فشل النجم الساحلي وأهدر دم الكرة التونسية في وقت دقيق جدا تستعد فيه بلادنا لاحتضان نهائيات كأس افريقيا للأمم.. فشل النجم وخسر فرصة ردّ الاعتبار لكرتنا العليلة وخسر معها جيلا بأكمله وجمهورا كان يشد أزر الفريق. أخطأ السويح.. وتاه سيف غزال ونام زبير بية ولا فائدة من وجود عثمان جنيح.. حضر الجمهور وخسر الكثير خاصة في «السوق السوداء» لكنه لم يجن غير الهواء والجوع والعطش في وقت غادر فيه اللاعبون الملعب خاسئين. ماذا يفعل قيس الزواغي وأحمد الحامي وابراهيما كوني.. وكيف يغامر السويح باقحام حارس نيجيري ليصدّ هجوم المنافس النيجيري وكيف اختار مهاجما نيجيريا ليسجل لدفاع المنافس النيجيري.. فهل هذا تخطيط.. أم جنون؟ سوسة صامت طوال هذه المدة وأفطرت على جوع.. فمن يتحمل المسؤولية رئيس الجمعية الذي نادى الكثير بابعاده أم المدرب الذي زاده الجمهور مرضا على مرض.. أم اللاعبون أنفسهم وخاصة زبير بية هذا الذي عاد بعد ان «انتهت فلوسه»..؟ و.. و.. و.. كلام كثير كان سيقال ويحبر.. وجسد النجم الساحلي كان سيذهب هباء منثورا بين انياب المنتظرين لسقوطه والممثلين عليه صباحا مساء وقبل الصباح وبعد المساء وخاصة «يوم الأحد». كلام كثير كان سيملأ الآذان ويدمي القلوب ويعبث بهذا الصرح الشامخ ويتطاول على النجمة التونسية الأصيلة التي كثيرا ما حملت على ظهرها أوزار كرتنا ومثلتنا أحسن تمثيلا. كلام كثير كان سيصدّع أركان البيت الساحلي الجميل ويحوّله إلى مزبلة للقاذورات خارجة من أفواه بعض الذين لا يندسون وسط الصفوف إلا عند الربح.. ولا يتصيّدون فرص البطولة إلا داخل الأجواء الكئيبة والمياه العكرة. كلام كثير كان سيرى النور وبعضهم سيجعل من «جليوس برغر» فرعونا افريقيا لا يقهر.. وبعضهم سيخرج لسانه للنجم و»سيبصق» في وجوه لاعبيه ومدربه ومسؤوليه معتمدا أحداثا أكل عليها الدهر وشرب. كلام كثير كانت ستسمعه أمهات اللاعبين وزوجاتهم واخواتهم وحتى جاراتهم وصديقاتهم من بعض الجماهير المرابطة على ربوة انتظار زلة رفض النجم أن تأتي وان تزيد في اتساع الجرح. كلام كثير كان سيسمعه رئيس النادي بالخصوص لأنه من راهن على عودة بية وتشبث بعمار السويح وشجع «الوجود الأجنبي» وغامر ببعض الشبان ورفض سماع النصيحة من أقرب المقربين. كلام كثير كان سيقال عن النجم وعن خيبته الافريقية وعدم قدرته على الانتفاض من تحت انقاض الوجع تردّ الاعتبار للكرة التونسية.. وعدم امتلاكه لأدوات النجاح وعدم تجاوزه مهما فعل لمن سبقوه في المهمات الافريقية وخرجوا تباعا في وقت قاتل. كلام كثير كان سيقال رغم أنف الجميع.. ورغم الأرقام التي تشهد على هذه النقلة النوعية في حياة الجمعية.. لأن بعضها مصاب بعمى الألوان.. اضافة إلى آفتي «قلبان الفيستة» والبهتان. كلام كثير كان سيقال ليفجّر انهارا من الآلام والدموع.. وكأنه لا ينقصنا إلا قلب المواجع والتسبب في الفواجع. كلام كثير كان سيقال وستدافع عنه الأغلبية الساحقة تحت تأثير الصدمة.. وبالتالي لا تسألوا لماذا خرج عمار السويح باكيا.. ولم يلمس هذه الكأس بأصابعه وهو الذي ضحى من أجلها بصمت الجبال.. ولا تسألوا لماذا خرج طفل صغير من جسد عثمان جنيح وهو يتقبل التهاني وكأنه ينال أول هدية في حياته.. ولا تسألوه أيضا لماذا تقاذفته أيادي اللاعبين اعترافا وتبجيلا وردّا على المشككين.. ولا تسألوا زبير بية عن سرّ فرحته العشوائية وهو الذي كان مدربا.. ولاعبا ومسيّرا في فترة حساسة جدا من عمر شبان الفريق.. ولا تسألوا سيف غزال لماذا سجد ثلاثا عندما سجل أوبياكور هدفه الثالث.. ولا تسألوا رضوان الصاحلي عن سرّ دموعه رغم انه كان أول من قبض على هذه الكأس من أبناء الجوهرة.. ولا تسألوا لماذا اهتزت سوسة.. كل سوسة وهي تقبض على الفرحة الافريقية وكانت تستعد لاحتمالين ثانيهما سمّ زعاف.. ولا تسألوا لماذا كان «الطايح أكثر من الواقف» عند التصفيرة النهائية للحكم.. خاصة ان الجميع كانوا آيلين للسقوط.. ولا تسألوا فقط قوللوا ان النجم الساحلي أكبر من أن تتقاذفه ألسنة السوء.. وان عثمان جنيح ابن بار للنجم لم يدخله رغبة في الكسب.. وان عمار السويح تونسي لحما ودما فلماذا يستبيح البعض دمه في وقت يعرف القاصي والداني تضحيته بصحته وعائلته.. وان زبير بية «مازال فيه ما يتمشمش» بل هو أفضل من يملك خاصيات «معلّم» الوسط.. وان سيف غزال أضاع ركلة جزاء لكن مستقبله سيظل وضاء.. وان الحارس أوستين ملأ العين.. وان أوبياكور معشوق الجمهور.. وان أحمد الحامي جاء إلى النجم ل»يخدم على روحو» ومردوده طوال كل مبارياته كان رائعا. قولوا فقط ان «نجمة» الساحل لوحدها كانت قادرة على التحليق.. بعيدا عن كل نفخ وكل تدليس لنسأل فقط البعض الآخر: متى تستفيق..؟ على جناح الأمل بعضهم استكثر على انصار ولاعبي ومسؤولي النجم تلك الانهار من الدموع بعد رفع «كأس» افريقيا.. ونسى انه يبكي لمجرد رفع كأس.. (حاشى الشهر).