيس أمريكا! ويعمد المخرج الأمريكي في هذه اللحظة الافتراضية، الى قلب مفهوم الهجرة. ففي الواقع ترتبط الهجرة عادة بدول الجنوب الفقيرة التى يحلم سكانها بالهجرة الى دول الشمال بحثا عن الشغل، ولكن في الفيلم يحدث العكس حيث يصبح حلم الهجرة هاجسا عند سكان الشمال طمعا في قليل من الدفء يحنّ به عليهم أهل الجنوب من الدول الفقيرة.. ولعل أهم جملة تذكر في الفيلم على لسان رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية هي اعتذاره لسكان دول الجنوب أو الدول الفقيرة، الذين لم يضعوا أمامهم حواجز عندما اشتدّت بهم الأزمة، وفقدوا كلّ ما لديهم. ويجمع المخرج في المشاهد الأخيرة من الفيلم، كل النازحين من الولاياتالمتحدةالأمريكية بما فيهم الرئيس، في ملاجئ ومخيمات يقع نصبها في المكسيك، أحد الدول الفقيرة في القارة الأمريكية. هكذا يمكن أن تقلب الطبيعة كل المفاهيم، ولكن في السينما والروايات، أما في الواقع، فكارثة «تسانومي» مثلا لم تضرب سوى دول الجنوب الفقيرة.